سورة الزمر للشيخ خالد الجليل

MultiHoster

الردود على الافتراءات المثارة عن زواج سيدنا محمد من أمنا عائشة

بسم الله الرحمن الرحيم

و الصلاة و السلام على سيدنا محمد خير خلق الله

بفضل الله تم الانتهاء من الفيلم الوثائقي القصير * قصة زواج * ويعتبر من أقوي الردود على الافتراءات المثارة عن زواج سيدنا محمد من أمنا عائشة

 

فيا أنصار رسول الله فلنتعاون جميعا على الدفاع عن رسول الله و ننشر الفيديو على أوسع نطاق

 

 

 

قناة موقع نصرة رسول الله على اليوتيوب

To say that something is wrong or not, you have to say it is wrong because of what; because it is violating what.

Please check this video to know the truth about Prophet Mohammad & Aisha's Marriage.

 

If you want to read the perfect love story, I recommend that you don't read "Romeo and Juliet" but Read the story of Muhammad and Aisha, in the very words of Aisha herself explaining how beautiful this relationship was between her and Prophet Muhammad (PBUH)

 

            

Sponsored by 
Khalifa Al Hammadi
 
لمن يريد رعاية انتاج الأفلام الوثائقية بموقع نصرة رسول الله  الرجاء مراسلة
 

الخميس، 29 ديسمبر 2011

أبو الريحان البيروني.. فيزيائي وعالم موسوعي

قصة الإسلام
يُعد القرن الرابع الهجري العصر الذهبي للحضارة العربية الإسلامية من حيث التقدم العلمي؛ فقد تَوَّج العلماء المسلمون العلوم التطبيقية والبحث خلاله بالاكتشافات الرائعة، خاصة بما اهتدوا إليه في مجال الفيزياء؛ وذلك كما في الأصوات، وقوس قزح، والكسوف والخسوف، والظلال، بالإضافة إلى مخترعاتهم في علم الحيل.

وقد كان على رأس قائمة العلماء الذين اشتغلوا بالفيزياء: ابن الهيثم (انظر إنجازاته في البصريات في مقال قادم بإذن الله) وأبناء موسى بن شاكر، والخازني، وابن ملكا، وغيرهم ممن يصعب حصرهم، وقد أسهم هؤلاء جميعًا في تطور علم الفيزياء بفروعه المختلفة بنسب متفاوتة، ولم يكن هناك من يفوقهم في أية أمةٍ عاصرتهم.. وهذه نبذة سريعة تُنوِّه بجهبذٍ منهم، هو أبو الريحان البيروني.

البيروني.. العالم الموسوعي

يُعتبر البيروني أحد ألمع الوجوه التي يمكن أن تعتز بها الثقافة العربية من خلال تاريخ الفكر الإسلامي وأكثرها جاذبية، وعلى الرغم من أن اسم البيروني يحتل مكانته من الأدب العربي في ميدان الجغرافيا والرحلات، إلا أنه يتبين لنا من خلال المصنفات التي سنراها أنه كان رياضيًا وفلكيًا وفيزيائيًا، وفيلسوفًا، وشاعرًا وأديبًا، وعالم اجتماع ومؤرخًا!!

نعم كان كل أولئك، وبرز في كل فروع المعرفة الإنسانية هذه، وبعبارة أخرى: كان مؤلِّفًا انتظم نشاطه كل دائرة العلوم المعاصرة له، والتي تحتل بينها العلوم الرياضية والفيزيائية مكانة الصدارة عنده!

وقد وصفه جورج سارتون في كتابه (مقدمة لدراسة تاريخ العلم) بقوله: "كان رحّالة وفيلسوفًا، ورياضيًا، وفلكيًا، وجغرافيًا، وعالمًا موسوعيًا، ومن أكبر عظماء الإسلام، ومن أكابر علماء العالم".

كما وصفه المستشرق الألماني سخاو بقوله: "أعظم عقلية عرفها التاريخ".

إنه أبو الريحان أحمد بن محمد البيروني الخوارزمي، الذي ولد في بلدة بيرون، إحدى ضواحي مدينة (كاث) عاصمة الدولة الخوارزمية، سنة (362هـ/ 963م)، والذي اطلع على فلسفة اليونانيين والهنود، وعلت شهرته، وارتفعت منزلته عند ملوك عصره.

كان لمؤلفاته اليد الطُّولى في صناعة أمجاد عصر النهضة والثورة الصناعية في العالم الغربي؛ فقد حدَّد بدقة خطوط الطول وخطوط العرض، وناقش مسألة ما إذا كانت الأرض تدور حول محورها أم لا، وسبق في ذلك جاليليو وكوبرنيكوس، كما وضع قاعدة حسابية لتسطيح الكرة، أي نقل الخطوط والخرائط من الكرة إلى سطح مسطح وبالعكس؛ وبهذا سهل رسم الخرائط الجغرافية.. إضافة إلى الاكتشافات الأخرى العديدة في مجال الطبيعيات كما سنراها.

وقد رحل البيروني إلى الهند وأقام فيها بضع سنين، نتج عنها كتابه الطائر الصيت، المعروف بكتاب الهند، والموسوم بـ (كتاب البيروني في تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة) أودع فيه نتيجة دراساته من تاريخ وأخلاق وعادات وعقائد وآداب وعلوم الهند، ومن جملتها ما كان عندهم من المعرفة بصورة الأرض.

ويصف المستشرق روزن منذ أكثر من سبعين عامًا هذا الكتاب بأنه "أثر فريد في بابه، لا مثيل له في الأدب العلمي القديم أو الوسيط، سواء في الغرب أم في الشرق"!!

