سورة الزمر للشيخ خالد الجليل

MultiHoster

الردود على الافتراءات المثارة عن زواج سيدنا محمد من أمنا عائشة

بسم الله الرحمن الرحيم

و الصلاة و السلام على سيدنا محمد خير خلق الله

بفضل الله تم الانتهاء من الفيلم الوثائقي القصير * قصة زواج * ويعتبر من أقوي الردود على الافتراءات المثارة عن زواج سيدنا محمد من أمنا عائشة

 

فيا أنصار رسول الله فلنتعاون جميعا على الدفاع عن رسول الله و ننشر الفيديو على أوسع نطاق

 

 

 

قناة موقع نصرة رسول الله على اليوتيوب

To say that something is wrong or not, you have to say it is wrong because of what; because it is violating what.

Please check this video to know the truth about Prophet Mohammad & Aisha's Marriage.

 

If you want to read the perfect love story, I recommend that you don't read "Romeo and Juliet" but Read the story of Muhammad and Aisha, in the very words of Aisha herself explaining how beautiful this relationship was between her and Prophet Muhammad (PBUH)

 

            

Sponsored by 
Khalifa Al Hammadi
 
لمن يريد رعاية انتاج الأفلام الوثائقية بموقع نصرة رسول الله  الرجاء مراسلة
 

السبت، 27 أغسطس 2011

اغتيال العلماء العرب


"يحي المشد"

في الثالث عشر من يونيو/حزيران عام 1980 وفى حجرة رقم 941 بفندق الميريديان بباريس عُثر على الدكتور يحيى المشد جثة هامدة مهشمة الرأس وقيدت القضيه ضد مجهول رغم ان كل العالم كان على علم بان الموساد الاسرائيلي هو من قام بهده العملية. فجهاز الموساد له تاريخ حافل بمثل هذه الاعمال ضد العلماء ابرزها: خطف العالم الألماني هيتز كروج: ففي 11 ستبمر 1962، تمت جريمة اختطافه ، وهيتز كروج هوأحد العلماء الألمان العاملين في مجال الصواريخ في مصر حيث تم إختطافه في ميونيخ حين كان يقوم بعمليات شراء الأدوات والمعدات الأزمة لبرنامج الصواريخ المصري من الأسواق الألمانية . وفي عام 1963 جرت محاولة اختطاف أبنة العالم الألماني بول جيركي: حيث استدرج عميلين للموساد هما جوزيف بن جال وأتوجوكليك إبنة العالم الألماني الدكتور بول جيركي ـ وهو من العاملين بمصر إلى منطقة الحدود السويسرية الألمانية لاختطافها، وقد ألقي البوليس السويسري القبض عليهما وأدينا في الحادث.

الإعلام المصري لم يسلط الضوء بما يكفي على قصة اغتيال المشد رغم أهميتها، ولعل توقيت هذه القصة وسط أحداث سياسية شاحنة انذاك جعلها أقل أهمية مقارنة بهذه الأحداث !! وبقي ملف المشد مقفولاً، وبقيت نتيجة التحريات أن الفاعل مجهول.. وأصبح المشد واحداً من سلسلة من علماء العرب المتميزين الذين تم تصفيتهم على يد الموساد..

الاغتيالات دائما ما تحاط بالتعتيم الإعلامي والسرية والشكوك المتعددة حول طريقة الاغتيال، لكن عمق المأساة في قصة اغتيال الدكتور يحيى المشد يلخص في جانب من جوانبه عمق الإحباط العربي وخجل الإرادة السياسية يتشح الغيورون بالسواد على دم واحد منا أراد يوماً ما أن يكون لنا مخلب –ولو صغير- نهش به مخالب الذين يكتمون أنفاسنا، ثم دفع في مقابل ذلك أغلى ما يملك. وحيداً في مدينة باردة.

ولد في بنها عام 1932، وتعلم في مدارس طنطا وحصل على بكالوريوس الهندسة، قسم الكهرباء بجامعة الاسكندرية، وكان ترتيبه الثالث على دفعته مما أتاح له الفرصة للحصول على بعثة دراسية في عام 1956م لنيل درجة الدكتوراه من جامعة كامبردج ببريطانيا، ونتيجة للعدوان الثلاثي تم تغيير مسار البعثة التي التحق بها إلى موسكو دوان الثلاثي على مصر حولها إلى موسكو، تزوج وسافر وقضى هناك ست سنوات عاد بعدها عام 1963. ، وسافر إلى النرويج عامي 63 و1964 لعمل بعض الدراسات، ثم انضم بعد ذلك للعمل كأستاذ مساعد ثم كأستاذ بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية. وأشرف الدكتور المشد في فترة تدريسه بالكلية على أكثر من 30 رسالة دكتوراه، ونُشر باسمه خمسون بحثاً علميًّا، تركزت معظمها على تصميم المفاعلات النووية ومجال التحكم في المعاملات النووية. الدكتور يحيى المشد متخصصاً في هندسة المفاعلات النووية، التحق بهيئة الطاقة الذرية المصرية، التي كان أنشأها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، الذي أمر أيضاً قبل ذلك بعام بإنشاء قسم للهندسة النووية في جامعة الإسكندرية، انتقل إليه المشد، حتى صار رئيسه عام 1968 بعد سنوات قليلة من جلوسه وراء هذه النافذة حمل الرجل عصاه ومضى تاركاً تلاميذه لمصيرهم.

لكن بعد حرب يونيه 1967 توقف البرنامج النووي المصري تماما، ووجد كثير من العلماء والخبراء المصريين في هذا المجال أنفسهم مجمدين عن العمل الجاد، أو مواصلة الأبحاث في مجالهم، وبعد حرب 1973 وبسبب الظروف الاقتصادية لسنوات الاستعداد للحرب أعطيت الأولوية لإعادة بناء المصانع، ومشروعات البنية الأساسية، وتخفيف المعاناة عن جماهير الشعب المصري التي تحملت سنوات مرحلة الصمود وإعادة بناء القوات المسلحة من أجل الحرب، وبالتالي لم يحظ البرنامج النووي المصري في ذلك الوقت بالاهتمام الجاد والكافي الذي يعيد بعث الحياة من جديد في مشروعاته المجمدة.

