سورة الزمر للشيخ خالد الجليل

MultiHoster

الردود على الافتراءات المثارة عن زواج سيدنا محمد من أمنا عائشة

بسم الله الرحمن الرحيم

و الصلاة و السلام على سيدنا محمد خير خلق الله

بفضل الله تم الانتهاء من الفيلم الوثائقي القصير * قصة زواج * ويعتبر من أقوي الردود على الافتراءات المثارة عن زواج سيدنا محمد من أمنا عائشة

 

فيا أنصار رسول الله فلنتعاون جميعا على الدفاع عن رسول الله و ننشر الفيديو على أوسع نطاق

 

 

 

قناة موقع نصرة رسول الله على اليوتيوب

To say that something is wrong or not, you have to say it is wrong because of what; because it is violating what.

Please check this video to know the truth about Prophet Mohammad & Aisha's Marriage.

 

If you want to read the perfect love story, I recommend that you don't read "Romeo and Juliet" but Read the story of Muhammad and Aisha, in the very words of Aisha herself explaining how beautiful this relationship was between her and Prophet Muhammad (PBUH)

 

            

Sponsored by 
Khalifa Al Hammadi
 
لمن يريد رعاية انتاج الأفلام الوثائقية بموقع نصرة رسول الله  الرجاء مراسلة
 

السبت، 20 أغسطس 2011

والله جعل لكم الأرض بساطا




الارض هو الكوكب المعجزة الذي وصفه الله بالكروية وبأنه مدود فسبحان الله
 أحمد يوسف المدرك
 كلية العلوم – جامعة عين شمس جمهورية مصر العربية
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ،، من الموضوعات العلمية التي يجادل فيها أهل الباطل ليقولوا بأن القرآن يحمل معلومات علمية مزيفة .. هو موضوع كروية الأرض شاهدت ذات مرة فيديو لواحد من الملحدين .. يريد فيه أن يفتري الكذب على كتاب الله ,, ويدعي أنه أخرج عدة أخطاء علمية فادحة في القرآن الكريم – وحاشا لله – ولكن كما قال ربنا عز وجل: {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }التوبة32 وكان يتحدث عن موضوع كروية الأرض في القرآن الكريم ...
وفي هذا البحث القصير سنتناول الرد على هذه الشبهة ، وكشف الحجاب عن آية جديدة من آيات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم .. فالله المستعان .. قد وصل العالم خلال العقود الماضية إلى درجة هائلة من التقدم العلمي والتكنولوجي في جميع المجالات ، ومنها مجال علوم الفلك والفضاء .. وتحول أمر " كروية الأرض" من مجرد نظريات وافتراضات إلى واقع حي مرئي .. بعد رؤية كوكب الأرض من الفضاء وتصويره .. وبعد اختراع الأقمار الصناعية والسفن الفضائية وما إلى ذلك وصار الأمر حقيقة مسلمة .. وفي القرآن الكريم .. آيات تدل على كروية الأرض كقوله تعالى:{ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ سورة الزمر: 5 .
قال د. زغلول النجار: ((وهي آية جامعة‏,‏ تحتاج في شرحها إلي مجلدات‏,‏ ولذا فسوف أقتصر هنا على الإشارة إلي كروية الأرض وإلي دورانها من قبل ألف وأربعمائة سنة‏,‏ في زمن ساد فيه الاعتقاد بالاستواء التام للأرض بلا أدني انحناء‏,‏ وبثباتها‏,‏ وتمت الإشارة إلي تلك الحقيقة الأرضية بأسلوب لا يفزع العقلية البدوية في زمن تنزل الوحي‏,‏ فجاء التكوير صفة لكل من الليل والنهار‏,‏ وكلاهما من الفترات الزمنية التي تعتري الأرض‏,‏ فإذا تكورا كان في ذلك إشارة ضمنية رقيقة إلي كروية الأرض‏,‏ وإذا تكور أحدهما على الآخر كان في ذلك إشارة إلي تبادلهما‏,‏ وهي إشارة ضمنية رائعة إلي دوران الأرض حول محورها‏,‏ دون أن تثير بلبلة في زمن لم تكن للمجتمعات الإنسانية بصفة عامة والمجتمعات في جزيرة العرب بصفة خاصة أي حظ من الثقافة العلمية‏)).
والتكوير لغة هو :إدارة الشيء أو جمعه بعضه على بعض .. أو جعله كالكرة ... كما يقال أيضا ‏(‏ اكتار‏)‏ الفرس إذا أدار ذنبه في عدوه وآيات أخرى تدل على دوران الأرض حول محورها مثل: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ }النمل88 ولكن هناك آيات تتشابه على بعض الضالين .. والتي يتكلم الله فيها عن انبساط الأرض وانسطاحها .. قال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطاً }نوح19 وقوله أيضا: { وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَاسورة الحجر: 19 وقال أيضا: {وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ }الغاشية20 وغيرها من الآيات الكثير التي تصب في نفس المعنى .. وهذه هي الآيات التي استدل بها المبطلون ليثيروا الشبهات حول قرآننا العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . ولكي نرد عليهم .. ونعرف أنه لا تعارض بين هذي الآيات والأيات الدالة على كروية الأرض ولنتعلم المعجزة الهائلة في تلك الآية العظيمة دعنا أولا نعرف تفسيرها {وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ }الغاشية20 تأمل الإشارة التعجبية في الآية .. التي تحث الناس على التفكر والتعجب من هذه الآية من آيات الله .. إذ أنه لوكان يثبت أنها مسطحة .. لما كان من عجب أن تكون ممدودة مبسوطة !! في تفسير الآية: قال ابن كثير: أي كيف بسطت ومدت ومهدت وقال العلامة السعدي: أي مدت مدا واسعا وسهلت غاية التسهيل ليستقر العباد على ظهرها ويتمكنوا من حرثها وغراسها والبنيان فيها وسلوك طرقها . ثم عقب الشيخ قائلا: ((واعلم أن تسطيحها لا ينافي أنها كرة مستديرة قد أحاطت الأفلاك فيها من جميع جوانبها كما دل على ذلك النقل و العقل والحس والمشاهدة كما هو مذكور معروف عند كثير من الناس خصوصا في هذه الأزمنة التي وقف فيها الناس على أكثر أرجائها بما أعطاهم الله من الأسباب المقربة للبعيد ، فإن التسطيح إنما ينافي كروية الجسم الصغير جدا الذي لو سطح لم يبق له استدارة تذكر ، أما جسم الأرض الذي هو كبير جدا وواسع فيكون كرويا مسطحا ولا يتنافى الأمران كما يعرف ذلك أرباب الخبرة )) أ.هـ
والآن دعونا نعرف بالأدلة العلمية والهندسية .. كيف يمكن للجسم أن يجمع بين التكور والتسطيح ؟! تأمل معي هذه الأشكال الهندسية:

عند علماء الهندسة التحليلية .. فإن هذه الأشكال الثلاثة يمكن أن تعرف على أنها دوائر.. تختلف في أنصاف أقطارها .. نصف قطر النقطة = 0 نصف قطر أي دائرة = أي عدد حقيقي أكبر من الصفر أما نصف قطر الخط المستقيم = " ما لا نهاية " وعندما نعتبر الجسم المسطح .. عند أخذ قطاع فيه .. فإن سطحه يظهر على هيئة خط مستقيم .... دعنا نرجع بحديثنا عن الأرض .. معلوم عند علماء الجيولوجيا وعلماء الفيزياء أن نصف قطر الأرض (مع العلم أن من أوائل من قام بحساب نصف قطر الأرض هو العالم المسلم: البيروني ) Average radius of Earth = 6378100 meters
أي أن نصف قطر الأرض يبلغ تقريبا: ستة آلاف وثلاثمئة وسبعون وثمانية كيلومترا .. أي ما يكافئ .. ستة ملايين وثلاثمئة وسبعون وثمانية آلاف ومئة متر .. وهو رقم ضخم للغاية وهذا الرقم الهائل، يمكن أن يقال عنه عند الرياضيين: يقترب من الـ" لا نهاية " وكما قلنا أن نصف القطر إذا بلغ الـ " لا نهاية " يكون خطا مستقيما مستويا ولكن عندما تقترب القيمة من اللا نهاية .. فيظهر عندي سطح يقترب من أن يكون مسطحا ، فهو مسطحا نسبيا سبحان الله .. أفلا ينظرون كيف سطح الله الأرض لنا رغم أنها كروية !! فلو كان الله خلق الأرض في قطر أصغر بكثير من هذا القطر .. ربما لم تكن الأرض على حالتها من البسط والامتداد والتسطح النسبي .. فهنا نرى آية من أعجب آيات الله ونعمة من أكبر نعمائه علينا .. أن خلق نصف قطر الأرض على هذه الضخامة .. حتى يكون لنا من سطح الكرة بساطا ممدودا .
 فسبحان الله الخالق المبدع العظيم ..
 وصلى الله على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين ،
 أحمد يوسف المدرك
 – كلية العلوم – جامعة عين شمس جمهورية مصر العربية
 المراجع:
- تفسير القرآن العظيم
– لابن كثير - تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان
– الإمام السعدي
 - الهندسة التحليلية – د. عبد العزيز عزب – قسم الرياضيات بكلية العلوم جامعة عين شمس
 - مقالات للدكتور زغلول النجار