وغير كتابه السابق كان للبيروني أيضًا كتب أخرى كثيرة ومهمة في ضروب مختلفة من العلم؛ ففي الجغرافيا ألَّف: تصحيح الطول والعرض لمساكن المعمور من الأرض، وتحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن، أمَّا في التاريخ فله: تصحيح التواريخ، والآثار الباقية عن القرون الخالية. وفي الفلك كان له مؤلفات عديدة، مثل: الاستشهاد باختلاف الأرصاد، واختصار كتاب البطليموس القلوذي، والزيج المسعودي، والاستيعاب لوجوه الممكنة في صنعة الإسطرلاب، وتعبير الميزان لتقدير الأزمان، وقانون المسعودي في الهيئة، وفي الرياضيات أُثِرَ عن البيروني مؤلَّفات عِدَّة كاستخراج الكعاب والأضلاع وما وراءه من مراتب الحساب، وكتاب الأرقام.

ورغم اهتمامه بالعلوم التطبيقية، إلا أن البيروني كان ذا باعٍ طويل في الأدب أيضًا؛ لذا كتب شرح ديوان أبي تمام، ومختار الأشعار والآثار. كما كان صاحب مؤلَّفات عديدة في الفلسفة، مثل: كتاب المقالات والآراء والديانات، ومفتاح علم الهند، وجوامع الموجود في خواطر الهنود، وغير ذلك العشارت من المؤلَّفات الضخمة.

وبهذه المؤلفات يكاد البيروني يكون قد ألَّف في كل فروع المعرفة التي عهدها عصره؛ فقد كتب في الرياضيات والفلك والتنجيم والحكمة والأديان والتاريخ والجغرافيا والجيولوجيا والأحياء والصيدلة.

البيروني والطبيعيات

إضافة إلى ما سبق كان للبيروني اهتمام خاص بمجال الطبيعيات، حيث اهتم بالخواص الفيزيائية لكثير من المواد، وتناولت أبحاثه علم ميكانيكا الموائع والهيدروستاتيكا، وقد لجأ في بحوثه إلى التجربة وجعلها محورًا لاستنتاجاته، كما انضم مع ابن سينا إلى الذين شاركوا ابن الهيثم في رأيه القائل بأن الضوء يأتي من الجسم المرئي إلى العين.

وقد كان من جملة اهتمامات البيروني بالخواص الفيزيائية للمواد التي وردت في كتب متفرقة، كالقانون المسعودي، والجماهر في الجواهر، وصفه للماس بأنه جوهر مُشِفّ، وأنه صلد يكسر جميع الأحجار ولا ينكسر بها، وهذه صفة فيزيائية مميزة للماس حيث يستخدم حتى الآن لقطع الزجاج، ويستخدم مسحوقه لصقل المعادن وتنعيمها، أما خشب الأبنوس عنده فإنه يضيء كاللؤلؤ، تفوح منه رائحة طيبة ولا يطفو على الماء لأن ثقله النوعي أكثر من واحد، كما يشير إلى أن كل الأحجار الكريمة تطفو في الزئبق ما خلا الذهب فإنه يرسب فيه بفضل الثقل.

ومن أبرز ما قام به البيروني أنه توصل إلى تحديد الثقل النوعي لـ 18 عنصرًا مركبًا بعضها من الأحجار الكريمة مستخدمًا الجهاز المخروطي، وقد استخرج قيم الثقل النوعي لهذه العناصر منسوبة إلى الذهب مرة وإلى الماء مرة أخرى، وله جداول حدَّد فيها قيم الثقل النوعي لبعض الأحجار الكريمة منسوبة إلى الياقوت على أساس الوزن النوعي للياقوت = 100 ثم إلى الماء.

وفي ظاهرة الجاذبية كان البيروني، مع ابن الحائك، من الرواد الذين قالوا بأن للأرض خاصية جذب الأجسام نحو مركزها، وقد تناول ذلك في آراء بثَّها في كتب مختلفة، ولكنَّ أشهر آرائه في ذلك ضمَّنها كتابه القانون المسعودي.

ومن المسائل الفيزيائية التي تناولها البيروني في كتاباته كذلك ظاهرة تأثير الحرارة في المعادن، وضغط السوائل وتوازنها، وتفسير بعض الظواهر المتعلقة بسريان الموائع، وظاهرة المد والجزر وسريان الضوء، فقد لاحظ أن المعادن تتمدَّد عند تسخينها، وتنكمش إذا تعرضت للبرودة.

وأولى ملاحظاته في هذا الشأن كانت في تأثير تباين درجة الحرارة في دقة أجهزة الرصد، حيث تطرأ عليها تغيرات في الطول والقصر في قيظ النهار وصقيع آخر الليل، وتعرض في كتابه الآثار الباقية عن القرون الخالية لميكانيكا الموائع؛ فشرح الظواهر التي تقوم على ضغط السوائل واتزانها وتوازنها، وأوضح صعود مياه النافورات والعيون إلى أعلى مستندًا إلى خاصية سلوك السوائل في الأواني المستطرقة.

كما شرح تجمع مياه الآبار بالرشح من الجوانب حيث يكون مصدرها من المياه القريبة منها، وتكون سطوح ما يجتمع منها موازية لتلك المياه، وبيَّن كيف تفور العيون وكيف يمكن أن تصعد مياهها إلى القلاع ورؤوس المنارات. وتحدث عن ظاهرة المد والجزر في البحار والأنهار وعزاهما إلى التغير الدوري لوجه القمر.