بعد حرب اكتوبر 1973 وانفجار اسعر النفط ، ووصول (فاليري جيسكار دي ستان) إلى سدة الحكم في فرنسا في عام 1974 . البترول كان عنصر من العناصر التي أخذت في اعتبار متخذي القرار الفرنسي، (جيسكار دي ستان) هو أول من باع السلاح للعالم العربي باعه.. باع طائرات الميراج لمصر قبل الفترة التي نتحدث عنها بحوالي خمس سنوات عام 75 إنما كان هناك نفطة محظورة وهي المجال النووي، وفي عام 1975 كان -صدام حسين- في زيارة لفرنسا، وكانت على جدول أعماله جولة بصحبة رئيس الوزراء الفرنسي –آنذاك- (جاك شيراك) لتفقد مركز الطاقة النووية الفرنسي في منطقة (كتراج) بالقرب من (مارسيليا) في جنوب فرنسا، تقول مصادر غربية إن الزعيمين احتفلا لدى نهاية الزيارة بتوقيع صفقة لم تبلغ بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ليس لدينا دليل على ذلك.. : بعد ذلك بعام.. عام 76 كان (جاك شيراك) يرد الزيارة، في تلك الآونة كانت دول أوروبية قد استحدثت أسلوب الطرد المركزي لاستخلاص اليورانيوم 235 بنسبة تخصيب تصل إلى 93%، ما يغني عن الحاجة إلى إنشاء مفاعل ضخم لإنتاج البولتنيوم 239. والرئيس (دي ستان) أراد ألا يخسر العقود التي وقعت مع العراق، لأنها كانت عقوداً دسمة للصناعات التسليحية الفرنسية، وفي الوقت ذاته حاول أن لا يتهم بأنه يساعد على الانتشار النووي، ماذا فعل يومها؟ طلب من المفوضية النووية إنتاج وقود اسمه "وقود كراميل" يعني بدل أن مخصب بنسبة 97.. 94% من اليورانيوم المخصب أن يكون مخصباً فقط بنسبة 7%، يعني أن يُشغل مفاعل أوزيراك التي باعته فرنسا، ولكن هذا الوقود يكون عاجزاً عن إنتاج القنبلة النووية. في حينها أصر العراق أنه هناك عقد بين العراق وبين المؤسسات الفرنسية يفترض أن يتسلم مفاعل بنفس المواصفات العلمية التكنولوجية، لأن لا يستطيع (الكراميل) أن ينتج طاقة نووية بنفس المواصفات ، هذا إذا.. فعلاً صح تكهنات العلماء، واستطاعوا الوصول في حينه إلى إنتاج الكراميل وتحوير قلب المفاعل إلى آخره من التفاصيل التقنية.
ودَّع يحيى المشد وراءه حلماً غالياً في مصر، لم يجده تماماً في الجامعة التكنولوجيا في العراق. في هذه المختبرات التي جمَّعها آلة بآلة كان يجد مع تلاميذه قليلاً من العزاء. لكن مصر في تلك الأثناء كانت تتجه في طريق آخر، وقع السادات اتفاقية السلام مع اسرائيل ، وتزعم العراق جبهة الصمود والتصدي، فضرب المشد جذوراً أعمق في العراق.
يقول الدكتور منذر التكريتي (رئيس القسم الذي عمل به المشد سابقاً): والله في واحد نيسان 1975 تم تأسيس الجامعة التكنولوجية، وكان ليَّ الشرف أن أكون عضو في أول مجلس جامعة، وكذلك أن عُهد لي تأسيس وإدارة قسم هندسة السيطرة والنظم ما يسمى باللغة الإنجليزية( Control and system engineering Department) وكانت المهمة كبيرة وملحة، ولم يكن الوقت في صالحنا في ذلك الوقت، ولذلك قررنا الاستعانة بأشقائنا العرب، وبالذات من مصر العروبة، وتم التعاقد مع عدد من الأساتذة المرموقين المصريين وكان من ضمن هذه النخبة الخيرة المرحوم الدكتور يحيى المشد. كان يحب عائلته، حسب ما ذكر بالاختلاط، عائلي يعني Family man، كان قومي، يعني قومي في تفكيره وقومي في تصرفه، يعني هو أخ عربي عزيز مصري، يعمل في العراق، لم يلاحظ عليه أبداً إنه يتصرف وكأنه مصري بل تصرف وكأنه عربي يسكن في بلده.
أما الدكتور داخل جريو (رئيس الجامعة التكنولوجية):كانت هناك حاجة ملحة إلى ملكات هندسية رفيعة المستوى العلمي وعالية التأهيل وبأعداد كبير، حيث شهد القطر في ذلك الوقت على ما أطلق عليه بخطة التنمية الانفجارية والحاجة إلى الملكات والكوادر الهندسية، فجاء تأسيس الجامعة التكنولوجية. على هامش عمله في الجامعة التكنولوجية سمح للمشد بالتردد أثناء عطلته الأسبوعية على منظمة الطاقة الذرية العراقية، إلى أن جاء العام الذي وقع السادات فيه ما يوصف بمعاهدة السلام.
اما الدكتورد. صالح القرغولي (تلميذ المشد – والذى تولى رئاسة القسم بعد اغتيال المشد: ا بالحقيقة كان انتعاش تلك الفترة حيث تأسست الجامعة والأجهزة حديثة جداً، فكان دائماً يطلعنا على كل جديد من الاجهزة يرد للقسم ودائماً يعطينا التجارب ذات العلاقة وكيف تطورها، كان يؤكد على التطوير، تطوير الأجهزة، جهاز يوجد جديد نطلع على تفاصيله، ثم كيف نطوره.
وفي مطلع 1975 كان العراق وقتها يملك طموحات كبيرة لامتلاك كافة أسباب القوة؛ فوقّع في 18 نوفمبر عام 1975 اتفاقاً مع فرنسا للتعاون النووي.. من هنا جاء عقد العمل للدكتور يحيى المشد العالم المصري والذي يعد من القلائل البارزين في مجال المشروعات النووية وقتها، ووافق المشد على العرض العراقي لتوافر الإمكانيات والأجهزة العلمية والإنفاق السخي على مشروعات البرنامج النووي العراقي. وبين عامي 78 و 82 كانت طموح العراق في المجال النووي قد بلغ ذروته وكان تربص أطراف أخرى بهذا الطموح قد بلغ أيضاً ذروته، بدأ مسلسل درامي من الأحداث، استخدم فيه المسموح وغير المسموح، دموي في معظم الأحيان كان أحد ضحاياه عالم مصري له قلب ريفي وضمير عربي ووجه عادي، وعقل غير عادي.
يعلق الدكتور فاضل محمد علي (رئيس الاتحاد العربي للفيزياء الحيوية): في عام 1979 وقَّع الدكتور المشد عقد مع هيئة الطاقة الذرية، كان في الجامعة التكنولوجية وبيعمل فيها، وهذا لا يمنع التعاون العلمي في مجال أبحاث علمية تسير بين الجامعة، كما يحصل في مصر وفي أي مكان في العالم..
بعيد التحاق يحيى المشد بمنظمة الطاقة الذرية العراقية هبط في مطار (إير) قرب مدينة (تولون) في جنوب فرنسا فريق من ثلاث أشخاص قدموا في رحلة داخلية من باريس، عندما وصلوا إلى (تولون) توجهوا إلى محطة القطار حيث أستأجروا سيارة من طراز (رينو 12) قادوها إلى فيلا قريبة، داخلها كان أربعة آخرون في انتظارهم، هؤلاء، تقول مصادر فرنسية إنهم من عملاء جهاز الاستخبارات الصهيوني "الموساد"، باتوا ليلتهم يرسمون خطة تخريبية.
في اليوم التالي الخامس من أبريل نيسان عام 79 توجه المخربون في طريقهم إلى مرفأ صغير، غربي تولون يدعى (لاسين سومير) كانت هذه جولة استطلاعية أرادوا من وراءها تحديد موقع جريمتهم، في هذا الموقع، في مخزن بعينه يشبه هذه المخازن كانت تقبع درة التعاون العراقي الفرنسي تمهيداً لشحنها عن طريق مارسيليا إلى بغداد بعد أيام معدودة.
وضع زوار الليل لمساتهم الأخيرة على خطتهم قبل أن يعودوا تحت جنح الظلام، فيما يراد لنا أن نفهم أن خطتهم الأولى كانت سرقة قلبي المفاعلين العراقيين "إيزيس" و"أوزوريس" كما سماهم الفرنسيون أو كما سماهم العراقيون "تموز 1"، و"تموز 2" في يسر تسللوا إلى الداخل، وفي يسر ميزوا الشحنة العراقية من بين شحنات أخرى مماثلة، وفي يسر تسرب الوقت فلجأوا إلى خطتهم البديلة، فجروا قلبي المفاعلين ولاذوا بالفرار.

أشيرت أصابع الاتهام حول الموساد.. وبنفس الوقت تم الإشادة في حينها يعني ببراعة العملية، كيف وصلوا هؤلاء الجناة إلى هذا المكان على الرغم من إنه وجود حراسة، على الرغم إنه العملية هي تتم برعاية السلطات الفرنسية، الأجهزة الأمنية المختصة لحماية هذا الجهاز أو هذا القلب لكي ينقل من المصنع إلى البحر، لكي ينقل إلى مكان اللي هو مكان معلوم في العراق.
الغريب أيضا والمثير للشكوك أن الفرنسيين صمّموا على أن يأتي المشد بنفسه ليتسلم شحنة اليورانيوم، رغم أن هذا عمل يقوم به أي مهندس عادي كما ذكر لهم في العراق بناء على رواية زوجته، إلا أنهم في العراق وثقوا فيه بعدما استطاع كشف أن شحنة اليورانيوم التي أرسلت من فرنسا غير مطابقة للمواصفات، وبالتالي أكدوا له أن سفره له أهمية كبرى.