الحُبُك: صور كونية تسبح الله


إعداد المهندس عبد الدائم الكحيل
كاتب ودعاية إسلامي ـ سوريا
طرح العلماء سؤالاً عن شكل الكون: ما هو شكل كوننا الذي نعيش فيه؟ فبعدما اكتشفوا أن مجرتنا ليست هي الوحيدة في الكون، وجدوا أن الكون مليء بالمجرات، وأن هذه المجرات تصطف على ما يشبه خيوط النسيج!
المجرة هي: تجمع من النجوم يحوي أكثر من مئة ألف مليون نجم، ومجرتنا هي مجرة درب التبانة وتحوي هذا العدد الهائل من النجوم، ولو نظرنا إلى السماء في ليلة صافية فإن معظم النجوم التي نراها تنتمي إلى هذه المجرة ولكن هذه المجرة ليست هي الوحيدة في الكون إنما هنالك أكثر من أربع مئة ألف مليون مجرة!
هذه المجرات تتوضّع كما كان يعتقد العلماء عشوائياً يعني ظل الاعتقاد السائد أنها تتوضع عشوائياً وليس هناك أي نظام يربط بينها، ولكن في العام الماضي قام علماء من الولايات المتحدة الأمريكية ومن كندا ومن ألمانيا بأضخم عملية حاسوبية على الإطلاق كان الهدف من هذه العملية معرفة شكل الكون ولكن هذه المهمة تطلبت تصميم كمبيوتر عملاق هو السوبر كمبيوتر.
السوبر كمبيوتر هو جهاز كمبيوتر عملاق يزن أكثر من مائة ألف كيلو غرام وهذا الجهاز يحتاج إلى مبنى ضخم وتكاليف باهظة والعجيب أن سرعة هذا الجهاز في معالجة المعلومات أو البيانات أنه ينجز في ثانية واحدة ما تنجزه الحاسبات الرقمية العادية في عشرة مليون سنة، فتأملوا معي ضخامة هذا الجهاز الذي سموه العلماء بـ (سوبر كمبيوتر).
لقد أدخل العلماء عدداَ ضخماً من البيانات حول هذا الكون فأدخلوا بياناتٍ حول أكثر من عشرة آلاف مليون مجرة وبيانات حول الدخان الكوني وبيانات حول المادة المظلمة في الكون وبقي هذا الكمبيوتر العملاق وعلى الرغم من سرعته الفائقة بقي شهراً كاملاً في معالجة هذه البيانات وكانت الصورة التي رسمها للكون تشبه تماماً نسيج العنكبوت.
إن الذي يتأمل هذه الصورة وما فيها من نسيج محكم يلاحظ على الفور أن المجرات لا تتوضع عشوائياً إنما تصطف على خيوط طويلة ودقيقة ويبلغ طول الخيط الواحد مئات الملايين من السنوات الضوئية، عندما رأى العلماء هذه الصورة أدركوا على الفور وجود نسيج محكم في السماء فأطلقوا مصطلح (النسيج الكوني). بدأ العلماء بعد ذلك بدراسة تفاصيل هذا النسيج وبدؤوا يصدرون أبحاثاً ومقالاتٍ حول هذا النسيج ومن أهمها مقالة بعنوان(كيف حُبِكَت الخيوط في النسيج الكوني) وقد لفت انتباهي في هذا البحث أن هؤلاء العلماء يستخدمون الكلمة القرآنية ذاتها يستخدمون كلمة Weave باللغة الإنكليزية وهي تماماً تعني حبك، وأدركت مباشرة أن هذه الآية تصوّر لنا تماماً هذا النسيج في قوله تعالى (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ).
يقول الإمام الزمخشري رحمه الله تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ: إذا أجاد الحائك الحياكة قالوا ما أحسن حبكه).
إذاً الإمام الزمخشري تحدث عن نسيج تم حبكه بإحكام. والإمام القرطبي تناول هذه الآية أيضاً وقال فيها: (ألم تر إلى النساج إذا نسج الثوب فأجاد نسجه يقال منه حبَك الثوب يَحبِكُه حَبكاً أي: أجاد نسجه)، ولكن الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى له تفسير جميل وعجيب ويطابق مئة بالمئة ما يقوله اليوم علماء الغرب! فالإمام ابن كثير يقول:(وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ أي: حُبكت بالنجوم، ولو تأملنا المقالات الصادرة حديثاً عن هذا النسيج نلاحظ أن العلماء يقولون: إن الكون حُبك بالمجرات.
تحدث العلماء عن هذا النسيج طويلاً، ووجدوا بأن هذا النسيج هو نسيج مُحكم لأننا إذا تأملنا صورة النسيج الكوني نلاحظ أن لدينا كل خيط تتوضع عليه آلاف المجرات ولا ننسَ أن كل مجرة فيها مائة ألف مليون نجم وهي تبدو في هذه الصورة كنقطة صغيرة لا تكاد ترى فالنقاط الصغيرة في هذه الصورة النقاط المضيئة هي مجرات، ونلاحظ أن هذه المجرات تصطف على خيوطٍ دقيقة جداً وكل خيط يبلغ طوله ملايين بل مئات الملايين من السنوات الضوئية والسنة الضوئية!!
إن هذا النسيج يتحدث عنه علماء الغرب بقولهم إن خيوطه قد شُدّت بإحكام مذهل أي أنه نسيج وأنه محكم وهو أيضاً متعدد، يعني هذا النسيج الكوني لا يتألف من طبقة واحدة، إنما هنالك طبقات بعضها فوق بعض ولو تأملنا الصور التي رسمها السوبر كمبيوتر لهذا النسيج وما فيه من تعقيد وإحكام مُبهر نلاحظ أن الله تبارك وتعالى قد أحكم صناعة هذا النسيج بشكل يدلّ على أنه عز وجل قد أتقن كل شيء، كيف لا وهو القائل: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) [النمل: 88].
السنة الضوئية: هي ما يقطعه الضوء في سنة كاملة، فالضوء يسير بسرعة تبلغ ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية الواحدة، ففي سنة كاملة يقطع مسافة تساوي: سنة ضوئية واحدة. إن مجرتنا والتي تحوي أكثر من مائة ألف مليون نجم يبلغ قطرها أو طولها مائة ألف سنة ضوئية أي أن الضوء يحتاج حتى يقطع مجرتنا من حافتها إلى حافتها مائة ألف سنة كاملة، فتأملوا كم يحتاج الضوء ليقطع الكون من حافته إلى حافته والعلماء يقدرون حجم هذا الكون بحدود ثلاثين ألف مليون سنة ضوئية، طبعاً هذا الكون المرئي وما بعد هذا الكون لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى.
لو تأملنا كلمة (الحُبُك) نلاحظ أنها تتضمن عدة معانٍ: الشد، والإحكام، والنسيج، وأيضاً تتضمن معاني الجمع لأن كلمة الحبك جاءت بالجمع وليست بالمفرد، يعني الله تبارك وتعالى لم يقل (والسماء ذات الحبيكة الواحدة) بل قال (الحُبُك) وكلمة الحبك هي جمع لكلمة (حبيكة) ولذلك فإن الله تبارك وتعالى قد جمع في كلمة واحدة عدة معانٍ لهذا النسيج، فالنسيج قد يكون محكماً أو هزيلاً وقد يكون قوياً وقد يكون ضعيفاً وقد يكون مفككاً أو مترابطاً، ولكن كلمة (الحبك) تعني النسيج المحكم، و(حَبك) تعني أنه أتقن وأحكم صناعة هذا النسيج وهذا ما يقوله العلماء اليوم يؤكدون أن النسيج الكوني ليس نسيجاً عادياً، إنما هو نسيج محكم وقد شُدّت خيوطه بإحكام.
ومن هنا نستطيع أن نستنج أن الله تبارك وتعالى قد أودع في كل كلمة من كلمات كتابه معجزة مبهرة، ففي كلمة واحدة هي كلمة (الحُبُك) تتجلى أمامنا معجزة عظيمة، هذه المعجزة العظيمة تتضح أمامنا من خلال أن الله تبارك وتعالى عبّر بكلمة واحدة عن حقيقة هذا النسيج، بينما العلماء يستخدمون كلماتٍ متعددة حتى يصلوا إلى النتيجة ذاتها.
من الأشياء الغريبة التي لاحظتها أننا لو جئنا بمقطع من دماغ إنسان مثلاً وقمنا بتكبير خلايا الدماغ العصبية نلاحظ أن الصورة الناتجة صورة نسيج الدماغ تشبه تماماً صورة النسيج وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على أن الخالق واحد: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) [الزمر: 62].
لماذا ذكر الله تبارك وتعالى هذه الحقيقة في كتابه المجيد؟!
نعلم أن علماء اليوم يندفعون باتجاه اكتشاف أسرار الكون ودافعهم في ذلك حب الفضول وحب المعرفة، ولكن القرآن لا نجد آية واحدة إلا ومن وراءها هدف عظيم. فلو تأملنا سلسلة الآيات في قوله تعالى: { وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ * إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ * يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ) [ الذاريات: 7-9] والإفك هو الكذب، أي أن هؤلاء الذين يفترون على الله كذباً ويقولون إن هذا القرآن ليس من عند الله إنما كلامهم مضطرب ولا يستقيم أبداً، ولو تأملنا سلسلة الآيات نلاحظ أن الله تبارك وتعالى يقول بعد ذلك: (وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ * وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ* فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ) [الذاريات: 20-23].
وهنا نصل إلى الهدف من هذه الحقيقة الكونية: (إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ)، أي: أيها الملحدون المشككون بكتاب الله تبارك وتعالى كما أنكم لا تشكون أبداً في رؤيتكم لهذا النسيج المحكم، وكما أنكم لا تشكُّون في أنكم تنطقون، كذلك ينبغي أن تدركوا وتتأكدوا أن هذا الكلام هو كلام الله تبارك وتعالى، لأنه لا يمكن لبشر أن يتنبأ بالبنية النسيجية للكون قبل أربعة عشر قرناً.
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل

