سورة الزمر للشيخ خالد الجليل

MultiHoster

الردود على الافتراءات المثارة عن زواج سيدنا محمد من أمنا عائشة

بسم الله الرحمن الرحيم

و الصلاة و السلام على سيدنا محمد خير خلق الله

بفضل الله تم الانتهاء من الفيلم الوثائقي القصير * قصة زواج * ويعتبر من أقوي الردود على الافتراءات المثارة عن زواج سيدنا محمد من أمنا عائشة

 

فيا أنصار رسول الله فلنتعاون جميعا على الدفاع عن رسول الله و ننشر الفيديو على أوسع نطاق

 

 

 

قناة موقع نصرة رسول الله على اليوتيوب

To say that something is wrong or not, you have to say it is wrong because of what; because it is violating what.

Please check this video to know the truth about Prophet Mohammad & Aisha's Marriage.

 

If you want to read the perfect love story, I recommend that you don't read "Romeo and Juliet" but Read the story of Muhammad and Aisha, in the very words of Aisha herself explaining how beautiful this relationship was between her and Prophet Muhammad (PBUH)

 

            

Sponsored by 
Khalifa Al Hammadi
 
لمن يريد رعاية انتاج الأفلام الوثائقية بموقع نصرة رسول الله  الرجاء مراسلة
 

الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

لماذا نحرر فلسطين

قبل أن نكمل ما قد بدأناه من حديثنا عن قضية فلسطين ، يجب أن نجيب على سؤال قد ورد بخصوص مفهوم الأمة الإسلامية التي يجب أن تكون كالجسد الواحد ، والذي لا يصح أن يكون القلب متألما والعين مشغولة بمشاهدة الأفلام والمسلسلات والمبارايات التافهة ، وكأنّ السؤال هو هل تريد منا أن نعيش في كآبة مستمرة لما يحدث للمسلمين في أرض فلسطين ؟ .
في الواقع أنا لا أطلب منك تمثيل الحزن أو الابتعاد عن أماكن الفرح إمعانا منك في الكآبة ، ولكن ما ذكرته أن هذا أمر ذاتي لا يحتاج منا مجهودا ، فشعور الجسد الواحد لا يحتاج لذلك ، فيا أخي لو أصيب قلبك – عافاك الله – فهل ستدعي عينك الألم ؟ أم أنها تشعر بالألم دون ادعاء ؟ ، ولو مات إنسان عزيز عليك فهل تبتعد عن أماكن اللهو مرغما أم أن هذا شعور ذاتي منك نتيجة الحزن الحقيقي ؟ .
ما أريده هو أن تشعر بالقضية بإحساس طبيعي وساعتها ستشعر بالحزن بلا تكلف منك ، بل سيترتب على الحزن العمل وسيكون عملا إيجابيا يبغي التغيير والإصلاح ، وسأضرب لك مثالا يوضح الصورة ، وهو موقف لصلاح الدين الأيوبي – رحمه الله – فقد رُوي أمامه حديثا وفي هذا الحديث كان النبي صلى الله عليه وسلم يضحك ، ولكن صلاح الدين لم يضحك ، فلما سألوه قال وكيف أضحك والمسجد الأقصى أسير في يد الصليبيين ؟ ، فهو لا يستطيع فعلا أن يضحك لأنه بطريقة عفوية يشعر بالحزن ولا يدعي الحزن تضامنا مع القضية ، فهو يعاني لمعاناة إخوته ويتألم كما يتألمون ، لذا تجده يحزن لأحزان إخوته ويفرح لأفراحهم دون تكلف ولا افتعال ، والذي أطلبه منك أن تفهم قضية فلسطين فهما صحيحا وستشعر بالحزن من أجل إخوتك بدون افتعال .
تحدثنا في المقالة السابقة عن تحريك القضية الفلسطينية وبالمفاهيم الصحيحة وبسرعة ، وفي هذه المقالة سنتحدث عن بعض هذه المفاهيم الهامة ، والحق أن سوء الفهم لهذه المفاهيم قد يأخذنا بعيدا عن الطريق الصحيح ويعني إنسياقا وراء المؤامرة الفكرية ، والمفهوم الأول الذي أريد طرحه هو :
تحديد الهدف :
هل يستقيم يا أخي أن تكون مسافرا وتعد العدة للسفر ثم تأتي يوم السفر لتكتشف أنك لا تدري أين ستسافر ؟ ، وطبعا هذا لا يستقيم فكل مكان يتطلب إعدادا خاصا ، ولهذا سأسألك سؤالا يتعلق بالهدف وهو لماذا نحرر فلسطين ؟ وما هي الدوافع وراء الحركة وبذل الجهد والعرق والمال ؟ .
من المهم جدا أن نجيب ونستفيض في إجابة هذا السؤال ؛ لأن المؤامرة الفكرية أول ما ستضرب فإنها ستضرب الأهداف والدوافع وهذا قد يُحبط العمل ، وسأعرض إجابات قد تخطر في بال الكثيرين منكم ولكن هناك إجابة واحدة هي الإجابة الصحيحة وعليك أن تختار ما تراه صحيحا :