أما فيما يختص بسريان الضوء فقد فطن إلى أن سرعة الضوء تفوق سرعة الصوت، واتفق مع ابن الهيثم وابن سينا في قولهما بأن الرؤية تحدث بخروج الشعاع الضوئي من الجسم المرئي إلى العين وليس العكس، كما يقرر أن القمر جسم معتم لا يضيء بذاته وإنما يضيء بانعكاس أشعة الشمس عليه، وكان البيروني يشرح كل ذلك بوضوح تام، ودقة متناهية في تعبيرات سهلة لا تعقيد فيها ولا التواء.

العلم على فراش الموت!

وبعد إنجازات مبهرة وحياة علمية حافلة بالعطاء، وفي رجب سنة 440هـ / 1048م توفي البيروني رحمه الله، وفي خبر وفاته يحكي أبو الحسن علي بن عيسى فيقول: دخلت على أبي الريحان وهو يجود بنفسه، فقال لي: كيف قلتَ لي يومًا في حساب الجدّات الفاسدة؟ فقلت له إشفاقًا عليه: أفي هذه الحالة؟ قال: يا هذا، أُودِّع الدنيا وأنا عالم بهذه المسألة، أَلاَ يكون خيرًا من أن أخلِّيها وأنا جاهل بها؟ فأعدتُ ذلك عليه وحفظ، وعلّمني ما وعد، وخرجت من عنده، وأنا في الطريق فسمعت الصراخ عليه!!

وهكذا كان علماء المسلمين.. وهكذا كانت همتهم يوم أن ناطحت السماء وسمت عليها، حتى أورثوا أمتهم حضارة علت على العلياء، وأبت على الأعداء، وقادت البشرية جمعاء، وكانت سببًا مباشرًا في بناء الأمم والحضارات اللاحقة..

ونسأل الله -عز وجل- أن يعيد لأمتنا مجدها وريادتها، على سواعد أبنائها الذين يترسمون خُطى أجدادهم.

المسلمون وإنجازات فريدة في الفيزياء

قصة الإسلام

شأن كل العلوم التي تتقدم وتتطور مع تعاقب الأمم والحضارات، قامت العلوم الطبيعية عند العلماء المسلمين في بدئها على مؤلَّفات اليونان، تلك التي استند فيها اليونانيون على الفلسفة المجردة في محاولاتهم فهم الطبيعة، ودون أن يكون للتجربة دور يذكر في تلك المحاولات.. غير أن العلماء المسلمين ما لبثوا أن طوَّروا هذا الأساس وجعلوا علم الفيزياء عِلمًا يستند إلى التجربة والاستقراء، عوضًا عن الاعتماد على الفلسفة أو التأملات والأفكار المجرَّدة.

وغير ما قدمناه في المقالين السابقين، وأثبتنا في الأخير منهما أسبقية العلماء المسلمين إلى اكتشاف قوانين الحركة الثلاثة وأيضًا قانون الجاذبية، فقد كان هناك إنجازات أخرى رائدة في علم الفيزياء، تُحسَبُ لهم ويحق لهم أن يفخروا بها..

وفي ذلك فقد اهتم العلماء المسلمون بعلم الصوت وبحثوا في منشئه وكيفية انتقاله، فكانوا أول من عرف أن الأصوات تنشأ عن حركة الأجسام المحدِثة لها، وانتقالها في الهواء على هيئة موجات تنتشر على شكل كروي، وهم أول من قسم الأصوات إلى أنواع، وعلَّلوا سبب اختلافها عن الحيوانات باختلاف طول أعناقها، وسعة حلاقيمها وتركيب حناجرها.

وكانوا أول من علَّل الصدى، وقالوا: إنه يحدث عن انعكاس الهواء المتموج من مصادفة عالٍ كجبل أو حائط، ويمكن أن لا يقع الحس بالانعكاس لقرب المساحة؛ فلا يُحَسُّ بتفاوت زماني الصوت وانعكاسه. وكان من أوائل علماء المسلمين الذين اهتموا بعلم الصوت ابن سينا، وهو الذي برهن على أن البصر أسرع من السمع؛ لأن السمع يحتاج المرء فيه إلى تموج الهواء!

وفي علم السوائل ألّّف العلماء المسلمون فصولاً متخصصة في كيفية حساب الوزن النوعي لها؛ إذ ابتدعوا طرقًا عديدة لاستخراجه، وتوصلوا إلى معرفة كثافة بعض العناصر، وكان حسابهم دقيقًا ومطابقًا - أحيانًا - لما هو عليه الآن، أو مختلفًا عنه بفارق يسير.

وقد أبدع الخازني - بجانب إبداعه في علم الفلك - في حقل الفيزياء أيَّما إبداع، وخاصة موضوعي: الحركية (الديناميكا)، وعلم السوائل الساكنة (الهيدروستاتيكا)، لدرجة أدهشت الباحثين الذين أتوا بعده، ولا تزال نظرياته تُدرَّس في حقل الحركية في المدارس والجامعات إلى يومنا هذا، ومن هذه النظريات نظرية الميل والانحدار ونظرية الاندفع، وهاتان النظريتان لعبتا دورًا مهمًّا في علم الحركية.

وكما يقول الدكتور علي عبد الله الدفاع في كتابه (العلوم البحتة في الحضارة العربية والإسلامية): فإن الكثير من المؤرخين في تاريخ العلوم يعتبرون الخازني أستاذ الفيزياء لجميع العصور، وقد أجمعوا على أنه فاق أساتذته (ابن سينا والبيروني وابن الهيثم) في هذا المضمار. وقد خصص الخازني جُلَّ وقته لدراسة موضوع السوائل الساكنة، فاخترع آلة لمعرفة الوزن النوعي للسوائل، وناقش ضمن دراسته موضوع المقاومة التي يعانيها الجسم من أسفل إلى أعلى عندما يُغمَر في سائل. واستخدم الخازني نفس الجهاز الذي استخدمه أستاذه الكبير أبو الريحان البيروني في تعيين الثقل النوعي لبعض المواد الصلبة والسائلة، ووصل الخازني في مقاديره إلى درجة عظيمة من الدقة، لفتت انتباه معاصريه ومن تبعهم.