ترأس الدكتور المشد فيما بعد البرنامج النووي الفرنسي - العراقي المشترك، وكان اول وأهم إنجازاته هو تسهيل مهمة العراق في الحصول على اليورانيوم المخصب من فرنسا، في مايو 1980م تم استدعاؤه لفرنسا، وكان يقوم كل فترة بارسال كشف باليورانيوم الذي يحتاجه من الناحية الكمية والكيفية، وكان يطلق على هذا اليورانيوم (الكعك الأصفر).

وهكذا كان مندوب البرنامج في العراق يتسلم هذا اليورانيوم ويبلغه بما تسلمه. وفي احدى المرات اتصل مندوب البرنامج بالدكتور المشد وأخبره بأنه تسلم صنفاً مختلفاً عما هو موجود في الكشف. وقام الدكتور المشد بالاتصال بالمسؤولين الفرنسيين في البرنامج النووي وأخبرهم بذلك الخطأ، فردوا عليه بعد ثلاثة أيام وقالوا له: "لقد جهزنا الكمية والصنف الذي تطلبه" وأكدوا عليه بالحضور لفحص ذلك ووضع الشمع الأحمر على الشحنات بعد التأكد من صلاحيتهاكانت تلك الرسالة إشارة لشيء لم يتم تفسيره بشكل جيد، ولكنها كانت استدراجاً للدكتور يحيى المشد ليتم قتله في ظروف أسهل وفي دولة لا يعرفه فيها أحد.
مفوضاً من منظمة الطاقة الذرية العراقية مع ثلاثة آخرين من زملائه العراقيين وصل الرجل إلى باريس في السابع من يونيو/ حزيران عام 80، فنزل في غرفة بالطابق الأخير من فندق الميرديان في باريس ، يكتب في مذكراته بخط يده ملاحظات على اجتماعاته بنظرائه الفرنسيين، تبرز من بينها كلمة (كراميل) ومشاريع لتدريب العقول العراقية في المؤسسات الفرنسية، ويبرز أيضاً من بينها جانب الإنسان في يحيى المشد، كيف يوزع ميزانية السفر الزهيدة؟ وكيف يجد لأفراد عائلته ملابس تناسب مقاساتهم؟ كان يفكر في الذرة وفي الملابس الداخلية لابنه أيمن في آنٍ معاً، لكنه مات قبل أن يُكمل إنجاز أيٍّ منهما في الثالث عشر من يونيو/حزيران لفظ أنفاسه الأخيرة، ولم تكتشف جثته إلا بعدها بأكثر من يوم، لكن الشرطة الفرنسية كتمت الخبر عن العالم لأربعة أيام أخر.

وفي باريس 13 حزيران 1980 يروى عادل حمودة (مؤلف "الموساد واغتيال المشد): الحقيقة طبعاً لم اسمع عن يحيى المشد ولا كنت أعرف اسمه، أنا في تلك الفترة كنت في فندق متواضع جداً في الحي اللاتيني، أتفرج على التليفزيون، فلفت نظري إن كاميرات التليفزيون تتكلم عن قتل عالم مصري، بدؤوا بترجمة الكلام إنه دكتور في العلوم النووية وإنه كان يعمل لصالح العراق، ولكن لفت نظري طبعاً أن ضابط البوليس الذي خرج.. خرج ومعاه منشفة .. منشفة للحمام كبيرة عليهاrouge موجودة وغمز بعينه وقال إننا امام جريمة عاطفية. ركزوا على الدكتور المشد، وكانوا يعرفون متى يخرج من الفندق ومتى يعود إليه في المساء، قيل يومها أن هناك ثلاث عناصر كانت تؤمن الرصد.. الرصد وتنقل.. والمراقبة وتنقل إلى غرفة غرفة عمليات، يعني قيل أنها استظلت مظلة دبلوماسية، لكي لا تثير الانتباه إليها.

وبعدين أول ما دخل الفندق للصعود لغرفته ،فان سيدة مجهولة تتبعت خطواته، ودخلت معاه المصعد ، وحاولت إغراءه بكافة المحاولات، لكي تقضي سهرة معه في حجرته، لكنه كان رجل متدين وبعيد عن هذا الاتجاه، ورفض إنه يطاوعها في أغراضها، وتركها واتجه إلى غرفته.

استطاعت الايادي الخفية ان تصل الى هدفها العالم العربي يحى المشد وتهشم جمجمته بضربة من الخلف ، تقرير الطبيب الشرعي "قتل بآلة حادة" لماذا؟ لكي يتم الإيحاء أو الإيهام بأن القاتل ليس محترفاً، ولا ينتمي إلى أي تنظيم أو جهاز سري، إنما القصة أرادوا أن يحصروا القصة في علاقة دكتور مع امرأة، قبل أنها تسللت إلى غرفته وارتبطت بعلاقة غرامية معه، وفي آخر المطاف يعني الوصال تحول إلى قطيعة وأرادت الانتقام منه.ارادوا الايحاء بانها جريمة عادية وليس بوسائل قتلة محترفين، وحاولوا اظهار القضية ، انها بسبب ليلة حمراء لكي يحطوا من قيمة العلماء العرب ويشوهون صورتهم ، لكي يظهروهم انهم ليسوا سوى رجال يبغون المتعة فقط، الا أنه ثبت عدم صحة هذا الكلام؛ حيث إن "ماري كلود ماجال" أو "ماري إكسبريس" كشهرتها –الشاهدة الوحيدة- وهي امرأة ليل فرنسية كانت تريد أن تقضي معه سهرة ممتعة، أكدت في شهادتها أنه رفض تمامًا مجرد التحدث معها، وأنها ظلت تقف أمام غرفته لعله يغيّر رأيه؛ حتى سمعت ضجة بالحجرة.. ولم يكتفوا بهذا الحد ففي ضاحية (سان ميشيل) بعدها بأقل من شهر كانت أهم شاهدة في القضية تغادر أحد بارات باريس الرخصية وقد بدي لمن يراها هكذا في الشارع وكأنها مخمورة، منظر مألوف في هذه الضاحية بعد منتصف الليل، لكن غير المألوف أنها وقد كانت تعبر الشارع دهستها سيارة مجهولة لم يعثر عليها حتى اليوم، مرة أخرى قيدت القضية ضد مجهول .
لكن الذي لا شك فيه أن يحيى المشد مات بفعل فاعل، وأن قاتله يعرف نفسه، لا مصر التي هو ابنها أرادت أن تعكر آنئذ أفراح السلام الزائف، ولا العراق الذى منحه أنفاسه الأخيرة أراد أن يلفت إليه مزيداً من الأضواء، ولا فرنسا الذي مات على أرضها أرادت أمام الصهاينة والأميركيين، بل وهي في غنى عنها، ضاع دمه هدراً.
بعد عامٍ على اغتيال المشد تنطلق مقاتلات صهيونية فوق سموات عربية قبل أن تصل إلى بلدٍ عربي اسمه العراق فتدمر المفاعل النووي، وتحديدا في الثامن من حزيران عام 1981 وخلال الحرب العراقية –الايرانية او الصدامية –الخمينية اذا شئت تسميتها.
في تقريرها النهائي أشارت الشرطة الفرنسية بأصابع الاتهام في اغتيال المشد إلى ما وصفته بمنظمة يهودية لها علاقة بالسلطات الفرنسية، اعترفتاسرائيل بأنها هي التي ضربت يحيى المشد على رأسه بآلة حادة بواسطة رجال من الموساد.. وجاء هذا الاعتراف في كتاب ضابط المخابرات الاسرائيلية المنشق فيكتور ستورفيسكي في كتابه الذي اثار ضجة منذ صدوره في صيف 1990 والذي صدر بعنوان (طريق الخداع) فنحن نتصور ان مثل هذه القضايا تسبب صداعا.. وفي رؤوسنا ما يكفي من الصداع لكن أقوى دليل يأتي في سياق كتاب صدر عام 2000، يضم اعتراف المسؤول عن شعبة القتل في الموساد الذى قال : أنه قد ذهب إلى يحيى المشد في غرفته وطرق الباب عليه بعد قصة العاهرة (ماري ماجال) وقال له: نحن أصدقاء.. إحنا ولاد عم، التعبير الشائع بين العرب والإسرائيليين أو العرب واليهود، وقال له إن أنا عندي أصدقاء، وإني مستعد إن إحنا ندفع لك أي مبلغ تطلبه، فكان رده حاد جداً ورد شرقي، قال له يعني أعتقد إنه حسب كلام المؤلف يعني : امشي يا كلب أنت واللي باعتينك، فخرج مسؤول القتل في الموساد –حسب كلام هذا الكتاب- وأخد طيارة (العال) اللي هي رايحة إلى تل أبيب وبعد أكثر من نصف ساعة كانت عملية القتل بتتم بشكل أو بآخر.