المراجع :
[1] E Papantonopoulos, The Physics of the Early Universe, Springer,2005.
[2] Volker Springel, Professor Carlos Frenk, Professor Simon White, Millennium Simulation – the largest ever model of the Universe, University of Durham, 2005.
[3] Matts Roos, Introduction to Cosmology, John Wiley and Sons, 2003.
[4] Robert Sanders, "Dark matter" forms dense clumps in ghost universe, University of California, 05 November 2003.
[5] Michael Rowan-Robinson, Cosmology, Oxford University Press, 1996.
[6] Malcolm S. Longair, The Cosmic Century, Cambridge University Press, 2006.
[7] Klapdor-Kleingrothaus, Dark Matter in Astro- And Particle Physics, Springer, 2003.
[8] Neil J C Spooner, Vitaly Kudryavtsev, The Identification of Dark Matter, World Scientific, 2001.
[9] The Age of the Universe, Dark Matter, and Structure Formation, Colloquium on the Age of the Universe St, National Academies Press, 1998.
[10] N Katherine Hayles, Cosmic Web, Cornell University Press, 1984.
[11] Robert A. Simcoe, The Cosmic Web, Americanscientist, Volume: 92 Number: 1 Page: 30, 1.30. 2004.
[12] Maggie McKee, Washington DC, Mini-galaxies may reveal dark matter stream, New Scientist, 12 January 2006.
[13] David Wands, A brief history of cosmology, www-history.mcs.st-andrews.ac.uk, March 1997.
[14] Our own Galaxy - the Milky Way, University of Cambridge, www.cam.ac.uk.
[15] BBC News Onlin, Supercomputer to simulate bomb tests, news.bbc.co.uk, 30 June, 2000.
[16] Palle Møller, Johan Fynbo, Bjarne Thomsen, A Glimpse of the Very Early Universal Web, European Southern Observatory, 18 May 2001.
[17] Tim Radford, A duplicate universe, trapped in a computer, www.guardian.co.uk, June 2, 2005.
[18] Biggest ever cosmos simulation, news.bbc.co.uk, 1 June, 2005.
[19] Heather Hasan, How Mathematical Models, Computer Simulations and Exploration Can Be Used To Study The Universe, p134, The Rosen Publishing Group, 2005.
[20] Manolis Plionis, Spiros Cotsakis, Modern Theoretical and Observational Cosmology, Springer, 2002.
[21] J. Richard Bond, Lev Kofman & Dmitry Pogosyan, How filaments of galaxies are woven into the cosmic web, Nature 380, 603 - 606 ,18 April 1996.
[22] Gemini, Subaru & Keck, Discover large-scale funneling of matter onto a massive distant galaxy cluster, www.gemini.edu, 30 June 2004.

مصدر مياه الأرض بين الإنْزَالْ والتَنْزِيلْ





إعداد محمد ترياقي
مهندس مقيم في كندا
عندما نُشاهد كميّات الماء المُتواجدة في المحيطات والبحار وفي جوف الأرض وفي الينابيع والأودية والبرك والبحيرات وفي جبال الثلج المتجمدة وحتى في السُحب العابرة، نتسائل كيف ومن أين جاءت هذه الكميّة الهائلة من الماء إلى كوكبنا الأرضي؟ فجعلته كوكبا متميّزًا عن غيره بحياة تنبض فيه منذ ما يزيد عن ثلاثة مليارات سنة بحسب ما يُقدِّره خبراء علوم الأرض والبحار [1]، ونتساءل أيضا كيف انعدم أو اختفى الماء على سطح بعض الكواكب المجاورة، أو كيف لم يتواجد في حالة سائلة على بعضها الآخر؟ في حين تواجد هذا العنصر بوفرة على الكوكب الأخضر منذ ما يزيد عن أربعة مليارات سنة [2]، أي قبل بداية الخلق عليها كونه هو العنصر الرئيسي واللازم لظهور الحياة وازدهارها.
ولكي نجد أجوبة على أسئلتنا تلك لم نجد خيرا من كتاب الله نبحث فيه، إذ كيف نسأل الخلق عن حال المخلوقات ونذر خالق الخلق وخالق المخلوقات؟!
وكيف لنا أن نبحث في مُخططات وكُتب البشرِ ونذر قول مُنزلُ الآيات المُعجزات والسُورْ ؟! وإذا كان الحبيبُ المصطفى- صلى الله عليه وسلم- قد أخبرنا أنّ القرآن فيه نبأ ما قبلنا وخبر ما بعدنا وحُكم ما بيننا، وأنّه قولٌ فصل وليس بالهزل، وأنّه لا تُفنى عجائبه[3]، فيكف لنا إذا أن نستعين بالفرضيات والتجارب والنظريات العلمية البشرية وحدها من دون كتاب صادق يتضمنُ اليقين من أنباء ما قبلنا؟ أليس هو الكتاب المُعجز الذي سبق مرّات عديدة الحقائق العلمية الحديثة بمئات السنين؟ ثم أليس الله تعالى من أمرنا أن نبحث عن الحقيقة ونسأل عن نشأة الكون وبداية الخلق في قوله سبحانه: ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ * ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَة * إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ العنكبوت - (الآية: 20) ؟
فكيف إذا بدأ خلق الماء؟ وكيف جاء ذكر تواجده على الأرض في هذا الكتاب المُعجز؟ ولماذا جاء في القرآن استعمال صفتي "الإنزال" و"التنزيل" عند ذكر نزول الماء إلى سطح الأرض؟ وهل لاختلاف المعنى اللُغوي في هاتين الصفتين ما يخبر عن أصل الماء وكيفية استقراره في الأرض؟ وماذا استخلص الجيولوجيون وعلماء العصر الحديث عن أصل الماء في كوكبنا؟ وهل سبق القرآن الحقائق الجيولوجية الحديثة في إعطائه لنا نبئا حدث منذ ما يزيد عن 4 مليارات سنــــــــة؟
رؤية العلم الحديث إلى مصدر مياه الأرض
لقد نشأ الكوكب الثالث في المجموع الشمسية – الأرض- منذ ما يقارب 4.5 مليار سنة[4]، ولقد نتج هذا التكوّن من جرّاء تراكم وتكثف وتحجر الحلقات السحابية أو السديمية الحاملة لذرات الغاز وذرات الغبار الكوني المُغطى بجزيئات دقيقة من الماء، والناتج من بقايا النجوم المندثرة في مجرة درب التبانة [5]، فلمدة قد امتدت إلى 10 مليارات سنة ظلت الحلقات السديمية تتراكم تحت تأثير الجاذبية، وكلما زاد التكاثف والتراكم ارتفعت درجات حرارة المركز، فظهر بذلك نجم يدعى ب: "الشمس"، وفي نفس الوقت تجمعت العناصر الثقيلة كالحديد والألمنيوم والنيكل في شكل حلقات، وما إن يبلغ قطر الحلقة الواحدة 800 متر وأكثر حتى تكون الكتلة كافية بأن تسحب إليها العناصر المجاورة الأخرى، وتحت تأثير الجاذبية تَكوْكَبت تلك الحلقات فظهرت كواكب المجموعة الشمسية بما فيها الأرض، غير أنها لم تكن تشبهُ الأرض التي نعيش عليها اليوم، فدرجة الحرارة في تلك الحقبة كانت تقدر ب: 5000 درجة مئوية، إضافة إلى الرياح الشمسية والتي كانت تعصف بسرعة تقدر ب: مليون كيلومتر في الساعة ! فلم تكن الأرض حينها إلاّ كوكبًا قاحلاً مهجورًا يحوي طاقة معتبرة ناتجة من جرّاء ظاهرة التراكم تلك، كما كان يحوي العديد من العناصر الكيميائية الأخرى والتي كانت في حالة غازية، فدرجات الحرارة العالية حينذاك لم تكن لتسمح بوجود الماء في حالة سائلة. وبمرور الوقت انخفضت تدريجيا درجة حرارة الأرض، ثم حدث وأن أصبح 70% من سطحها مغمورا بالماء والجزء الباقي ينقسم ما بين صحاري وغابات وجبال وسهول وهضاب وأودية، فأصبحت بذلك كوكبًا حيّا بلون أزرق لما يحويه من كميات هائلة من الماء المتدفق في حالته السائلة، فما الذي حدث بالضبط؟ ومن أين جاء الماء الذي ننعم به اليوم؟
المصدر الأول للماء
انقسمت أراء العلماء في تحديد مصدر الماء الذي تواجد على سطح الأرض، ففي الوقت الذي يعتقد بعض علماء الفيزياء الفلكية أنّ مصدر الماء هو الشُهب[6] التي كانت تأتي من أطراف المجموعة الشمسية القصية والحاملة لكميات هائلة من الجليد، ذهب البعض الآخر منهم للقول أن مصدر الماء هوالمذنبات[7] المتكونة أساسًا من 80 % من الجليد والمنحدرة من حزام كويبر[8] أومن سحابة أورط[9] والتي إرتطمت في الأرض منذ ملايين السنين. وحتى وإن اختلف علماء الفيزياء الفلكية في طبيعة ومصدر الأجسام السماوية التي حملت الماء المتجمد إلى الأرض غير أنهم يتفقون في أنّ هذه الأجسام ( سواء كانت شُهبا أم مذنبات) قد غاصت في طبقة القشرة الأرضية بفعل ظاهرة الارتطام الهائل مع السطح الأرضي محررةً بذلك كميات الجليد التي كانت تحملها، وما إن تحررت حتى تحولت بفعل الحرارة العالية جدًا إلى بخار، ثم لعب الغلاف الجوي دورًا مهما في الحفاظ على هذا البخار والحيلولة دون تسرُبه إلى الفضاء الخارجي.