وحريٌ بنا هنا أن نقدم الجدول الذي أورده العالم الإيطالي ألدوميلي في كتابه (تاريخ العلوم عند العرب)، والذي أجرى فيه مقارنة للأوزان النوعية لبعض المواد كما توصل إليها كل من البيروني والخازني مع مقارنتهما بالقيمة المعروفة اليوم والمعمول بها في جميع أنحاء المعمورة:

المادة عند الخازني عند البيروني القيمة الحالية

الذهب 19.05 19.26 19.26

الزئبق 13.59 13.74 13.56

النحاس 8.38 8.92 8.85

الحديد 7.74 7.82 7.79

القصدير 7.15 7.22 7.29

الرصاص 11.29 11.40 11.35

الزمرد 2.62 2.73 2.73

اللؤلؤ 2.62 2.73 2.75

الكوارتز (البلور) 2.58 2.53 2.58

كما يثبت ألدوميلي في كتابه المذكور آنفًا أن: الخازني استعمل ميزان الهواء (Aerometer) لاستخراج الثقل النوعي للسوائل بكل نجاح. ويبين الجدول التالي النسبة التي توصل إليها الخازني ومقارنتها بالنسب الحديثة التي حصل عليها علماء العصر الحديث باستخدام الأجهزة العلمية المعقدة؛ فقد أجاد الخازني في استخدام هذا القياس، ولم يزد خطؤه على 6% من الجرام الواحد في كل ألفين ومائتي جرام!

المادة النسبة عند الخازني النسبة الحديثة

ماء جاف حرارته في درجة الصفر 0.965 0.9999

ماء البحر 1.041 1.027

زيت الزيتون 0.920 1.91

لبن البقر 1.110 1.04 – 1.42

دم الإنسان 1.033 1.45 – 1.075

وفي مادة الهواء ووزنه يقول كل من حميد موراني وعبد الحليم منتصر في كتابهما (قراءات في تاريخ العلوم عند العرب): "لقد سبق الخازني تورشيللي في الإشارة إلى مادة الهواء ووزنه، وأشار أن للهواء وزنًا وقوة رافعة كالسوائل، وأن وزن الجسم المغمور في الهواء ينقص عن وزنه الحقيقي، وأن مقدار ما ينقصه من الوزن يتوقف على كثافة الهواء، وبين أن قاعدة أرشميدس لا تسري فقط على السوائل، ولكن تسري أيضًا على الغازات، وكانت مثل هذه الدراسات هي التي مهدت لاختراع البارومتر (ميزان الضغط)، ومفرِّغات الهواء والمضخات، وما أشبه؛ وبهذا يكون الخازني قد سبق تورشيللي وباسكال وبويل وغيرهم".

كما بحث المسلمون كذلك في كيفية حدوث قوس قزح، وعرفوا المغناطيس واستفادوا منه في إبحارهم، ومن المحتمل أن بعض العلماء قد أجرى التجارب البدائية في المغناطيسية.

وبالجملة كانت المعلومات عن الميكانيكا والبصريات والضوء والصوت وخلافها من مباحث علم الطبيعة مبعثرة لا رابط بينها، وكانت تُبحَث قبلَهم من منظور يستند إلى المنهج العقلي والبحث الفلسفي، وكان المغلوط فيها أكثر من الصواب؛ فاستنتج العلماء المسلمون نظرياتٍ جديدةً وبحوثًا مبتكرة لبعض المسائل الفيزيائية التي طرحها اليونان من جانبٍ نظريٍّ بحتٍ، فتوصلوا من خلال بحثهم إلى بعض القوانين المائية، وكانت لهم آراء في المرايا المحرِقة وخواص المرايا المقعَّرة، والثقل النوعي، وانكسار الضوء وانعكاسه، وعلم الروافع.


إنجازات المسلمين في الفيزياء.. وأثرها في الحضارة الغربية


مما سبق يتضح أن إنجازات المسلمين الفيزيائية بصفة عامة لم تكن يسيرة ولا بالأمر الهين، وخاصة إذا أضفنا إليها ما كان من اكتشافهم لقوانين الحركة وقانون الجاذبية..

وقد وصل تأثير هذه في الحضارة الغربية حدًا اعترف فيه الغربيون أنفسهم بأنه ما كان بوسعهم أن يُقدموا للعالم حضارتهم لولا هذه الإنجازات، ويكفي في هذا السياق الإشارة إلى قول العالم همبرلد: "لقد ارتقى العرب في علم الفيزياء كثيرًا، وذلك لبحثهم العميق في قوى الطبيعة ووقوفهم على الحوادث الفيزيائية عن طريق التجربة والتي كان القدماء قبل العرب يجهلونها".

وقول حيدر بامات أيضًا في كتابه (إسهام علماء المسلمين في الحضارة): "يجب اعتبار العرب مؤسسي علم الفيزياء، وعلى رأسهم أبو علي الحسن بن الهيثم والبيروني، فهما المبتكران للكثير من نظريات هذا الحقل".