عمير أورين (صحيفة "ها آرتيس"): في أواخر حقبة السبعينات وأوائل حقبة الثمانينات فيما كان البرنامج النووي العراقي في طريق التقدم، أقسمت إسرائيل علناً أن تضع حداً له، ووفقاً لتقارير موثوق بها حاولت إسرائيل النيل من الأشخاص الضالعين في البرنامج كالعلماء والمهندسين والوسطاء.
وفي بلد كالعراق تحطمت آلته ونضب ماؤه وجف ضرعه، يبقى له سواعد أهله وما تبقى من عقول علمائه، ويبقى دم يحيى المشد معتصراً في فجوة علمية مخيفة تتسع كل يوم باتساع المجهول القادم ، هكذا يتحول الرجل إلى رمز يلخص كثيراً من ملامح الواقع العربي، ويستريح على صفحة بيضاء بين دفتي كتاب أسود، وهكذا يطيب لأعداء الأمة أن يلقى بنصف علمائها إلى مذابل الإهمال ويُلقى بالنصف الآخر إلى شباك الإرهاب العلمي، وألف تحية إلى هؤلاء من علمائنا الذين لا يزالون يقبضون على جمرة الإرادة.

أغتيال العلماء العرب - سميرة موسى
محطة القطار التي لم نصل اليها أكثر إثارة من المحطة التي طويناها .. والمرأة التي لم تأت أجمل من المرأة التي أتت .. والشخصية التي لم نكتب عنها أشد غموضا من الشخصية التي كتبنا عنها .. فالجديد هو السحر الطازج الذي لم نتوصل اليه .. ولو كان المعلوم أهم من المجهول لبقيت الدنيا على حالها .. متنقلة بين ظلام الكهف وفروع الشجر .. ان السندباد ليس حالة جغرافية فقط .. وانما هو حالة نفسية وسياسية وعلمية وعاطفية واجتماعية ايضا. لسنوات طوال ظلت الدكتورة سميرة موسى شخصية محاطة بالغموض.

ولدت في 3 مارس من عام 1917 ، في قرية سنبو الكبرى – مركز زفتى بمحافظة الغربية ، سميرة موسى عليان الابنة الرابعة لوالدها الذى عزم على ألا يفرق في التعليم بين بناته السبع وأبنائه الذكور الذين رزق بهم بعد ذلك. في السنة الثانية من عمرها جاءت ثورة عام 1919 لتنادي بحرية الوطن .. وفتحت سميرة عينيها على أناس قريتها الذين يجتمعون باستمرار في دار الحاج موسى يناقشون الأمور السياسية المستجدة ويرددون شعارات الاستقلال الغالية، هيأ هذا المناخ لسميرة أن تصاغ امرأة وطنية تعتز بمصريتها وعروبتها دائماً .. وعندما شبت فتاة يافعة .. وجدت تياراً آخر ينادي بحرية تعليم المرأة .. في جميع مراحل التعليم .. كان من قياداته صفية زغلول، وهدى شعراوي، ونبوية موسى، وغيرهن ، إلا أن هذا التيار أثر تأثيراً غير مباشر على تقدم سميرة في علمها ... وضحى والدها الحاج موسى بكثير من التقاليد السائدة ليقف إلى جانب ابنته حتى تكمل مسيرتها ... وسط تشجيع من حوله بالاهتمام بهذه النابغة وكان من حسن طالعها أنها ولدت في مناخ ثورة ليبرالية غيرت وجه الحياة في مصر .. هي ثورة 1919 .. وهي ثورة لم تأت بالبرلمان والدستور والأحزاب وحرية الصحافة فقط .. وانما جاءت بأفكار مساواة المرأة بالرجل .. وحقها في الاختيار والتعليم ايضا .. فقد جاءت الثورة بدستور 1923 الذي نص لأول مرة على ان التعليم الأولي الزاما للجنسين دون تفرقة .. وبعد عامين .. أي في عام 1925 عرفت قريتها أول مدرسة ابتدائية .. وهو ايضا العام الذي عرفت فيه مصر الجامعة بكل ما جاءت به من تغيرات .. كانت سميرة هي أول من دخلت المدرسة .. ولا جدال انه لولا هذا المناخ لبقيت سميرة موسى فلاحة مصرية متواضعة .. لا هم لها سوى تربية الدواجن .. وانجاب الاطفال .. وما كانت قد فتحت باب التعليم على مصراعيه لكل من جاء بعدها في أسرتها .. وهم يحفظون لها هذا الجميل .. ويفخرون بالانتماء اليها. وقد كانت ثورة 1919 اقرب اليها من حبل الوريد .. فهي من قرية سنبو الكبرى (اسم فرعوني يعني الساحة الكبيرة) والقرية تتبع مركز زفتى .. وزفتى دخلت التاريخ باعلان جمهوريتها المستقلة عن مصر في أيام الثورة .. وقد تحولت الى اسطورة بطلها يوسف الجندي .. ثم راحت الاسطورة تتسع حتى أصبحت من حق كل شخص في المركز. كان الأب موسى علي أبو سويلم مثل أي فلاح مصري .. يحلم بالولد عندما جاءته سميرة. .. لتكون رابع بناته .. لكنه تقبلها وقبلها .. وفيما بعد منحه الله الولد .. فقد كانت ذريته .. سبع بنات وولدان .. ولكن شخصية الأب هي الشخصية المفتاح في حياة سميرة ... فهو رجل (مسموع الكلمة) بين أهله .. عاشق للفن والشعر .. يهوى السياسة ولا يحترفها .. كان من المقربين من السياسي الشهير ــ الذي لايزال يثير الجدل حتى الآن ــ اسماعيل صدقي الذي كان نائبا عن الدائرة في البرلمان .. بل ان الاب كان يوصف بأنه (بسمارك) وهو نفس الوصف الذي كان يوصف به اسماعيل صدقي.