الإجابة الأولى : لأنها عربية ونحن عرب .
الإجابة الثانية : لأن بها القدس تلك المدينة المباركة .
الإجابة الثالثة : لأن بها المسجد الأقصى مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولى القبلتين وثالث الحرمين .
الإجابة الرابعة : لحل مشكلة الفلسطينيين اللاجئين في بقاع الأرض المختلفة .
الإجابة الخامسة : لوقف نزيف الدماء للفلسطينيين .
الإجابة السادسة : لأنها فُتحت بالإسلام وحكمت بالإسلام في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
في رأيك أنت ما هي أصح الإجابات على السؤال الذي قد سألتك إياه ؟ .
أظن أن الناس ستختلف فيما بينها في كل إجابة من هذه الإجابات ، لأن الإعلام يشرح لنا في كل مرة هدفا من أهداف تحرير فلسطين أو لنقل حل هذه القضية ، فمرة يتحدثون عن كونها عربية ، ومرة يقولون القدس ، ومرة من أجل الأقصى ، وبهذا اختلف الهدف الذي نحرر من أجله فلسطين ، والحقيقة فإني سأختار الإجابة السادسة وهي لأنها فتحت بالإسلام وحكمت به في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وقد بدأ الفتح في سنة 13 من الهجرة وانتهى في 18 من الهجرة ومنذ ذلك الحين أصبحت فلسطين قطرا إسلاميا .
إذا نحن نحرر فلسطين لأنها إسلامية في المقام الأول ، ولأننا قد اختلفنا في تحديد الهدف الذي من أجله سنحرر فلسطين ، فدعونا نرجع لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم [ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ] رواه الترمذي وغيره ، فلنحتكم إذا إلى شرع الله ، ولكن ما هو موقف الشرع الإسلامي من هذه القضية؟.
في الحقيقة يوجد في الفقه الإسلامي باب كبير جدا اسمه باب الأرض المغنومة ، وهي الأرض التي دخلها المسلمون بالفتح الإسلامي ، كأرض فلسطين أو غيرها من الأراضي التي دخلها المسلمون فتحا أو صلحا ، وهذه الأرض أصبحت ملكا للمسلمين وهذا الملك هو ملك أبدي إلى يوم القيامة ، وهذه الأراضي هي وقف إسلامي وعلى هذا اجتمع فقهاء المسلمين ، ولكن اختلفوا اختلافا يسيرا في كيفية تصرف الحاكم المسلم في هذه الأرض المغنومة ، فأبو حنيفة وابن حنبل والشافعي اتفقوا على أنه يجوز للحاكم أن يفعل في الأرض المغنومة أحد أمرين : إما أن يوزع أربعة أخماسها على الفاتحين ويضم خمسها الباقي لخزينة الدولة كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أراضي خيبر ، والرأي الثاني هو أن يضمها كلها إلى بيت مال المسلمين ولا يوزع منها شيئا على الفاتحين ، وذلك ليستفيد منها المسلمون إلى يوم القيامة ولا تبقى حكرا على مجموعة الفاتحين الأوائل ، ومرجعهم في هذا الأمر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فلقد روى البخاري عن أسلم مولى عمر رضي الله عنه أن عمر رضي الله عنه قال ( أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ أَتْرُكَ آخِرَ النَّاسِ بَبَّانًا لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ مَا فُتِحَتْ عَلَيَّ قَرْيَةٌ إِلَّا قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ ، وَلَكِنِّي أَتْرُكُهَا خِزَانَةً لَهُمْ يَقْتَسِمُونَهَا ) ، والإمام مالك لا يرى إلا الرأي الثاني بأن الأرض تكون لبيت مال المسلمين ولا تقسم على الفاتحين .
إذا فالأرض التي فتحت بالإسلام أصبحت ملكا لهم ، وهذا حكم ثابت في الشرع لا تبديل فيه ولا تغيير ، وهذه الحقيقة الفقهية سيترتب عليها أشياء كثيرة هامة وهي هل فتح المسلمون أرض فلسطين كلها أم فتحوا جزءا منها ؟ .... طبعا فتحت كلها ، وبالتالي أصبحت أرض فلسطين كلها أرضا إسلامية من البحر إلى النهر كما يقولون ومن لبنان في الشمال وحتى رفع وخليج العقبة في الجنوب ، وقد ترى أن هذا الكلام كلام عجيب ، وهو كالأحلام أو كالأوهام بالنسبة لك ، ولكنه شرع الله وشرع الله أبدا لم يكن أحلاما ولا أوهاما.