وعن الأمثلة الفردية في ذلك؛ فقد أثرت أبحاث أبي الريحان البيروني في الثقل النوعي في الحضارة الغربية أيما تأثير، وإنه لينبغي عند تقدير هذه النتائج المدهشة التي توصل إليها أبو الريحان - كما يقول الدكتور جمال مرسي - أن نستحضر في الذهن أنَّ ألفًا من السنين تفصل بين زماننا وزمانه، وأن نذكر أن عُدَّته من الأدوات والأجهزة لم تكن لتقارن بما لدى علماء اليوم.. ومع ذلك فقد وصل أبو الريحان إلى نتائج تكاد تكون هي ما وصل إليه المحدَثون.

أما الخازني فقد كان مفتاحًا علميًا بالنسبة لتورشللي في البحث في وزن الهواء وكثافته، والضغط الذي يحدثه، وقد اخترع الخازني ميزانًا لوزن الأجسام في الهواء وفي الماء ظلَّت أوروبا تستعين به حتى القرون الوسطى، وهذا بالإضافة إلى استعانة أوروبا بدقة موازين المسلمين في مجال الوزن النوعي, وثقل الهواء, وآلات الروافع, والجاذبية.

وأما كتابه (ميزان الحكمة) فقد استفاد منه علماء الغرب أيما استفادة؛ حيث تُرجِم من العربية إلى لغات مختلفة كثيرة، وقد امتدحه جورج سارتون في كتابه (المدخل إلى تاريخ العلوم) فقال: "إن كتاب ميزان الحكمة من أجلّ الكتب التي تبحث في حقل السوائل الساكنة، وأروع ما أنتجته القريحة الإسلامية في القرون الوسطى".

وإن من أكثر التصريحات الغربية في أثر إنجازات المسلمين من حيث التفصيل العلمي قول العلامة بلتون: "إن العرب كانوا يعرفون ثقل الهواء، ولهم وسائل متقنة وموازين دقيقة لاستخراج الوزن النوعي لأكثر السوائل والجوامد التي تذوب في الماء, ولهم في ذلك جداول على النحو المستعمل الآن".

وقد اعترف فلندرز بتري اعترافًا عمليًا بدقة الموازين عند المسلمين والتنوع فيها، حيث قام بوزن ثلاثة نقود عربية قديمة فوجد أن الفرق بين أوزانها جزء من ثلاثة آلاف جزء من الجرام ثم عقَّب على ذلك قائلاً: "إنه لا يمكن الوصول إلى هذه الدقة في الوزن إلا باستعمال أدق الموازين الكيميائية الموضوعة في صناديق من الزجاج حتى لا تؤثر فيها تموجات الهواء، وبتكرار الوزن مرارًا حتى لا يبقى فرق ظاهر في رجحان أحد الموازين على الآخر، ولذلك فالوصول إلى هذه الدقة مما يفوق التصور, ولا يُعلَمُ أن أحدًا وصل إلى دقة في الوزن مثل هذه الدقة".

وهذا التصريح - خصوصًا - يشير إلى مدى اهتمام المسلمين بالحركة والسكون, ومركز الثقل, وجر الأثقال بالقوة اليسيرة، وقد أَلَّفُوا في ذلك مؤلفاتٍ ذات قيمة، استعان بها الفيزيائيون اللاحقون.

وهناك تصريحًا آخر لدونلد ر.هيل جاء فيه: "عرف المسلمون جدولة الأوزان النوعية قبل الأوروبيين بكثير, وبدأ الاهتمام الشديد بهذا الموضوع في أوروبا إِبَّان القرن السابع عشر الميلادي، وبلغ ذروته في عمل روبت بويل (ت 1691م) الذي عين الوزن النوعي للزئبق - على سبيل المثال - بطريقتين مختلفتين، تعطيان المقدارين 13.76 و 13.357 وكلاهما أقل دقة من القيمة التي سجلها الخازني الذي كانت معظم نتائجه دقيقة تمامًا"!!

وإن هذه الإنجازات أولاً وأخيرًا إنما تعبر - في بعض ما تعبر عنه - عمّا كانت عليه الحضارة الإسلامية من تقدم، وما كانت فيه من رقي، سعت فيه إلى خدمة البشرية جمعاء..

ونسأل الله أن يُعيد للأمة سالف مجدها وحضارتها، وأن تتيقَّظ همم المسلمين وعقولهم للنسج على منوال أجدادهم العظام.

إسهامات علماء المسلمين في الفيزياء

د. راغب السرجاني
شأن كل العلوم التي تتقدَّم وتتطوَّر مع تعاقب الأمم والحضارات، قامت العلوم الطبيعيَّة عند المسلمين في بدئها على مؤلَّفات اليونان، تلك التي استند فيها اليونانيُّون إلى الفلسفة المجرَّدة في محاولاتهم فَهْم الطبيعة، ودون أن يكون للتجربة دور يُذْكَر في تلك المحاولات، غير أن العلماء المسلمين ما لبثوا أن طوَّروا هذا الأساس، وخاضوا غمار علم الفيزياء ببراعة وذكاء منقطعَي النظير، حتى لكأنهم أنشئوا علمًا جديدًا، وذلك حين جعلوا علم الفيزياء عِلمًا يستند إلى التجربة والاستقراء، عوضًا عن الاعتماد على الفلسفة أو التأمُّلات والأفكار المجرَّدة.

فكان من جرَّاء ذلك أنهم استنتجوا نظريات جديدة وبحوثًا مبتكرة، مثل: قوانين الحركة، والقوانين المائية، وقانون الجاذبية الأرضيَّة، كما بحثوا في الوزن النوعي للمعادن والسوائل، واستطاعوا قياس الوزن النوعي للسوائل، والذي يُعَدُّ في هذا العصر، بما فيه من وسائل متطوِّرة، أمرًا عسيرًا!