وهناك رواية أصبحت اسطورة بنيت عليها حياة سميرة موسى .. هي انه بعد وفاة سعد زغلول جاء الأب بجريدة نشرت نعيه .. وراحت سميرة تقرأ النعي الذي كان يشمل الجريدة كلها .. وفي اليوم التالي طلب مدرسها سيد البكري ان تقرأ على تلاميذ الفصل النعي .. لكنها قالت له: لماذا اقرأ الجريدة .. استطيع أن أقول ما فيها دون الحاجة اليها .. فقد حفظتها .. وذهل المدرس .. وطلب من الأب أن يأخذ ابنته الى القاهرة ليرعى نبوغها قبل أن يدفن في طين الريف .. واستجاب الأب .. وأخذ ابنته ورحل الى العاصمة لتبدأ سميرة مشوارها الى القمة. ولا أشكك في هذه الواقعة .. الكثير لم يصدقوا ان الأب قرر أن يغير حياته خوفا على عبقرية ابنته .. لكن علينا التصديق بان المناخ الليبرالي السائد فتح شهية الناس على التغيير الى الأفضل ... ومن ثم كان رحيل الأب من قريته الصغيرة الى القاهرة .. وتغيير مهنته من صاحب أطيان الى صاحب لوكاندة هو استجابة لطموح شخصي .. حتى لو كان الحافز المباشر حافز نبيل هو رعاية عبقرية ابنته .. ولو كانت الاسطورة بكاملها حقيقية فيكون الأب هو الشخص الذي يستحق التكريم والتقدير .. انه مثل الأب في قصة جابرييل جارسيا ماركيز الذي ماتت ابنته الطاهرة قبل ان تصبح قديسة.. فراح يلف ويدور على كل الرهبان ورجال الدين بكل مستوياتهم ورتبهم الكهنوتية حتى اقنعهم بعد سنوات من الصبر والعذاب بمنح ابنته لقب قديسة.. وقبل ان يسلمه كبير الاساقفة اللقب قال له: في الحقيقة انت القديس. فلولا الاب ما كنت ابنته قديسة.. ولولا الاب ما كانت سميرة موسى عالمة ذرة تعرف اكثر مما يجب.. وتدفع حياتها ثمنا لذلك.. ان العبقرية او الموهبة في حاجة لحماية ورعاية.. فلا شىء ابن الصدفة أو ابن السهولة.. لاشيء يأتي بالحظ.. أو اليانصيب.. او يهبط علينا كمائدة من السماء.. فمن رحم الصبر والحلم والدأب والمعاناة والشغل تخرج الاشياء الخالدة.. ولابد من مناخ عام يدعم ذلك.. يعطي الموهوب فرصته.. لا.. ان يقتله لو مد بموهبته قامته.. فعندما يتحول المجتمع الى كتيبة اعدام للموهوبين فإنه في الحقيقة يكون كمن يطلق النار على نفسه.. وينتحر.

انتقل الحاج موسى مع ابنته إلى القاهرة من أجل تعليمها .. واشترى ببعض أمواله فندقاً بالحسين حتى يستثمر أمواله في الحياة القاهرية . التحقت سميرة بمدرسة "قصر الشوق" الابتدائية ثم بمدرسة "بنات الأشراف" الثانوية الخاصة والتي قامت على تأسيسها وإدارتها "نبوية موسى"حصدت الطالبة سميرة الجوائز الأولى في جميع مراحل تعليمها، فقد كانت الأولى على شهادة التوجيهية عام 1935، ولم يكن فوز الفتيات بهذا المركز مألوفا في ذلك الوقت حيث لم يكن يسمح لهن بدخول امتحانات التوجيهية إلا من المنازل حتى تغير هذا القرار عام 1925 بإنشاء مدرسة الأميرة فايزة، أول مدرسة ثانوية للبنات في مصر.ولقد كان لتفوقها المستمر أثر كبير على مدرستها.. حيث كانت الحكومة تقدم معونة مالية للمدرسة التي يخرج منها الأول، دفع ذلك ناظرة المدرسة نبوية موسى إلى شراء معمل خاص حينما سمعت يومًا أن سميرة تنوي الانتقال إلى مدرسة حكومية يتوفر بها معمل.ويذكر عن نبوغها أنها قامت بإعادة صياغة كتاب الجبر الحكومي في السنة الأولى الثانوية، وطبعته على نفقة أبيها الخاصة، ووزعته بالمجان على زميلاتها عام 1933.

لقد الفت سميرة موسى كتابا في الجبر وعمرها 16 سنة.. سمته (الجبر الحديث) اهدته الى استاذها الفاضل محمد افندي حلمي.. وطبع منه ابوها 300 نسخة على حسابه الخاص.. ولك ان تتصور ـ بعد كل الوعي والتفتح ـ تطلب منه ابنته التي لم تتجاوز مرحلة المراهقة ان يطبع لها كتابا في الرياضيات او الفيزياء او يطبع لها ديوان شعر او مجموعة قصص قصيرة.. ما الذي يمكن ان يقول لها افضل من المطالبة بأن تنتبه لدروسها.. وتترك هذا الكلام الفارغ الذي لا يأتي من ورائه إلا الصداع. والاب لم يكن وحده الذي تولى رعاية موهبة ابنته.. لقد دخلت سميرة مدرسة تديرها المربية الشهيرة نبوية موسى.. ولكنها سرعان ما فكرت في تركها لانها تريد معملا والمدرسة ليس فيها معملا.. فكان ان بنت لها نبوية موسى معملا.. ووظفت افضل مدرسي العلوم من اجلها ولست في حاجة الى المقارنة بعد كل هذا السنوات في بعض دور التعليم التي لا تفرق في معظم الاحوال بين العلم وتجارة السلع الفاسدة التي انتهت مدة صلاحيتها.

الحلم الكبير .. يتحقق اختارت سميرة موسى كلية العلوم .. حلمها الذي كانت تصبو إليه ، رغم أن مجموعها كان يؤهلها لدخول كلية الهندسة .. حينما كانت أغلى أمنية لأي فتاة هي الالتحاق بكلية الآداب. لبست سميرة الرداء الأبيض ودخلت معامل الكلية شغوفة لتحصيل العلم وهناك .. لفتت نظر أستاذها الدكتور علي مشرفة، أول مصري يتولى عمادة كلية العلوم .كان د. علي مشرفة البطل الثاني في حياة سميرة موسى حيث تأثرت به تأثراً مباشرًا، ليس فقط من الناحية العلمية .. بل أيضاً بالجوانب الاجتماعية في شخصيته التى اثرت في صياغة عبقرية سميرة موسى هي الدكتور علي مصطفى مشرفة.. لقد ولد في دمياط في 11 يوليو 1898 وحصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة توتنجهام.. ثم عاد الى انجلترا ليحصل على الدكتوراه في العلوم.. في شهور الصيف بعد ان رفض الانجليز ان يسافر في اجازة من عمله.. وعندما فتحت الجامعة ابوابها حصل على وظيفة استاذ في كلية العلوم وفي عام 1926 انتخب عميدا للكلية.. وبعد حوالي 10 سنوات اصبحت سميرة موسى تلميذته..

حصلت د.سميرة على بكالوريوس العلوم وكانت الأولى على دفعتها .. وعينت كأول معيدة بكلية العلوم وذلك بفضل جهود د.علي الذي دافع عن تعيينها بشدة وتجاهل احتجاجات الأساتذة الأجانب، وعلى رأسهم الإنجليزي "آيرز".

ولكن رفضت الكلية ان تعينها معيدة.. فهي سابقة لم تحدث ان تكون فتاة عضوا في هئية التدريس في الجامعة.. وهنا برز دور (الاستاذ) .. الاستاذ الذي يمنح الموهبة والحماية والرعاية ولا يكتفي فقط بسرد مناهج صماء لا علاقة لما يقوله فيها بما يفعله في الحياة.. لقد جن جنون الدكتور مشرفة.. ووضعت استقالته على مكتب مدير الجامعة اذا لم تعين سميرة موسى في المكان الذي تستحقه. لايمكن المقارنة بين ما فعله الدكتور مشرفة مع تلميذته سميرة موسى.. وما فعله بعض اساتذة قسم علم النفس في آداب عين شمس الذين باعوا تلميذتهم الدكتورة آمال كمال وادعوا انهم لم يقرؤوا رسالة الدكتوراه التي منحوها عليها درجتها العلمية بمرتبة الشرف.. وكان ذلك خوفا وضعفا من هجوم احدى صحف الحوادث على جزء من الرسالة.. لا احد منهم وقف بشجاعة يدافع عن قراره.. وباعوا التلميذة في اول فرصة..ان التلميذ العظيم في حاجة الى استاذ عظيم.