شكل(1) المذنب

الشكل (2) الشهب


شكل(3) حزام كويبر

شكل(4) سحابة أورط
المصدر الثاني للماء
غير أن اكتشافات جديدة في هذا المجال قد دفعت العلماء للقول أنّه لا يوجد تفسيرًا واحدًا لوجود الماء على سطح الأرض، أي أنّ الشُهب والمُذنبات لم تكن وحدها مسؤولة عن تواجد الماء بل يوجد هناك مصدر آخر تم تأييده مؤخرا، حيث قام علماء الفيزياء الفلكية بحساب نسبة مادة الديُوتريوم [10] إلى مادة الهيدروجين المتواجدة في مذنب هالي [11] وهذا باستعمال القمر الصناعي جيوتو[12]،ثم قاموا بحساب نسبة مادة الديُوتريوم إلى مادة الهيدروجين المتواجدة في المحيطات، فكانت النسبة المقدرة هي 0.00003 على مذنب هالي مقابل 0.0000015 في المحيطات، فاستنتجوا أنّ المياه التي كان مصدرها المذنبات ( أو الشهب) لا تشكل سوى 10 % من مجموع مياه الأرض، علماء الفيزياء الفلكية استنتجوا بناءًا على هذه الاكتشافات أنّ مصدر الماء لم يكن من الفضاء الخارجي فحسب (المذنبات أو الشُهب) لكن كان جُزءا معتبرا منهُ من مصدر آخر وهو ظاهرة تبخر المياه التي كانت محجوزة داخل جيوب الغلاف الأرضي، والتي تشكلت أثناء نشوء الأرض مع ظاهرة تراكم ذرات الغبار الكوني والتي كانت مغطاة بجزيئات دقيقة من الماء، فالطاقة الناتجة والمندفعة من باطن الأرض تسببت بإحداث نشاطات بركانية هائلة دفعت بدورها كميات المياه المحجوزة داخل جيوب القشرة الأرضية إلى الخروج في شكل بخار، لتبقى بذلك حبيسة الغلاف الجوي، وهذا ما قاله الجيولوجيون في مصدر مياه الأرض. فيكون علماء الفيزياء الفلكية بهذا الاكتشاف قد اتفقوا مع عُلماء الجيولوجية في المصدر الثاني للماء مؤيدين بذلك نظرية ازدواجية مصدر الماء.
القمر الصناعي "جيوتو" عند إقترابه من مذنب "هالي"
Giotto approaching Comet Halley
إستقرار الماء على سطح الأرض
حتى وإن اختلفت الأطروحات العلمية في مصدر الماء أهو خارجي (عبر المذنبات أو الشهب ) أو داخلي (عبر جيوب القشرة الأرضية)، أم أنّه تواجد تبعا للمصدرين معًا، إلا أنّ العلماء وبالأخص الجيولوجيون يتفقون ويؤكدون جميعا حقيقة علمية مفادها أنّ المياه التي استقرت على سطح الأرض في حالتها السائلة هي مياه قد نزلت من أمطار طوفانية عنيفة امتدت لملايين السنين [13]،فالبخار الذي انفلت من جيوب القشرة الأرضية بسبب النشاطات البركانية الهائلة أو الناتج من ذوبان الجليد المنفصل عن المذنبات، قد اندفع إلى أعلى الغلاف الجوِّي، ثم تراكم إثر تدنِي درجة حرارة الأرض تدريجياً، فتشكلت بذلك سُحبا كثيفة وسميكة جدًا غطت كل الكرة الأرضية، وما إن توفرت درجة الحرارة الملائمة واللازمة لحدوث ظاهرة المطر حتى بدأت الأمطار الطوفانية الغزيرة والعنيفة في النزول، حيث غمرت سطح الأرض وكانت مُدتها ملايين السنين[13]، وهذه الحقبة الزمنية الطويلة كانت لازمة وكافية لغمر وملئ الحُفر السحيقة التي تُوجد في المحيطات والتي يصل عمق بعضها إلى أكثر من 10000 متر، كما هو الحال في المحيط الهادي والذي يحوي في جوفه على أعمق حفرة بحرية في العالم وهي حفرة "ماريان" [14] والتي تقدر ب: 11521 متر. فبفعل هذه الأمطار العنيفة وطويلة المدى ظهرت المحيطات والبحار والبحيرات والبرك والمياه الجوفية، وتمكّن الماء أخيرًا من الاستقرار على سطح الأرض في حالته السائلة كمياه عذبة ومياه مالحة، وبظهور أول الكائنات الدقيقة امتصت المحيطات والبحار كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون، وظل معدل درجة الحرارة في الإنخفاظ حتى استقر نسبيًا على المعدل الذي نعرفه اليوم، وباختلاف درجات الحرارة في زوايا الأرض اختلفت صفة تواجد الماء من سائل إلى متبخر إلى متجمد، كما نشأت ظواهر طبيعية عديدة من بينها ظاهرة تشكل السُحب وسقوط الأمطار بالصفة التي نعرفها اليوم، والناتجة من ظاهرة دورة المياه من الأرض إلى الغلاف الجوِّي ثم إلى الأرض مرة أخرى( راجع بحثنا بعنوان: إعجاز الكتاب في وصف ثقل السحاب) [15].
الدلالة اللغوية للفظ "نزّل" و" أنزل"
1) المعنى اللغوي لكلمة "نزل".
النزول في اللغة يعني هُبوط الشيء ووقوعه، وعلى هذا النحو قال ابن فارس رحمه الله: "النون والزاء واللام كلمة صحيحة تدل على هبوط شيء ووقوعه"، وكلام ابن فارس هذا يعني أنه ليس لهذه الكلمة إلا هذا المغزى وهذا المعنى، وما ساقه بعض كُتَّاب علوم القرآن من أن لهذه الكلمة معنى ثانياً وهو"الحُلول" فليس هو معنى آخر للكلمة، بل هو على الغالب يعود إلى هذه المادة فهو بذلك لازم من لوازمها. وما قاله ابن فارس أكَّده الراغب الأصفهاني[16] في كتابه "مفردات ألفاظ القرآن"، كما ذكره السمين الحلبي في كتابه "عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ".
وتقول العرب: " نزل الرجل عن دابته نزولا" و" نزل المطر من السماء نزولا"، والنازلة: الشديدة من شدائد الدهر تنزل، أما النزال في الحرب هو أن يتنازل الفريقان، ونزال: كلمة توضع موضع أنزل، ومكان نزل: ينزل فيه كثيرا، ويعبرون عن الحج بالنزول، ونزل الرجل أي: حجَّ.
2) الفرق بين الفعل "نَزَّلَ" و" أَنْزَلَ"
لقد جاء في قواعد اللغة العربية أنّ كل زيادة في المبنى تتبعها زيادة في المعنى، والترادُف التام تأباه قواعد العربية، فيكتسب المُصطلح من أيّ زيادة معنى آخر، والمُتأمل في كلام العرب من شعر ونثر يرى ذلك جليًا. ففي غالب الأحيان يُفيد الفعل الذي يأتي على وزن "فَعَّلَ" التكثير والمبالغة[17]، والحدث فيه يستغرق وقتا أطول وأنّه يفيد تلبثا ومكثا، فالفعل "قَطَّعَ" مثلاً يفيد استغراق وقت أطول من "قَطَعَ"، وفي "عَلَّمَ" من التلبُث وطول الوقت والتكرار ما ليس في " أعْلَمَ"، فنقول مثلاً: (عَلَّمَ الشيخُ الفقهَ لطلبةِ العلم) ولا نقول ( أعْلَمَ الشيخ الفقه لطلبة العلم) لأن تعلُّم الفقه يحتاج إلى تكرار وحفظ ومداومة وتذكير، فيأخذ بذلك وقتا أطول. أما الفعل إذا جاء على وزن " أَفْعَلَ" فله دلالة على حدوثه دفعة واحدة بدون تكثير ولا مبالغة ولا يستغرق حدوثه وقتا طويلا، كأن نقول مثلاً: )أَعْلَمْتُ فلان الطريق إلى المسجد( ولا نقول )عَلَّْمْتُ فلان الطريق إلى المسجد( لأن تعليم الطريق لا يحتاج إلى التكرار والمداومة على ذلك، فمرة أو مرتين تكفي لأن يتعلّم العاقل طريقا أو سبيلا ما وفي وقت قصير نسبيًا. وكذا الحال بالنسبة ل: "نَزَّلَ" و" أَنْزَلَ" فالأولى تفيد التكثير والمبالغة في النزول واستغراق وقت أطول، بينما في الثانية يكون النزول عام وشامل بدون تكثير ولا مبالغة كما لا يستغرق الشيء وقتًا طويلا في حدوثه.