فقد اتَّكأ المسلمون في البدء على كتب السابقين، مثل كتاب (الطبيعة) لأرسطوطاليس الذي تحدث فيه عن علم الحركة، وكذلك مؤلفات أرشميدس التي تحوي معلومات عن الأجسام الطافية في الماء والوزن النوعي لبعض الموادِّ، ومصنفات أكتسبيوس التي تتضمَّن نتائج علميَّة عن المضخَّة الرافعة والساعات المائيَّة، وكذلك هيرون السكندري[1] الذي تحدَّث عن البكرة والعجلة وقانون الشغل[2]. ثم ما لبث العلماء المسلمون أن طوَّروا نظريات وأفكار السابقين الفيزيائية، واستطاعوا أن يخرجوها من طور النظريَّة المجرَّدة إلى طور التجربة العمليَّة، والتي هي عماد هذا العلم.

تطوير علماء المسلمين لعلم الصوت

 بحث العلماء المسلمون في علم الصوت وفي منشئه وكيفيَّة انتقاله، فكانوا أول من عرف أن الأصوات تنشأ عن حركة الأجسام المحدِثة لها، وانتقالها في الهواء على هيئة موجات تنتشر على شكل كروي، وهم أول من قسَّم الأصوات إلى أنواع، وعلَّلوا سبب اختلافها عن الحيوانات باختلاف طول أعناقها،  وسعة حلاقيمها وتركيب حناجرها، وكانوا أول من علَّل الصدى وقالوا: إنه يحدث عن انعكاس الهواء المتموِّج من مصادفة عالٍ كجبل أو حائط، ويمكن أن لا يقع الحسُّ بالانعكاس لقرب المساحة؛ فلا يُحَسُّ بتفاوت زمانَي الصوت وانعكاسه[3].

تطوير علماء المسلمين لعلم السوائل

أما علم السوائل فقد ألَّف العلماء المسلمون فصولاً متخصِّصة في كيفية حساب الوزن النوعي لها؛ إذ ابتدعوا طرقًا عديدة لاستخراجه، وتوصَّلوا إلى معرفة كثافة بعض العناصر، وكان حسابهم دقيقًا ومطابقًا -أحيانًا- لما هو عليه الآن، أو مختلفًا عنه بفارقٍ يسير[4].

علماء المسلمين في الفيزياء

أبو الريحان البيروني

من علماء المسلمين الذين اشتهروا بالفيزياء أبو الريحان البيروني، وهو الذي "عيَّن الكثافة النوعيَّة لثمانية عشر نوعًا من أنواع الحجارة الكريمة، ووضع القاعدة التي تنصُّ على أن الكثافة النوعيَّة للجسم تتناسب مع حجم الماء الذي يزيحه... وشرح أسباب خروج الماء من العيون الطبيعيَّة، والآبار الارتوازية بنظرية الأواني المستطرَقة"[5].

أبو الفتح الخازني

قد أبدع الخازني[6] في حقل الفيزياء أيَّما إبداع، وخاصَّة موضوعَي الحركي (الديناميكا) وعلم السوائل الساكنة (الهيدروستاتيكا)، لدرجة أدهشت الباحثين الذين أتوا بعده، ولا تزال نظرياته تدرَّس في حقل الحركيَّة في المدارس والجامعات إلى يومنا هذا، ومن هذه النظريات نظرية الميل والانحدار ونظريَّة الاندفاع، وهاتان النظريتان أدَّتا دورًا مهمًّا في علم الحركيَّة، ويَعتبر الكثير من المؤرِّخين في تاريخ العلوم الخازنيَّ أستاذ الفيزياء لجميع العصور، وقد خصَّص الخازني جُلَّ وقته لدراسة موضوع السوائل الساكنة، فاخترع آلة لمعرفة الوزن النوعي للسوائل، وناقَشَ ضمن دراسته موضوع المقاومة التي يعانيها الجسم من أسفل إلى أعلى عندما يغمر في سائل، واستخدم الخازني نفس الجهاز الذي استخدمه أستاذه الكبير أبو الريحان البيروني في تعيين الثقل النوعي لبعض الموادِّ الصلبة والسائلة، ووصل الخازني في مقاديره إلى درجة عظيمة من الدقَّة، لفتت انتباه معاصريه ومَنْ تَبِعَهُم[7].

وقد ناقش روبرت هول في مقالة عن الخازني في قاموس الشخصيات البارزة في العلوم كيفية إيجاد الخازني لكثافة الأجسام الصلبة والسائلة، واختراعه ميزانًا لوزن الأجسام في الهواء والماء له خمس كفات تتحرك إحداها على ذراع مدرَّج، ويقول كلٌّ من حميد موراني وعبد الحليم منتصر في كتابهما (قراءات في تاريخ العلوم عند العرب): "لقد سبق الخازني تورشيللي في الإشارة إلى مادَّة الهواء ووزنه، وأشار إلى أن للهواء وزنًا وقوَّة رافعة كالسوائل، وأن وزن الجسم المغمور في الهواء ينقص عن وزنه الحقيقي، وأن مقدار ما ينقصه من الوزن يتوقَّف على كثافة الهواء، وبيَّن أن قاعدة أرشميدس لا تسري فقط على السوائل، ولكن تسري أيضًا على الغازات، وكانت مثل هذه الدراسات هي التي مهَّدت لاختراع البارومتر (ميزان الضغط)، ومفرغات الهواء والمضخَّات، وما أشبه؛ وبهذا يكون الخازني قد سبق تورشيللي، وباسكال[8]، وبويل[9]، وغيرهم"[10].