ويزداد العجب بعلمك لهذا الأمر حين تبحث عن البلاد التي فتحت بالإسلام ، فإصبحت بحكم الشرع الإسلامي بلدا إسلامية ، وعلى سبيل المثال بلاد الأندلس – أسبانيا والبرتغال – وهذه البلاد قد حكمت بالإسلام ثم دارت الدورة وجاءت الدولة لغير المسلمين واحتلت من النصارى ، وضاع حكم المسلمين فيها ، ومع ذلك فهذه البلاد تبقى في الشرع أرضا إسلامية ، فمن شرع الله أنه إذا دخل الإسلام بلدا لا يخرج منها أبدا ، بل يجب أن يسعى للدخول في غيرها من البلاد ، فهذه هي الرسالة الخاتمة والمسلمون هم جند الله الناشرون لها والمدافعون عنها والمضحون من أجلها ، حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ، فعلى المسلمين أن ينشروا هذا الدين في شتى بقاع الأرض .
وقد يقول قائل وما شأننا نحن بالناس الذين لا يعبدون الله ؟ فلندع الناس تعبد ما تشاء ، ويسجدون لمن شاءوا ، وهذه يا إخوة سلبية شديدة لا تصلح لقيادة الناس ، فأهل الفساد لا يتركون العالم بدون إفساد سواء في بلادهم أو خارجها ، فلماذا يترك أهل الخير العالم بدون إصلاح ؟ ، فلقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفطر قلبه على كفر الكافرين حتى أنزل الله سبحانه قوله { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3) } سورة الشعراء ، لذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم ومن بعده من الصحابة ثم التابعين حريصين على نشر هذا الدين ، وعلى تعليم الناس أصول الشرع الذي أراده الله للعالمين ، فانظر إلى البلاد التي كانت إسلامية وتحولت للنصرانية أو الهندوسية أو أي ملة أخرى من الملل نتيجة تهاون المسلمين وكسلهم ، فمعظم شرق أوروبا كانت إسلامية ، فاليونان وبلغاريا ورومانيا والمجر ويغوسلافيا بكاملها بما فيها الصرب والبوسنة والهرسك وكوسوفا والجبل الأسود ومقدونيا وأجزاء من النمسا وقبرص ومالطا ، فكل هذه البلاد دخلها الإسلام وبه حكمت في زمن الخلافة العثمانية ، والهند حكمت بالإسلام فترة طويلة من الزمان ، وأزربيجان وأرمينية وغرب الصين ويعرف بولاية التركمنستان الشرقية فقد حكمت بالإسلام ثم احتلت من قبل الصينيين بعد ذلك ، وأيضا 60% من أرض فرنسا كانت أرضا إسلامية وحكمت بالإسلام 50 سنة متصلة ، ولكن ما الفرق بينك وبين أجدادك ؟ .
الفرق أنهم كانوا يطبقون شرع الله على أنفسهم ومجتمعاتهم فاستحقوا نصر الله عز وجل ، أما البعد عن شرع الله والتذاكي عليه والظن أن في خلافه خير أدى ذلك إلى حدوث ما نحن فيه الآن .
إذا فالشرع الإسلامي يعتبر أن الأرض التي فتحها المسلمون وحكموها لفترة ولو كانت وجيزة من الزمان هي أرض إسلامية إلى قيام الساعة ، وليس معنى هذا أن النصارى لا يعيشون في أرض المسلمين ، بالطبع يمكنهم العيش ولهم حقوق كثيرة جدا في أرضنا ، ولكن الحكم والشرع لله في هذه الأرض .
تُرى لو احتل جزء من أرض المسلمين فكيف يكون الحال ؟ .
اجتمع علماء المسلمين على أنه يتعين الجهاد في سبيل الله لتحرير أي جزء محتل من بلاد المسلمين ولو كان شبرا واحدا ، أي أن الجهاد يصبح فرض عين كالصلاة والصيام في رمضان ، وفرض العين يعني أنه يجب على الفرد المسلم أن يقوم به وبنفسه ولا يسقط بإقامة البعض له وذلك مثل الصلاة المفروضة فلا يصح أن يصلي أحد بدلا عن أحد ، أما فرض الكفاية فهو مثل صلاة الجنازة لو قام بها بعض المسلمين بالقدر الكافي سقطت عن البقية ولو لم يفعلها البعض أثم الكل .
بالنسبة للجهاد في سبيل الله فهو فرض على الكفاية ، إن قام به بعض المسلمين على القدر الكافي سقط عن البقية ، وذلك للحديث الذي رواه أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ – رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بَعْثًا إِلَى بَنِي لَحْيَانَ مِنْ هُذَيْلٍ فَقَالَ [ لِيَنْبَعِثْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا ، وَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا ] رواه مسلم وغيره ، فالجهاد في الأصل فرض كفاية ، ولكن متى يتعين الجهاد ويصبح فرض عين كالصلاة والصيام والزكاة ؟ .