وسافرت سميرة موسى الى لندن وحصلت على شهادة الماجستير في موضوع التواصل الحراري للغازات ثم سافرت في بعثة إلى بريطانيا درست فيها الإشعاع النووي، وحصلت على الدكتوراة في الأشعة السينية وتأثيرها على المواد المختلفة. أنجزت الرسالة في سنتين وقضت السنة الثالثة في أبحاث متصلة وصلت من خلالها إلى معادلة هامة تمكن من تفتيت المعادن الرخيصة مثل النحاس.. الذرة من أجل السلام مع الأسف الشديد .. لم تدون الكتب العلمية العربية الأبحاث التي توصلت إليها د. سميرة موسى، لقد كانت تأمل أن يكون لمصر والوطن العربي مكان وسط هذا التقدم العلمي الكبير، حيث كانت تؤمن بأن زيادة ملكية السلاح النووي يسهم في تحقيق السلام، فإن أي دولة تتبنى فكرة السلام لا بد وأن تتحدث من موقف قوة فقد عاصرت الدكتورة سميرة ويلات الحرب وتجارب القنبلة الذرية التي دكت هيروشيما وناجازاكي في عام 1945 ولفت انتباهها الاهتمام المبكر من إسرائيل بامتلاك أسلحة الدمار الشامل.. وسعيها للانفراد بالتسلح النووي في المنطقة. حيث قامت بتأسيس هيئة الطاقة الذرية بعد ثلاثة أشهر فقط من إعلان الدولة الإسرائيلية عام 1948 وحرصت على إيفاد البعثات للتخصص في علوم الذرة فكانت دعواتها المتكررة إلى أهمية التسلح النووي، ومجاراة هذا المد العلمي المتنامي.

ان الرعاية التي عرفتها جعلتها ترد الجميل لوطنها.. ولان الدكتوراه كانت في (خصائص امتصاص المواد لاشعة اكس) فقد اطلق المصريون على سميرة موسى لقب (مس كوري المصرية) .. وكتب احد اساتذتها في جامعة بدفورد في تقريره العلمي الذي ارسله الى الجامعة في القاهرة.. (ان تجارب سميرة موسى قد تغير وجه الانسانية لو وجدت المعونة الكافية) ولكن سميرة موسي لم تنتظر المعونة الكافية بل راحت تقدم خبرتها وعلمها لمساعدة مرضى السرطان في مستشفى قصر العيني. وكثيرا ما كان اهل المرضى يظنون انها ممرضة.. ولم يكن ذلك يضايقها.. فهي تريد ان تنفذ شعارها الذي آمنت به وهو ان يكون العلاج بالراديوم (كالعلاج بالاسبرين) . ولم تتوقف سميرة موسى عند حجة نقص الامكانيات وطلبت الاب بأن يبني لها معملا.. وبالفعل اشترى الاب فدانا من الارض على طريق الهرم لبناء المعمل.. لكن القدر وانصار الظلام لم يمهلوها الوقت الكافي لدخوله.. فقد سافرت في منحة الى الولايات المتحدة.. وهناك طلبوا منها والحوا ان تبقى.. وان تحصل على الجنسية.. وان تنفرد بمعمل حديث يكون لها.. لكنها رفضت ان تبيع وطنها بكل مغريات الآخرين.. واصرت على العودة..

عملت د. سميرة على إنشاء هيئة الطاقة الذرية .. وتنظيم مؤتمر الذرة من أجل السلام الذي استضافته كلية العلوم وشارك فيه عدد كبير من علماء العالم. لقد كانت تأمل أن تسخر الذرة لخير الإنسان وتقتحم مجال العلاج الطبي حيث كانت تقول: "أمنيتي أن يكون علاج السرطان بالذرة مثل الأسبرين"، ونزلت متطوعة للخدمة في مستشفيات القصر العيني؛ للمساعدة في علاج المرضى بالمجان.

د. سميرة موسى كانت عضواً في كثير من اللجان العلمية المتخصصة على رأسها "لجنة الطاقة والوقاية من القنبلة الذرية" التي شكلتها وزارة الصحة المصرية. د. سميرة موسى .. والجانب الأخر كانت د. سميرة مولعة بالقراءة، وحرصت على تكوين مكتبة كبيرة متنوعة تم التبرع بها إلى المركز القومي للبحوث .. حيث الأدب والتاريخ وخاصة كتب السير الذاتية للشخصيات القيادية المتميزة.أجادت استخدام النوتة والموسيقى وفن العزف على العود، كما نمت موهبتها الأخرى في فن التصوير بتخصيص جزء من بيتها للتحميض والطبع .. وكانت تحب التريكو والحياكة وتقوم بتصميم وحياكة ملابسها بنفسها. شاركت د. سميرة في جميع الأنشطة الحيوية حينما كانت طالبة بكلية العلوم. انضمت إلى ثورة الطلاب في نوفمبر عام 1932 والتي قامت احتجاجا على تصريحات اللورد البريطاني "صمويل" وشاركت في مشروع القرش لإقامة مصنع محلي للطرابيش... وكان د. علي مشرفة من المشرفين على هذا المشروع، وشاركت في جمعية الطلبة للثقافة العامة والتي هدفت إلى محو الأمية في الريف المصري، وجماعة النهضة الاجتماعية .. والتي هدفت إلى تجميع التبرعات؛ مساعدة الأسر الفقيرة، كما انضمت أيضًا إلى جماعة إنقاذ الطفولة المشردة، وإنقاذ الأسر الفقيرة.تأثرت د. سميرة بإسهامات المسلمين الأوائل .. متأثرة بأستاذها أيضا د.علي مشرفة ولها مقالة عن محمد الخوارزمي ودوره في إنشاء علوم الجبر. ولها عدة مقالات أخرى من بينها مقالة مبسطة عن الطاقة الذرية أثرها وطرق الوقاية منها شرحت فيها ماهية الذرة من حيث تاريخها وبنائها، وتحدثت عن الانشطار النووي وآثاره المدمرة .. وخواص الأشعة وتأثيرها البيولوجي.

وقد أوضحت جانباً من فكرها العلمي في مقالة: "ما ينبغي علينا نحو العلم" حيث حثت الدكتورة سميرة الحكومات على أن تفرد للعلم المكان الأول في المجتمع، وأن تهتم بترقية الصناعات وزيادة الإنتاج والحرص على تيسير المواصلات .. كما كانت دعوتها إلى التعاون العلمي العالي على أوسع نطاق.

سافرت د.سميرة موسى إلى بريطانيا ثم إلى أمريكا .. ولم تنبهر ببريقها أو تنخدع بمغرياتها .. ففي خطاب إلى والدها قالت: "ليست هناك في أمريكا عادات وتقاليد كتلك التي نعرفها في مصر، يبدءون كل شيء ارتجاليا.. فالأمريكان خليط من مختلف الشعوب، كثيرون منهم جاءوا إلى هنا لا يحملون شيئاً على الإطلاق فكانت تصرفاتهم في الغالب كتصرف زائر غريب يسافر إلى بلد يعتقد أنه ليس هناك من سوف ينتقده؛ لأنه غريب.