قوانين الحركة

وإذا ما عددنا قوانين الحركة من بحوث علم الفيزياء، فإن لعلماء المسلمين الفضل في اكتشاف هذه القوانين؛ إذ تكمن أهمية قوانين الحركة في أنها تُعَدُّ صُلب الحضارة المعاصرة، حيث إن كل علوم الآلات المتحرِّكة في العصر الحاضر، ابتداءً من السيارة والقطار والطائرة إلى صواريخ الفضاء والصواريخ العابرة للقارَّات وغيرها، إنما تقوم وترتكز عليها، وبقوانين الحركة غزا الإنسان الفضاء الخارجي، واستطاع أن يهبط على سطح القمر. وقوانين الحركة تُعَدُّ كذلك أساس جميع العلوم الفيزيائية التي تقوم على الحركة؛ فالبصريات هي حركة الضوء، والصوت هو حركة الموجات الضوئية، والكهرباء هي حركة الإلكترونات... إلخ.

علماء المسلمين واكتشاف قوانين الحركة الثلاثة

المشهور عند عموم الناس في الشرق والغرب أن مكتشف هذه القوانين هو العالم الإنجليزي إسحاق نيوتن، وذلك منذ أن نشرها في كتابه المسمَّى (الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية).

وقد ظلَّت هذه هي الحقيقة المعروفة في العالم كله، بل وفي جميع المراجع العلمية -ومنها بالطبع مدارس المسلمين- حتى مطلع القرن العشرين، وذلك حين تصدَّى للبحث جماعة من علماء الطبيعة المسلمين المعاصرين، وكان في مقدمتهم الدكتور مصطفى نظيف أستاذ الفيزياء، والدكتور جلال شوقي أستاذ الهندسة الميكانيكية، والدكتور علي عبد الله الدفاع أستاذ الرياضيات.. فتوفَّروا على دراسة ما جاء في المخطوطات الإسلاميَّة في هذا المجال، فاكتشفوا أن الفضل الحقيقي في اكتشاف هذه القوانين إنما يرجع إلى علماء المسلمين، وأن ما كان دور نيوتن وفضله فيها إلا تجميع مادَّة هذه القوانين وصياغتها، وتحديده لها في قالب رياضي!

وبعيدًا عن العاطفة والكلام النظري المجرَّد؛ فإن جُهد علماء المسلمين في ذلك جاء واضحًا وصريحًا، تدعمه النصوص الكثيرة الموثَّقة في مخطوطاتهم، والتي ألَّفوها قبل مجيء نيوتن بسبعة قرون، ولنحتكم إلى تلك النصوص:

القانون الأوَّل للحركة: يشير القانون الأول للحركة في علم الفيزياء إلى أنه إذا كان مجموع الكَّمِّيَّات الموجَّهة من القوى التي تؤثِّر على جسم ما صفرًا، فسوف يظلُّ هذا الجسم ساكنًا، وبالمثل فإن أي جسم متحرِّك سيظلُّ على حركته بسرعة ثابتة في حالة عدم وجود أيَّة قوى تؤثِّر عليه، مثل قوى الاحتكاك. وقد جاء ذلك في قالب نيوتن الرياضي حيث قال: "إن الجسم يبقى في حالة سكون أو في حالة حركة منتظمة في خطٍّ مستقيم ما لم تُجبره قوى خارجيَّة على تغيير هذه الحالة".

وإذا جئنا إلى علماء المسلمين ودورهم في ذلك؛ فإن الشيخ الرئيس ابن سينا في كتابه (الإشارات والتنبيهات) صاغ ذلك بلفظه فقال: "إنك لتعلم أن الجسم إذا خُلِّي وطباعه، ولم يَعْرِضْ له من خارجٍ تأثيرٌ غريبٌ، لم يكن له بُدٌّ من موضع معيَّن وشكل معيَّن، فإن في طباعه مبدأ استيجاب ذلك، وليست المعاوقة للجسم بما هو جسم، بل بمعنى فيه يطلب البقاء على حاله".

والواضح لنا من النصِّ السابق أن تعبير ابن سينا للقانون الأول للحركة يمتاز عن تعبير إسحاق نيوتن الذي جاء بعده بأكثر من ستَّة قرون؛ وفيه يؤكِّد على أن الجسم يبقى في حالة سكون أو حركة منتظمة في خطٍّ مستقيم ما لم تجبره قوى خارجيَّة على تغيير هذه الحالة؛ بما يعني أن ابن سينا هو أول من اكتشف هذا القانون!

القانون الثاني للحركة: وهذا القانون يربط بين مجموع القوى المؤثِّرة على الجسم وعلى زيادة سرعته، وهو ما يُعرف بالعجلة، وتكون العجلة متناسبة مع حجم القوَّة وفي نفس اتجاهها، ويُعتبر ثابتُ هذا التناسب بمنزلة كتلة الجسم (ك).

وقد جاء ذلك في قالب نيوتن الرياضي حيث قال: "إن القوَّة اللازمة للحركة تتناسب تناسبًا طرديًّا مع كلٍّ من كتلة الجسم وتسارعه، وبالتالي فإنها تُقاس كحاصل ضرب الكتلة × التسارع، بحيث يكون التسارع في نفس اتجاه القوَّة وعلى خطِّ ميلها".