ذكر كلمة "نَزَّل" وأَنْزَلَ" في القرآن الكريم
لقد جاء استعمال صفة التنزيل ( أي أنّ الفعل يأتي بلفظ: نَزَّلَ ) وصفة الإنزال ( أي أنّ الفعل يأتي بلفظ: أَنْزَلَ ) في آيات عديدة من القرآن. ومن شواهد ذلك في كتاب الله لفظي تنزيل وإنزال القرآن ولفظي تنزيل وإنزال الكتب السماوية، ولفظي إنزال وتنزيل الماء، وإنزال وتنزيل الملائكة، وإنزال وتنزيل المن والسلوى وإنزال وتنزيل الذِكر، وإنزال(دون التنزيل) الحديد واللباس. حيث نجد أفعالا تأتي تارة على وزن " فَعّلَ" وهي " نَزَّلَ " وتأتي تارة أخرى على وزن "أفعَلَ" وهي " أَنْزَلَ "، وقد يقترنان في آية واحدة أو آيات متتالية وقد يردان في القصة نفسها وقد يردان في سورتين مختلفتين، ولكل من الصيغتين معنى زائدا يخالف معنى الصيغة الأخرى وإن اتفقتا في المعنى الأصلي للنزول.
بناءًا على ما سبق ذكره أعلاه من القواعد النحوية، سنُحاول أن نلتمس الفرق بين لفظ "نَزَّلَ" و" أَنْزَلَ" في الاستعمال القرآني، وسنأخذ على سبيل المثال الآيات التي جاءت فيها صفتي الإنزال والتنزيل للقرآن والكتب السماوية وأيضا الإنزال والتنزيل للماء، ونظرا لضرورة هذه الأمثلة في بحثنا هذا فإننا سنسهب في شرح وتبيان هذا الفصل.
1) ذكر نزول القرآن والكتب السماوية
لقد قال عليه الصلاة والسلام في حديث رواه ابن عباس: " أُنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة"[18]، أي أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن الله قد أنزل القرآن كاملاً جملةً واحدةً في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، فلهذا جاء اللفظ في الحديث أعلاه ب: " أَنْزَلَ "، ويتبين لنا ذلك أيضا في قوله سبحانه:﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ القدر - الآية:1، فجاء اللفظ هنا ب: "أَنْزَلَ" والذي هو على وزن "أَفْعَلَ" لكي يفيد الإنزال العام بدون تكرار ولا تفصيل ولا استغراق للوقت، وكذا الشأن بالنسبة للكتب السماوية الأخرى، فالتوراة كما نعلم قد أُتيت لموسى دُفعةً واحدة فلهذا جاء اللفظ ب " أَنْزَلَ " كما ذكر لنا ذلك تعالى في قوله: ﴿ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ﴾ آل عمران - الآية:3. ولما كان نزول القرآن من السماء الدنيا إلى الأرض متفرقًا سورة سورة وآية آية على قلب النبي صلى الله عليه وسلم طوال الفترة التي قضاها بين الناس منذ بعثته إلى وفاته، جاء في الحديث أعلاه اللفظ ب: "نزّل"، ويتبين لنا ذلك أيضا في قوله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا ﴾ الإنسان - الآية:23، وكما نرى فإن اللفظ "نَزَّلَ" والذي هو على وزن "فَعَّلَ" جاء في هذه الآية ليفيد التدرج والتفصيل والتفرق في النزول واستغراق وقت أطول.
2) ذكر نزول الماء
لقد جاء ذكر نزول الماء من السماء إلى الأرض في آيات عديدة، بعضها جاءت بلفظ "أنزل" والبعض الآخر جاء بلفظ: "نزَّل".
أ) الآيات التي جائت بلفظ " أَنْزَلَ"
﴿ وَهُو الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِه * حَتَّىٰ إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ * كَذَٰلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ الأعراف - الآية: 57
﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاح * وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا﴾ الكهف - الآية: 45
﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَو نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْس ِ * كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ يونس - الآية: 24
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُم * وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُم * وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّىٰ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا * وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾ الحج - الآية: 05
  ﴿ وَأَنْزَلْنَامِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا﴾ النبأ - الآية: 14   
﴿ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ﴾    الحجر - الآية: 22    
﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْض*وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ﴾    المؤمنون - الآية: 18    
 ﴿وَهُو الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ* وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾    الفرقان -آية:48.
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّة*إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾    الحج - الآية: 63    
﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لو نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ  الواقعة - الآية:68، 69، 70
ب) الآيات التي جائت بلفظ "نَزَّلَ"
﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ* قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ* بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾العنكبوت - ية:63
﴿ وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا* كَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ الزخرف - الآية: 11  