استجابت الدكتورة إلى دعوة للسفر إلى أمريكا في عام 1951، أتيحت لها فرصة إجراء بحوث في معامل جامعة سان لويس بولاية ميسوري الأمريكية، تلقت عروضاً لكي تبقى في أمريكا لكنها رفضت بقولها:"ينتظرني وطنٌ غالٍ يسمى مصر"، وقبل عودتها بأيام استجابت لدعوة لزيارة معامل نووية في ضواحي كاليفورنيا في 15 أغسطس، لكن قرارا سريا كان قد صدر بأن لا تعود.. واذا عادت فلتعد جثة هامدة في تابوت. كان ذلك في اغسطس 1952 في ذلك الوقت كان العالم لا يزال مفزوعا.. محروقا باشعاع القنبلة الذرية التي القيت على هيروشيما ونجازاكي.. وفي ذلك الوقت ايضا كان الاسرائيليون يخشون السلطة الثورية الجديدة التي استولت على الحكم في مصر قبل حوالي 3 اسابيع فقط من قتل سميرة موسى.. ان كل هذه التغيرات ساهمت في سرعة التخلص من سميرة موسى.. ومن كل عالم يمكن ان يؤمن بلاده بقنبلة نووية.. ويمكن ان نعتبر سميرة موسى اول الضحايا في مسلسل دموي شرس.. راح ضحيته 146 عالم ذرة في دول العالم الثالث في الفترة من عام 1959 الى عام 1985.. على رأسهم الهند وباكستان وجنوب افريقيا ومصر، حسب احصائيات لوكالة الطاقة الذرية في فيينا.. وحسب نفس المصدر فإن 98% من الضحايا قتلوا خارج بلادهم ولم يعرف الجناة... و92% تلقوا عروضا للعمل في دول اكثر تقدما في البحث العلمي من بلادهم.. ولكنهم رفضوا.. ونصفهم على الاقل مات بالرصاص.. اما النصف الآخر فقد قتل بوسائل متنوعة.. سم.. حادث سيارة.. تفجير بيته عن بعد.. وفي معظم الحالات لم تطلب دول الضحايا تحقيقا او تعويضا.. بل كانت تفضل عدم الكشف عن الجناة ولا فتح القضايا لاسباب بدت فيها السياسة الخارجية اكثر تأثيرا عليها من السياسة الداخلية.

ففي طريق كاليفورنيا الوعر المرتفع ظهرت سيارة نقل فجأة؛ لتصطدم بسيارتها بقوة وتلقي بها في وادٍ عميق، قفز سائق السيارة واختفى إلى الأبد . دفعت سيارتها بقوة من الخلف فسقطت في الهاوية .. وكان واضحا ان السائق المدرب كان يعرف بما سيحدث .. فقد قفز من السيارة في الوقت المناسب ... وظهر انه كان يحمل اسما مستعارا. ً وأن إدارة المفاعل لم تبعث بأحد لاصطحابها. أين سيارة النقل التي ظهرت في طريقها؟ .. ومن كان فيها؟أين ما توصلت إليه الشرطة الأمريكية؟ ولماذا قيدت القضية ضد مجهول؟ .. أين .. أين؟هل ماتت. سميرة ميتة عادية أم أنه حادث اغتيال؟ ام ان مطاردة علماء الذرة المصريين والعرب خطة اسرائيلية .. أمريكية قديمة .. خطة فيها الاختيار واضحا .. قاطعا .. الهجرة من بلادهم أو الموت .. وقد اختارت سميرة موسى الوطن .. فكان ان عادت اليه جثة محنطة في تابوت .. وان وضعت فيه بكامل أناقتها .. عاد جثمانها الى مصر. لكن بقي علمها وعقلها هناك .. في هوة سحيقة لا تعرف الرحمة.


نشر الخبر في آخر صفحة من جريدة المصري في 19 أغسطس عام 1952.. أعلن هذا الخبر وفاة الدكتورة سميرة موسى .. عالمة الذرة من قرية سنبو الكبرى .. ميس كوري الشرق .. أول معيدة في كلية العلوم بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حالياً):
قال المتحدث باسم السفارة المصرية في واشنطن ذلك اليوم: "إن الآنسة سميرة موسى علي الطالبة المصرية التي تتلقى العلم في الولايات المتحدة قُتلت في حادث سيارة بعد أن أتمت دراستها في جامعة "أوكردج" بولاية تنيسي الأمريكية".
هكذا .. غربت شمس هذه العالمة الجليلة في 15 أغسطس عام 1952 ….سلمت إلى والدها نوتة سوداء صغيرة كانت تسجل فيها خواطرها وكانت آخر ما خطته فيها ثم غربت الشمس.

خاتمـــــــة مهمــــــة:

لم يفتح حتى الان اي تحقيق رسمي في حوادث التخلص من سميرة موسى.. ومصطفى مشرفة.. ويحيى المشد.. ونبيل القليني.. وسعيد سيد بدير.