وإذا جئنا إلى علماء المسلمين، فلك أن تتأمل -مثلاً- قول هبة الله بن ملكا البغدادي (480-560هـ/ 1087-1164م) في كتابه (المعتبر في الحكمة)؛ حيث يقول: "وكل حركة ففي زمان لا محالة، فالقوة الأشدُّ تُحرِّك أسرع وفي زمن أقصر... فكلَّما اشتدَّت القوَّة ازدادت السرعة فقصر الزمان، فإذا لم تتناهَ الشدَّة لم تتناهَ السرعة، وفي ذلك تصير الحركة في غير زمان أشدَّ؛ لأن سلب الزمان في السرعة نهاية ما للشدَّة". وفي الفصل الرابع عشر الموسوم (الخلاء) قال بلفظه: "تزداد السرعة عند اشتداد القوَّة, فكلما زادت قوَّة الدفع زادت سرعة الجسم المتحرِّك, وقصر الزمن لقطع المسافة المحدَّدة". وهو بالضبط ما نسقه نيوتن في قالبه الرياضي، وأسماه القانون الثاني للحركة!!

القانون الثالث للحركة: وهو يعني أنه إذا تفاعل جسيمان، فإن القوَّة التي يؤثِّر بها الجسيم الأول في الجسيم الثاني (تسمَّى قوَّة الفعل) تساوى بالقيمة المطلقة، وتعاكس بالاتجاه القوَّة التي يؤثِّر بها الجسيم الثاني في الأول (تسمَّى قوَّة رد الفعل). وقد صاغ نيوتن ذلك القانون في قالبه الرياضي فقال: "لكل فعل ردُّ فعل، مساوٍ له في المقدار ومضادٌّ له في الاتجاه".

وقبله بقرون، وفي كتابه (المعتبر في الحكمة) أورد أبو البركات هبة الله بن ملكا ما نصُّه: "إن الحلقة المتجاذبة بين المصارعين لكل واحد من المتجاذبين في جذبها قوة مقاومة لقوة الآخر، وليس إذا غلب أحدهما فَجَذَبَهَا نحوه يكون قد خلت من قوة جذب الآخر، بل تلك القوة موجودة مقهورة، ولولاها لما احتاج الآخر إلى كل ذلك الجذب".

وهو نفس المعنى الذي ورد أيضًا في كتابات الإمام فخر الدين الرازي[11] في كتابه (المباحث المشرقية في علم الإلهيات والطبيعيات) حيث يقول: "الحلقة التي يجذبها جاذبان متساويان حتى وقفت في الوسط، لا شكَّ أن كل واحد منهما فعل فيها فعلاً معوَّقًا بفعل الآخر".

بل إن ابن الهيثم كان له نصيب منه أيضًا، حيث قال في كتابه (المناظر): "المتحرِّك إذا لقي في حركته مانعًا يمانعه، وكانت القوة المحرِّكة له باقية فيه عند لقائه الممانع، فإنه يرجع من حيث كان في الجهة التي منها تحرَّك، وتكون قوَّة حركته في الرجوع بحسب قوَّة الحركة التي كان تحرَّك بها الأوَّل، وبحسب قوَّة الممانعة".

ولا ريب -بعدُ- في أن ما أورده علماء المسلمين في هذه النصوص هو أصل القانون الثالث للحركة، والذي صاغه نيوتن بطريقته بعد أن استولى على مادَّته!!

د. راغب السرجاني
 

[1] هيرون السكندري: (ت 150م) عالم رياضيات ومهندس مصري، يعدّ أول من اخترع الإبر، وجهازًا لتوليد طاقة الرياح ومولدًا يعمل بالطاقة الحرارية.
[2] علي بن عبد الله الدفاع: روائع الحضارة العربية الإسلامية في العلوم ص115.
[3] رحاب خضر عكاوي: موسوعة عباقرة الإسلام 4/57.
[4] انظر الموسوعة العربية العالمية على الرابط: http://www.alargam.com/general/arabsince/7.htm.
[5] ول ديورانت: قصة الحضارة 13/186، وانظر محمد الصادق عفيفي: تطور الفكر العلمي عند المسلمين ص133.
[6] الخازني: هو أبو الفتح عبد الرحمن الخازن أو الخازني، حكيم فلكي مهندس، كان غلامًا روميًّا لعلي الخازن المروزي، فنسب إليه، حصّل علوم الهندسة والمعقولات، وصنف (ميزان الحكمة) و(الزيج). انظر: الزركلي: الأعلام 3/305.
[7] علي عبد الله الدفاع: العلوم البحتة في الحضارة العربية والإسلامية ص331.
[8] باسكال: بليس باسكال (1623- 1662م) فيزيائي، ورياضي، وفيلسوف فرنسي اشتهر بتجاربه على السوائل في مجال الفيزياء، وبأعماله الخاصة بنظرية الاحتمالات في الرياضيات. انظر: الموسوعة العربية الكبرى.
[9] بويل: روبرت بويل (1627-1691م) عالم أيرلندي، يعتبر مؤسس الكيمياء الحديثة. ساعد في ترسيخ دعائم الطريقة التجريبية في الكيمياء والفيزياء. وأكثر ما اشتهر به (بويل) تجاربه على الغازات التي أدت إلى إرساء قانون بويل. انظر الموسوعة العربية الكبرى.
[10] علي عبد الله الدفاع: العلوم البحتة في الحضارة العربية والإسلامية ص331.
[11] فخر الدين الرازي: هو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن (544 - 606هـ/1150- 1210م) من أئمة المفسرين، وأحد أعلم أهل زمانه في المنقول والمعقول وعلم الأوائل، ولد بالري، وتوفي بهراة، له: (مفاتيح الغيب) في تفسير القرآن الكريم. انظر: ابن خلكان: وفيات الأعيان 4/248-252.

مركز تحميل الصور الاسلامية

تحدي بين مدرس يهودي وطالب مسلم

su-34

أركان الإسلام

a7dathalnihaya