أوجه الإعجاز في الآيات المذكورة
الوجه الأول
إنّ كميات المياه التي نزلت عن طريق الأمطار الطوفانية الغزيرة والتي استغرقت مدة نزولها ملايين السنين، جاء ذكر صفة نزولها في القرآن بالتنزيل، فجاء اللفظ "نَزَّلََ" في الآية 11 من سورة الزخرف والآية 63 من سورة العنكبوت، وهو لفظ على وزن "فَعَّلَ" والذي يفيد التكثير والمبالغة والحدث فيه يستغرق وقتا أطول. أما المياه التي تَنْزِلُ عن طريق الأمطار الموسمية العادية - التي نعهدها اليوم - والتي عادةً ما تكون مدة هطولها من بضع دقائق إلى بضع أيام كأقصى تقدير، والتي لا يمكن أن تكون بحجم الأمطار الطوفانية، جاء ذكر صفة نزولها في القرآن بالإنزال، فجاء اللفظ "أَنْزَلَ" في الآية57 من سورة الأعراف، في الآية 45 من سورة الكهف، في الآية 24 من سورة يونس، في الآية 5 والآية 63 من سورة الحج، في الآية 14 من سورة النبأ، في الآية 22 من سورة الحجر، في الآية 18 من سورة المؤمنون وفي الآية 48 من سورة الفرقان، وهو لفظ على وزن "أفْعَلَ" والذي له دلالة على حدوث الشيء دفعة واحدة دون تكرار ولا مبالغة ولا تكثير ولا يستغرق حدوثه وقتا طويلاً. هكذا يأتي اللفظ القرآني دقيقاً ومُعجزًا ومبينًا لنا الفرق بين الأمطار الطوفانية التي ضربت الأرض منذ مليارات السنين وبين الأمطار التي نعرفها اليوم، بين أمطار دامت لأحقاب زمنية طويلة فوصفت بصفة أوحت باستغراق وقت أطول ( أي صفة التنزيل) وبين أمطار لا يستغرق وقت نزولها سوى أيام أو أقل من ذلك فوصفَتْ بصفة أوحت باستغراق وقت قصير ( أي صفة الإنزال). كما يبين لنا اللفظ القرآني الفرق بين أمطار طوفانية غزيرة ووافرة وُصِفت بصفة أوحت بالمبالغة والتكثير (أي صفة التنزيل) وبين أمطار أقل غزارة من الأولى فوصِفَتْ بصفة أوحت بعدم المبالغة وعدم التكثير ( أي صفة الإنزال). ويبيّن لنا القرآن أيضا كيف تواجد الماء وأستقر على سطح الأرض وكيف نشأت المحيطات والبحار، فيخبرنا الخالق تعالى، مُنزلُ الماء والكتاب، أنّه شاء أن يكون للماء تنزيل ثم إنزال وأنّ الاختلاف اللغوي في هاتين المفردتين لم يكن ليعجز لسان قريش فحسب لكن ليعجز إنسان القرن الواحد والعشرين بعلمه واكتشافاته وأقماره الاصطناعية وتجاربه العلمية.
الوجه الثاني
لو تدبرنا في الآيات التي جاء اللفظ فيها ب: "نزّل" نجد أن القرآن يُخبرنا أنّ الماء الذي نُزِّل جَاء ليُحوِّل الأرض من كوكب قاحل مهجور إلى كوكب ينعمُ بالحياة، في حين لم يذكر لنا القرآن في هاتين الآيتين شيء عن النبات، ويتبيَّن لنا ذلك في قوله تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ* قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ* بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ العنكبوت - الآية:63، وفي قوله تعالى :﴿ وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا* كَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ الزخرف - الآية:11 ، ولم يختلف علماء التفسير قط في أن المراد من كلمة "أنشرنا" هو"أحيينا". ولو تدبرنا في الآيات التي جاء اللفظ فيها ب: " أنزل" نجد أن القرآن يخبرنا أنّ الماء الذي أُنزل جاء ليخرج النبات والثمار والأشجار في حين لم يذكر لنا القرآن في هاته الآيات شيء عن إحياء الأرض الميتة، كما في قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّة* إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾ الحج - الآية: 63، وكما في قوله أيضا: (فاخرجنا به من كل الثمرات) في الآية:57 من سورة الأعراف، أو كما في قوله تعالى: (فاختلط به نبات الارض فأصبح هشيما) في الآية:45 من سورة الكهف، وقوله تعالى: ( فأخرجنا به نباتا وجنات ألفافا) في الآية:14 من سورة النبأ.
وهذا دليل على أنّ الماء الذي "أُنزل" لم يكن له نفس الدور الطبيعي والجيولوجي كالماء الذي "نُزِّل"، فهذا الأخير قد تَسببَ في استقرار الماء في حالة سائلة وظهور المحيطات والبحار التي كانت سبباً في بداية الحياة على الأرض وإحيائها وتحوُلها من كوكب قاحل مهجور إلى كوكب أخضر، لأنّ النباتات لم تَظهر مباشرة بعدما نزلت الأمطار الطوفانية لكنها ظهرت بعدها بملايين السنين، بينما ماء الأمطار العادية الذي جاء ذكرها باستعمال لفظ "أُنزِل" ليس سوى ماء المطر العادي والذي ينزل ليُخرج لنا الثمار والحبوب والأشجار، فهو لم يُحيِّ الأرض بل أخرج منها نباتها، فالفرق بين ذلك وذاك ليس في التعبير اللغوي فحسب لكن حتى في الأثر الطبيعي الذي يُحدثه كل واحد منهما بعد نزوله. وهذا ما قد بينه العلم الحديث في أن الأمطار الطوفانية كانت هي السبب في إحياء الأرض القاحلة والجرداء، وهذا ما لم يحدث في الكواكب السيّارة الأخرى.
الوجه الثالث
والآيات القرآنية التي جاء ذكر الماء فيها دون صفتي التنزيل أو الإنزال عديدة، نذكر منها قوله تعالى :﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لو نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ﴾ الواقعة - (الآية:68، 69، 70)، نجد في هذه الآيات الكريمة أنّ الخالق تعالى يُخبرنا أنّه لو شاء لجعل ( في الماضي) الماء الذي نشربه وننعم به اليوم ماءًا أُجاجًا، أي ماء شديد الملوحة غير عذب. فقوله تعالى: (لو نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا) جاء ليخبرنا أنّ الله، عندما قدّر للماء في بداية خلق الأرض أن يستقر على سطحها عبر الأمطار الطوفانية، كان سبحانه قادراً أن يجعل كل هذه المياه ِبحاراً ومحيطات دون غيرها من مستودعات المياه العذبة ! فيكون الماء كله مالحاً أجاجاً ! والإعجاز في هذه الآية الكريمة هو في لفظ (جَعَلْنَاهُ) حيث جاء تصريف الفعل " جَعَلَ" في الماضي، فقال تعالى:( جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا) أي أن الله تعالى يخبرنا في كتاب أُنزل منذ 14 قرنا أنّ تلك الأمطار الطوفانية التي أنزلها منذ ملايين السنين كان سبحانه قادرا أن يجعلها تتجمّع في الأرض في شكل المحيطات والبحار فقط، فيكون الماء أجاجًا ولن تكون هناك قطرة ماء عذب على وجه الأرض ! ثم قال تعالى: (فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ) أي هل لشَكَرتمُ الله على نعمة الماء العذب وهو الإله الذي كان قادرا أن يحرمكم من هذه النعمة ويجعل كل الماء المنّزل في أول الأمر وفي بداية الخلق مالحًا فلا حناجر ترتوي ولا أنعام تُسقى ولا نبات يُخرح.
الوجه الرابع
ومن الآيات القرآنية الأخرى التي جاء ذكر الماء فيها دون صفتي التنزيل والإنزال
قوله تعالى: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ﴾ الملك - (الآية: 30)، وغورًا تعني ذاهباً في الأرض إلى الأسفل، لأن الغائر في اللغة العربية هو عكس النابع، أما الماء المعين فهو الماء الدافق الجاري فوق الأرض والتي تراه الأعين وتناله الأيدي والدِلاء، أي أنّ الخالق تعالى يقول لعباده: ماذا ستصنعون لو ذهب الماء الذي في آباركم وبحيراتكم وبحاركم إلى عمق الأرض؟ كيف ستنعمون وستعيشون من دونه إذا؟ هل من إله غيري وهل من رب سواي سيأتيكم بعد ذلك بماء جاري نابع ومتدفق ليعيد إليكم الحياة ؟ فماذا نصنعُ نحن البشر لو أعاد الله الماء إلى حالته التي كان عليها قبل بداية الخلق، أي قبل 4.5 مليارات سنة؟ حيث كان حبيسا في جيوب القشرة الأرضية؟ والإعجاز في هذه الآية الكريمة هو في لفظي (إِنْ أَصْبَحَ)، حيث إن اللغة العربية هي لغة جديرة بأن تُعطي للشرط معنى أكثر دقة ووضوحا بعكس اللغاة الأخرى، حيث نجد هناك كلمات للتعبير عن الشك في حدوث أو عدم حدوث الشيء كعبارة "إذا"، وكلمات للتعبير عن الافتراض القابل لحدوث الشيء كعبارة " إِنْ "، وكلمات للتعبير عن الافتراض الغير قابل لحدوث الشيء كعبارة " لو"، وعلى هذا النحو جاءت عبارة " إِنْ " في قوله تعالى (إِنْ أَصْبَحَ) لتُظهر لنا افتراضاً يمكن حدوثه، والحدث هنا هو أن يصبح الماء غورًا، وهو حدث قابل لأن يتحقق، فكيف لا يمكنه أن يتحقق والقوة التي أخرجت الماء من الأرض قادرة بأن تعيده إليها، وليس ذلك عليها بعسير. فهنا إشارة قرآنية إلى أن الماء الذي ننعم به اليوم كان في إحدى الأيام غائرًا ضاربًا في الأسفل وفي جيوب القشرة الأرضية قبل أن يستقر على سطح الأرض، وهذا قول الجيولوجيون في المصدر الثاني للماء.