ذراع داوود الطويلة
(ذراع داوود الطويلة) هو العنوان الفرعي لكتاب الألماني مايكل أوبرسكالسكي (الموساد)، والذي ترجمه بوعلي ياسين، وصدر بعد وفاته، مضفوراً بملحق عنوانه (التقرير السري للسي آي إي حول الموساد الإسرائيلية)، زود المؤلف به الناشر العربي (دار الطليعة الجديدة بدمشق ــ 2002)، وترجمه عن الإنكليزية عبادة بوظو.
وأوبرسكالسكي كما يعرف به بوعلي ياسين صحفي يعيش في كولونيا، وعضو هيئة تحرير النشرة الاستخبارية الألمانية: غيهايم ـ أي سري ـ وهو يصدر بالإنكليزية نشرة: توب سيكريت ــ أي سري جداً ــ وله من المؤلفات: الـ(سي اي إيه) في إيران ـ الـ(سي اي إيه) في أوروبا الغربية ـ نادي الـ(سي اي إيه) للقتلة. أما كتابه (الموساد: ذراع داوود الطويلة) فيبحث في تاريخ الموساد وفي نشاطها ضد الفلسطينيين وفي البلاد العربية بعامة، وفي نجاحاتها التي أسطرتها، وفي تورطها العالمي. وما يهمني الآن أن أعرض من ذلك ما يتصل بالعراق، وأوله عملية مانياك Maniac إبان حرب الخليج الثانية، حيث، وكما يكتب أوبرسكالسكي: (تسنت لإسرائيل فرصة تاريخية لأن تقضي علي العراق كقوة إقليمية وكخصم خطير).
آنئذٍ أعاقت الحكومة العراقية مغادرة مئات من الأجانب، فنظمت الموساد قتل عملائها لواحد أو أكثر من المحتجزين، من أجل استثارة ضربة عسكرية فورية للعراق، لكن قبول صدام حسين بالتفاوض الذي أفضي إلي إطلاق سراح المحتجزين، أبطل عملية مايناك.
ولأن استراتيجية إسرائيل، كما يكتب أوبرسكالسكي، هي أن تحول دون تطور العراق إلي قوة إقليمية عالية التسلح، فقد قصفت عام 1981 مصنع الطاقة الذرية العراقي عام 1981، وهيأ للضربة رجل الأعمال اليهودي الأميركي الذي كان قد تم تجنيده في الموساد عام 1947، وهذا العميل هو نفسه من زود الموساد منذ البداية بمخططات المفاعل الذري العراقي. ومن بعد، في نهاية الثمانينيات، ضربت الموساد محاولة العراق تطوير أنظمة أسلحة خاصة بعيدة المدي، وهي المحاولة التي ساعدت عليها منشأة سبيس ريزرتش كوربوريشن لمهندس الأسلحة البريطاني غيرالد بولّ (Bull). الذي كان قد طور سلاح مدفعية بعيدة المدي للنظام العنصري في جنوب افريقيا.
اغتالت الموساد المهندس البريطاني بولّ في آذار (مارس) 1990 في بروكسل، كما اغتالت قبله المصريين يحي المشد في باريس في 14/ 6 /1980، وسيد سيد بدر في القاهرة في 13/ 7 /1989، وذلك لصلة العالمين بالبرنامج الذري العراقي. وكانت قد سبقت ذلك منذ عام 1979 عملية الموساد (بيغ ليفت) والتي فجرت أجزاء مفاعل فرنسي في مستودع الشركة المنتجة، قبل شحنه إلي العراق.
لعل أهمية كتاب أوبرسكالسكي تتضاعف في لجّة العدوان القائم علي العراق، بعيداً عن أوهام القائلين بنظرية المؤامرة، وعن أوهام المأخوذين بالأسطورة الإسرائيلية والأمريكية، سواء كانوا ممن يهللون لحرب (تحرير العراق) أو ممن يؤلهون صدام حسين، أو من سواهم. فذراع داوود الوالغة اليوم في العدوان تكتب الفصول التالية التي لم يكتبها أوبرسكالسكي، وآية ذلك تسلل ذراع داوود إلي ناحية الكفل منذ خمس سنوات، وسرقتها لأقدم نسخة مكتوبة ــ فيما يقال ــ من التوراة، ولأعمال فضية ونحاسية وخشبية تحمل كتابة عبرية. أما الآن، وقد سيطر المارينز علي ناحية الكفل، فتدمير أولاء، كسرقة الموساد، يتهددان مقام النبي (ذي الكفل) ومدافن اليهود العراقيين فيها وآثارها، وهو الخطر عينه الذي يتهدد شواهد الحضارة والتاريخ في العراق، كما جلجلت به المذيعة التيليفزيونية الإسرائيلية ميكي حايموفيتش، عندما قدمت مصمم المدن الإسرائيلي الذي يفاخر بتبرعه للطيارين الأمريكيين بخرائط مفصلة عن الأماكن الأثرية العراقية، فقد قالت ميكي: (ينبغي أن يبادر طيارو التحالف إلي قصف هذه الأماكن الأثرية من البر والبحر والجو، لأنها أخطر من أسلحة الدمار الشامل)، وقالت ميكي: (لا يمكن التخلص من هذا الإرهاب الشرقي إلا بتدمير كامل التاريخ)، وقالت ميكي: (حرروهم من تراثهم واتركوهم بلا ثياب داخلية في مطلع هذا القرن).
لحظة بدء العدوان، هتفت ميكي التي كانت تملأ الشاشة: (يا الله كم نحن سعداء). ومنذئذٍ والهمس لا يزال همساً حول ذراع داوود الطويلة في العدوان، لكنه بيّن أن الصاروخ الإسرائيلي الذي سقط علي بغداد هو هدف طائر تلقيه الطائرة المغيرة لتضليل الدفاعات الأرضية، ويعرف باسم (تالد). وبيّن الهمس أن الصاروخ المعروف أمريكياً باسم هافناب هو سلاح ذكي تنتجه شركة رافائيل الإسرائيلية، وأن الطائرة من دون طيار من طراز هانتر ومن طراز باييونير هما من إنتاج شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية، وأن المراسلين الصحافيين الإسرائيلين يرافقون الغزاة من قواعد انطلاقهم إلي أرجاء العراق، وأن.
قد يقول قائل: هذا تحصيل حاصل، وقد يقول قائل: ما النفع وقد وقع ما وقع؟ لكنّ لمن يهمه الأمر بعد صدام وبعد الأمريكان قولاً آخر، من المثقفين الذين رفضوا في السعودية تلبية دعوة السفير الأميركي إثر رسالتهم الشهيرة إلي بوش، والذين يلحون علي الدعم الأمريكي لإسرائيل، إلي... إلي باتريك سيل الذي يري حرب (تحرير العراق) تتويجاً للشراكة الأميركية الإسرائيلية.
وذات يوم ـ لعله غير بعيد ـ سيتبيّن ضلوع ذراع داوود في غرب العراق ليس فقط في الوحدة الخاصة التابعة لهيئة الأركان الإسرائيلية. كما سيتبين ضلوع ذراع داوود في العدوان عبر مداهمة الأشاوس الأمريكيين للبيوت العراقية، وإذلالهم للناس ـ لا نتحدث عن القتل ــ عملاً بما تلقنوا من الدروس الوحشية الإسرائيلية في فلسطين. وذات يوم ــ لعله قريب ــ سيتبيّن ضلوع ذراع داوود في العدوان، ليس فقط في القمر الصناعي الإسرائيلي (أوبيك 5) المحوم فوق العراق، ولا في غرفة العمليات المشتركة في تل أبيب، ولا في التحريض علي العدوان علي سوريا، ولا في أن فكرة العدوان علي العراق هي أساساً فكرة إسرائيلية... ولكن، قد يكون الأوان قد فات، حين يأتي ذلك اليوم، ويتبين الرشد من الغيّ، في ما يخصّ ذراع داوود الطويلة، وفي ما يخص سواها.

AZZAMAN NEWSPAPER --- Issue 1476--- Date 9/4/2003


معتقل نفحة الشهداء الصحراوي

اخترقوا حواجز الإسطول السادس و أكبر حامية صهيونية
عملية عبدالناصر ..ردا علي كامب ديفيد

--------------------------------------------------------------------------------

هل كانوا ينتقمون مسبقا لاغتيال يحي المشد..بالطبع هم تحركوا انتقاما لمن سبقهم في الشهادة و من تلاهم. في كل الأحوال تظل عملية"القائد جمال عبدالناصر" نوعية في أسلوبها وفي توقيتها..يشدد سمير في إحدي رسائله لأمه علي أنها جاءت ردا علي نهج كامب ديفيد.
مع مغيب شمس22أبريل 1979 تحرك مع ثلاثة من رفاقه : عبد المجيد أصلان ومهنا المؤيد وأحمد الأبرص. وكان سمير-17 عاما- قائدا للعملية برتبة ملازم في جبهة التحرير الفلسطينية، نقطة الانطلاق: شاطئ صور بزورق مطاطي (زودياك) معدل زيادة سرعتهً، الهدف: مستوطنة نهاريا واختطاف رهائن لمبادلتهم بمقاومين أسري.

في عملية "القائد جمال عبدالناصر" التي بدأت في الثانية فجراً واستمرت حتي شروق الشمس اخترقت المجموعة حواجز الأسطول السادس الأمريكي، ونجحت في إخفاء زورقها عن دوريات بحرية العدو و رادره و حرس شواطئه، ،حتي وصلت الي شاطئ نهارا حيث أكبر حامية صهيونية.. والكلية الحربية ومقر الشرطة وخفر مدفعية السواحل وشبكة الإنذار البحري ومقر الزوارق العسكرية ( شيربورغ).

اقتحمت المجموعة بناية عالية بشارع جابوتنسكي بعدها إنقسمت الي فريقين ، إشتبكوا بداية مع دورية للشرطة أثناء محاولتهم دخول منزل (أمنون سيلاع) علي الشاطئ ، ثم مع دورية ثانية فقتل الرقيب ( إلياهو شاهار) من مستوطنة معلوت. و نجحوا في أسر عالم الذرة (داني هاران) واقتادوه الي الشاطئ ..حيث دارت المعركة الرئيسية، حاولوا الاقتراب من الزورق فاستشهد أحدهم وأصيب آخر بجراح بالغة ، و أصيب سمير بخمس رصاصات ، و مع استدعاء العدو وحدات كبيرة من الجيش دارت اشتباكات عنيفة إثر احتماء سمير بالصخور، ونجاحه في إصابة قائد قطاع الساحل والجبهة الداخلية الشمالية الجنرال (يوسف تساحور) بثلاث رصاصات في صدره ونجي بإعجوبة.

الطريف أنهم أخفوا إصابة الجنرال وحينما ادلي بشهادته للمحكمة ضد سمير تم إخلاء القاعة من الناس والمحامين ، ثم عاد الجنرال ليعترف بعد عشر سنوات بأنه: "لن ينسي طيلة حياته وجه المخرب الذي اصابه بثلاث رصاصات في صدره ".

الحصيلة النهائية للعملية ستة قتلي منهم عالم الذرة داني هاران واثني عشر جريحا. و استشهد عبد المجيد اصلان ومهنا المؤيد واعتقل سمير القنطار وأحمد الابرص ، الذي أطلق سراحه عام 1985 في تبادل للأسري..

0 التعليقات:

إرسال تعليق

مركز تحميل الصور الاسلامية

تحدي بين مدرس يهودي وطالب مسلم

su-34

أركان الإسلام

a7dathalnihaya