خلاصة
من خلال هذه المعلومات والحقائق العلمية الحديثة يمكننا أن نستنتج أن استقرار الماء على الأرض لم يكن محض الصُدفة، لكن كان وفقًا لحسابات ووفقًا لشروط تتالت وتوفَّرت ووُضعت بصفة مذهلة ومُعجزة من طرف قوة قادرة على ذلك، فمن دون أدنى شك نقول أنّ خالق الكون هو الذي جعل الأرض مهيأة لاستقبال الماء واستقراره فيها دون غيرها من الكواكب السيّارة الأخرى وأنّ له حكمة بالغة في ذلك كله، وهذا برهان لكل من يُنكر حقيقة الخلق ويستبدلها جُحودًا بقوة الطبيعة وخرافة الصدفة، ولو كان ما يزعمونه صحيحاً ومنطقياً وليس باطلاً وزورًا، فإننا نسألهم لماذا لم تجعل الصدفة أو الطبيعة تلك الأسباب تتوافق وتتراتب وتتوفر لكي تجعل الماء يستقرُ في كواكب أخرى من دون الأرض؟! ثم لو افترضنا أنّ استقرار الماء على سطح الأرض كان صدفة فهل النسبة المثلى لليابسة والبحار (30% و70%) جاءت محض الصدفة أيضا؟ لا يمكن أن تكون كل تلك الأحداث الدقيقة صدفة لأنّ دروس الاحتمالات والمنطق الرياضي علّمتنا أن الصُدفْ لا تتوالى بتلك السهولة ! فالواحد منا قد يفني أشهراً وأعوامًا في رمي زهرة النرْد[19] وبلكاد يتحصل على التوفيقات التي يريدها، وإذا حصل عليها فلن يحصل على النتائج متتالية ومتتابعة حتى ولو أفنى عمره يعبث بزهرة النرْد تلك !! فكيف يمكن إذًا لكل تلك الأحداث الكونية التي نُظمت وسُخّرت بإحكام لكي تتسبب في ظهور 2.5 مليون مليار طن من الماء[20] أن تتصادف كل ثانية وكل دقيقة وكل ساعة وكل يوم طيلة 4.5 مليار من السنين ؟! بل كيف يمكن للأحداث والأسباب الكونية أن تتصادف وتنتج لنا مليارات من النجوم[21] في 14 مليار سنة شمسية[22] ؟ بينما لم يشهد بشرٌ قط أن تصادفت أحداث تجارِبه المخبرية وأنتجت له خلية أو حتى ذرة واحدة !!
هكذا قد بيّنا في بحثنا هذا كيف فصّل القرآن بين صفة نزول الماء من السماء إلى الأرض عبر الأمطار الطوفانية في بداية خلق الأرض وبين صفة نزول الأمطار الموسمية العادية، مُبيِّنًا لنا الفرق في المدة الزمنية التي تسغرقها كل واحدة منها والفرق في غزارتها وحجمها أيضًا، ومُبيِّنًا لنا دور كل واحدة منها وأثرها الجيولوجي، وكل ذلك في صفتين لغويتين وفي صورة بديعية رائعة لم تعجز ألسنتنا فحسب لك أعجزت حتى عقولنا وعلومنا. كما بيّنا أيضًا في بحثنا هذا كيف أشار القرآن إلى استقرار الماء في الأرض في وصف بديع رائع ومُعجز، يسبق بذلك النظريات العلمية الحديثة بمئات السنين ليشرح لنا ظاهرة طبيعية حدثت منذ ملايين السنين ! كل هذا يجعلنا نتساءل كيف يمكن لحديث دقيق كهذا- في كتاب أُنزل في القرن السادس الميلادي- أن يكون من قول البشر؟ بل كيف يمكن لحديث كهذا أن يتواجد في حقبة زمنية كتلك؟ حقبة زمنية تنعدم فيها أدنى وسائل المراقبة والحساب والأدوات العلمية الجيولوجية والفلكية الحديثة ؟! ففي الفترة التي بُعث فيها الحبيب المصطفى – عليه الصلاة السلام- لم يبلغ البشر أعلى القمم فوق الأرض ولا أعمق الحفر تحت البحر، ولم يكونوا قد بلغوا كل ربوع المعمورة، ولم تكن لهذا النبي حينئذ آلات ولا أقمار صناعية ولا آلات الرصد الحديثة، ولم يكن لديه قواعد الفلك ولا أسس الجيولوجية ! وحتى وإن كان له كل هذا فهو- بأبي وأمي- كان أمياّ لا يعرف الكتابة ولا القراءة، فكيف له أن يفتري على الله وأن يكتب كتابًا أعجز البشر في كل الأزمان؟! وجوابنا لكل عاقل لبيب أنّ هذا الحديث العظيم يجب أن يكون مُنزّلاً من عند إله عزيز مقتدر، حديث في كتاب أنزله على نبيه وعبده الأمي ليكون منهجا وعلما ينوّر للبشرية سبل النجاة، كتاب فيه من العلم ما هو معجز، يُعجز بيان العرب وعلم العجم وعلم الأولين والآخرين، وكيف لا يعجزُهم وعلمُهم أجمعين إلى علمه سبحانه وتعالى كبحر تنقُصه قطرة ماء بحجم هذه النقطة التي ننهي بها هذه الفقرة.
يمكن التواصل مع المؤلف على الإيميل التالي:
mtriaki@yahoo.com
مراجع أساسية:
(1) http://www.hominides.com/html/chronologie/chronoterre.html
(2) http://www.linternaute.com/science/espace/comment/06/naissance-terre/naissance-terre.shtml
(3) قال عليه الصلاة والسلام: ( كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبرُ ما بعدكم، وحُكم ما بينكم، وهوحبلُ الله المتين، وهوالصراطُ المستقيم، وهوقولٌ فصلٌ، ليس بالهزل، إن هذا القرآن لا يليه من جبارٍ ويعملُ بغيره، إلا قصمه الله، ولا يبتغي علماً سواه إلا أضله الله، ولا يخلق عند رده، وهوالذي لا تُفنى عجائبه، من يقل به يصدق، ومن يحكم به يعدل، ومن يعمل به يؤجر، ومن يقسم به يقسط) رواه أحمد في مسنده.
(4)http://n.domaindlx.com/alnomrosi/index_files/EarthFacts.htm
(5) http://www.linternaute.com/science/espace/comment/06/naissance-terre/naissance-terre.shtml
(6) http://en.wikipedia.org/wiki/Meteoroid#Meteor
(7) http://en.wikipedia.org/wiki/Comet
(8) http://www.solarviews.com/eng/kuiper.htm
(9) http://www.solstation.com/stars/oort.htm
(10) http://en.wikipedia.org/wiki/Deuterium
(11) http://www.nineplanets.org/halley.html
(12) http://sci.esa.int/science-e/www/area/index.cfm?fareaid=15
(13)
http://gwenaelm.free.fr/gestclasse/documents/5/A/Act-C01-Eau.pdf
http://fisk.connexion-lanaudiere.ca/genese.htm
http://www.techno-science.net/?onglet=glossaire&definition=8689
(14) http://www.passion-geographie.com/poles-mers-et-oceans-f19/la-fosse-des-mariannes-t88.htm
(15) http://www.quran-m.com/firas/arabic/index.php?page=show_det&id=1714&select_page=10
(16) http://www.quran-m.com/firas/arabic/?page=show_det&id=681&select_page=18
(17) إختصار مبحث (فعّل وأفعَلَ بمعنى) من كتاب بلاغة الكلمة في القرآن الكريم للسامرائي- ص 62
(18) رواه ابن عباس، البرهان في علوم القرآن للزركشي - ج1 - ص 288
(19) http://en.wikipedia.org/wiki/Dice
(20) http://www.astrosurf.com/luxorion/eau-origine.htm
(21) http://www.esa.int/esaSC/SEM75BS1VED_index_0.html
(22) http://map.gsfc.nasa.gov/universe/uni_age.html
مراجع متفرقة:
http://eauetplanetes.free.fr/origine_de_l.htm
http://en.wikipedia.org/wiki/Water
http://www.techno-science.net/?onglet=glossaire&definition=8689
http://www.lelivredevie.com/ouvrir/page34.htm
http://www.vertdeterre.com/nature/univers/origine_oceans.php
http://www.explic.com/2600-eau.htm
http://version2.xmouse.org/modules/news/article.php?storyid=34
http://www.cnrs.fr/cw/dossiers/doseau/decouv/univers/eauTerre.html
http://www.planetary.org/blog/article/00000551/
http://www.spacedaily.com/reports/Main_Belt_Comets_May_Have_Been_Source_Of_Earths_Water.html
http://star.pst.qub.ac.uk/~hhh/mbc-release.shtml
http://www.astronomy.com/asy/default.aspx?c=a&id=4100
http://www.spaceref.com/news/viewpr.html?pid=27061
http://www.newscientist.com/article/dn8887--clandestine-comets-found-in-main-asteroid-belt.html

بالصور بومبي قرية الزنا التي أهلكها الله وجعلها آية باقية




صورة لجثث بعض سكان بومبي الرومانية بعد ان تحولت اجسامهم إلى تماثيل اسمنتية  بعد أن حلّ الغبار البركاني محل الخلايا الحية الرطبة
لهنّ - أسماء أبوشال
لله عز وجل آيات في الدنيا منها ما ذُكر في القرآن عن أقوام عصوا الله فأنزل عليهم غضبه، مثل قوم عاد وثمود وقوم لوط الذين كانوا يمارسون الفاحشة مع الرجال.
يقول الله تعالى بسورة إبراهيم :" أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (20)".
قوم لوط لم يكونوا آخر الخلق الفاسدين، ولعل أقربهم وجعلهم الله عبرة وآية كانوا أهل قرية "بومبي" البالغ عددهم 200.000 نسمة،وهي أحد المدن الإيطالية تقع على البحر المتوسط بالقرب من مدينة "نيبلس" الإيطالية، وكانت عامرة أيام حكم الإمبراطور "نيرون"،و التي مازالت تخضع لعمليات ترميم لتكشف عن الكثير من الأسرار الإنسانية والمعمارية.
"بومبي" الآن هي أحد المزارات السياحية، بعد أن ظلت في طي النسيان حتى القرن الثامن عشر عندما اكتشفت آثار "بومبي" وعثر على مناطق بها جثث متحجرة، وتم اكتشافها في إيطاليا عام 74 بعد الميلاد، وكانت أحد المدن الحضارية القديمة قبل أن تهلك بالكامل هي ومدينة أخرى بالقرب منها تسمي "هيركولانيوم" بعد أن دمرها بركان "فسيوفيوس" بطريقة غريبة، والمتأمل في قصة هذه القرية لن يجدها مجرد قصة من قصص التاريخ أو سجلاً تاريخياً لقطع أثرية نادرة، ولكنها تحمل عبرة لمن يعتبر.
صور لبقايا أحد شوارع بومبي المحاطة بالاعمدة

صورة جدارية وجدت في أحد المساكن في بومبي

صورة لبقايا مسرح بومبي

صورة للأواني التي كانت تستعمل في الطبخ

صورة لبقايا مدينة بومبي من الأعلى
صورة لاحد بيوت المخصصة للدعارة في بومبي
كان لدي "بومبي" حضارة مزدهرة وقطع نقدية، وكانت تطل على جبل بركاني خامد،و كان معظم السكان من الأثرياء، وظهر ذلك على معالم المدينة، فكانت شوارعها مرصوفة بالحجارة وبها حمامات عامة وشبكات للمياه تصل إلى البيوت، كما كان بها ميناء بحري متطور وكان بها مسارح وأسواق، وآثارهم أظهرت تطور بالفنون من خلال النقوش ورسومات الجدران.
واشتهرت هذه المدينة "بالزنا" وحب أهلها للشهوات، وكانت يوجد بها بيوت للدعارة في كل مكان، وتنتشر غرف صغيرة لممارسة الرذيلة لا يوجد بها سوى فراش.
أهل قرية "بومبي" كانوا يمارسون "الزنا" والشذوذ حتى مع الحيوانات، بعلانية أمام الأطفال وفي كل مكان ويستنكرون من يتستر، وفجأة انفجر عليهم البركان فأباد القرية بكاملها.
ومن الجدير بالذكر أن هذا البركان انفجر مرة أخرى عام 1944 م، حصد خلاله 19 ألف نسمة، ويقول الباحثون، أن انفجار البركان عام 74 م كان أضعاف الانفجار الثاني واستمر حوالي 19 ساعة عندما أهلكت المدينة بكاملها.
وظلت المدينة مدفونة لمدة 1700 عام تحت كمية كبيرة من الرماد، وظلت كذلك قروناً طويلة حتى عثر عليها أحد المهندسين خلال عمله في حفر قناة بالمنطقة، واكتشف المدينة بعد أن غطتها البراكين وكل شئ بقي على حالته خلال تلك المدة بعد أن أصاب المدينة بكاملها العذاب وأهلكت تماماً.
وأثناء التنقيب تم الكشف عن الجثث على سطح الأرض، وكانت المفاجئة أنهم ظهروا على نفس هيئاتهم وأشكالهم، بعد أن حلّ الغبار البركاني محل الخلايا الحية الرطبة لتظهر على شكل جثث إسمنتية، وأهلكهم الله سبحانه وتعالي على مثل ما هم عليه.
ويري أحد خبراء الآثار ويدعى "باولوا بيثرون" وعالم البراكين "جو سيفي" أن أهل القرية احيطوا بموجة حارة من الرماد الملتهب تصل درجة حرارتها إلى 500 سيليزية، بصورة سريعة جداً حيث غطت 7 أميال إلى الشاطئ، وتظهر الجثث على هيئاتها وقد تحجرت الأجساد كما هي، فظهر بعضها نائم وآخر جالس وآخرون يجلسون على شاطئ البحر وبكل الأوضاع بشحمهم ولحمهم.
صورة لبقايا جثة رجل من سكان بومبي

صورة لجثث من سكان بومبي

صورة لجثة شاب تظهر اسنانه
عندما انفجر البركان ارتفع الرماد إلى 9 أميال فى السماء وخرج منه كمية كبيرة من الحميم، ويقول العلماء أن كمية الطاقة الناجمة عن انفجار البركان يفوق أكبر قنبلة نووية ثم تساقط الرماد عليهم كالمطر ودفنهم تحت 75 قدم.
وبعد عمل العديد من الأبحاث على 80 جثة لأهل القرية وجد العلماء أنه لا توجد جثة واحدة يظهر عليها أي علامة للتأهب لحماية نفسها أو حتى الفرار، ولم يبد أحدهما أي ردة فعل ولو بسيطة، والأرجح أنهم فقد ماتوا بسرعة شديدة دون أي فرصة للتصرف، وكل هذا حدث فى أقل من جزء من الثانية.
أهل "بومبي" كانوا يرسمون الصور الإباحية على جدران منازلهم أمام الأطفال والنساء والكبار، حتى إن الباحثين اليوم يعتبرون أن فن الخلاعة قد بدأ في هذه المدينة.
والآن بعد أن أصبحت المدينة مزاراً سياحياً للسياح، بعض المناطق بها يحذر على الأطفال والأقل من 18 عاماً دخولها بسبب الرسومات الإباحية على الجدران والتي يظهر بها "الزنا" و"الشذوذ" بجميع صوره وأشكاله، وخاصة على بعض المباني والحمامات التي كانت تعرض المتعة لزبائنها.
ويذكر أن "بومبي" لفتت نظر العديد من الشخصيات على مدار التاريخ وخاصة من محبي الفنون، ولكن زارها الملك فرانسيس الأول من نابولي لحضور معرض بومبي في المتحف الوطني مع زوجته وابنته عام 1819، صدم بما رآه من رسومات إباحية واعتبرها فنون جريئة ومخالفة لاحترام الآداب العامة.
وكان مترفي مدينة بومبي يتمتعون بمشاهدة المصارعة بين البشر والحيوانات المفترسة التي تنتهي بموت أحدهما، وقتلوا بهذه الطريقة الكثير من الموحدين المسيحيين قبل قرابة 2000 سنة.. وإليكم بعض الصور الخاصة بالمدينة وسكانها.
قال الله تعالى : (وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (11) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (12) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (13) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14) فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (15) سورة الأنبياء.
( وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (83) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (84).
(وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30).
المراجع:
http://www.youtube.com/watch?v=nLJxupgBpmI
http://lahona.moheet.com/show_news.aspx?nid=490810&pg=5
http://manofroma.wordpress.com/sex-and-the-city-of-rome/
http://paranormal-places.blogspot.com/2010/11/pompii-punishment.html
http://en.wikipedia.org/wiki/Pompeii

مركز تحميل الصور الاسلامية

تحدي بين مدرس يهودي وطالب مسلم

su-34

أركان الإسلام

a7dathalnihaya