أولا : أن يحضر المُكلف صف القتال لقول الله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) } سورة الأنفال .
ثانيا : إذا استنفر الحاكم أحدا من المكلفين للجهاد توجب عليه ذلك ، فمثلا لو أن هناك خلافة إسلامية وكان هناك جهاد في الشام وطلب الحاكم من جماعة في اليمن الجهاد في الشام ، فيتعين على هذه الجماعة الجهاد ، وذلك لما رواه البخاري عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال [ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا ] .
ثالثا : إذا احتل العدو جزءا من أرض المسلمين فيتعين على أهل هذه البلد المحتلة أن يخرجوا جميعا للجهاد إن كان دفع العدو لا يتحقق إلا بخروجهم جميعا ، فإن لم يكفوا ولم يستطيعوا دفعهم ، عاونهم في ذلك الأقرب فالأقرب من المسلمين ولو أتى ذلك على مسلمي الأرض جميعا ، فانظر في فقه أبي حنيفة إذ يقول ( فإن هجم العدو - على بلد من بلاد الإسلام ، أو ناحية من نواحيها - ففرض عين ، فتخرج المرأة ، والعبد بلا إذن الزوج ، والمولى ) ، وكذا يخرج الولد بغير إذن والديه ، والغريم بغير إذن دائنه ، والمرأة بغير إذن الزوج ، وفي الفقه أيضا أنه إن سبيت امرأة في المشرق وجب على أهل المغرب تخليصها ، وهذا الفقه يتكرر عند المالكية والحنابلة والشافعية ، فالإجماع قائم على أنه إذا احتل أي جزء من أرض المسلمين تعين عليهم تحريره .
بالطبع هناك أولويات ، فمثلا فلسطين والشيشان وكشمير والبوسنة والهرسك ، هي بلاد تحتاج إلى توجيه الطاقات فلا يعقل مثلا أن نسترد أسبانيا ونترك إخواننا في البلاد الإسلامية المحتلة الآن .
قد يسأل سائل ويقول سبق وأن قلت أنك تخاطب أفراد الأمة من مهندسين وأطباء وعمال ، وهؤلاء لا يملكون القدرة على تحريك الجيوش ، فأين الحلول العملية التي تطرحها ؟ .
في الواقع قبل أن نحرك الجيوش علينا أولا أن نصحح المفاهيم المتعلقة بهذه القضية حتى تستطيع أن تقاتل من أجلها ، وهذه المقالات سيطّلع عليها رجلين ، إما رجل في فلسطين ، وإما رجل في خارجها ، فلو كان السامع من داخل فلسطين ولديه الفرصة للجهاد فلابد أن يعلم أنه قد تعين عليه الجهاد ، ولابد أن يعلم حدود حقوقه التي لا يجب أبدا التنازل عنها ، ولو كان السامع لهذه المقالات خارج بلاد فلسطين فعليه أن يُعين على الجهاد ، ولقد روى البخاري ومسلم عن زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ [ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا ، وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا ] .
ثم إن المسلمين سيعرفون من ينادي بالشرع ومن يبيع الدين والأرض والعرض من المسلمين ، ولعل الله أن يفتح في يوم من الأيام باباً للجهاد فتعرف ما لك وما عليك ، وهذا ليس ببعيد ، ففي سنة 1967 كان الناس في مصر يعيشون حياة عادية وفي حالهم ، ثم دخل اليهود عليهم ، وكذلك الحال في الجولان ، وفي لبنان من سنة 1982 دخل اليهود عليهم حتى وصلوا إلى بيروت ، وهكذا لا يعلم أحد متى يكون الجهاد ولابد أن تعرف حقك وتنادي به .
وهناك تسائل آخر قد يُطرح وهو أن ما أتحدث عنه يعتبر مخالفا للشرعية الدولية ، فلكل بلد حدود يجب أن تلتزم بها ولا تخرج عنها ، وللرد على هذا أقول أن هناك في العالم شريعتين : شريعة الحق وشريعة الباطل ، واصطلح المبطلون في هذا العصر على تسمية شريعة الباطل بالشرعية الدولية ، والشرعية الدولية تلك هي شريعة الغاب ، فالقوي فيها يأكل الضعيف ، ولا فرق في الشرعية الدولية بين صاحب الحق وبين مغتصب الحق والمهم من الأقوى ، ولا فرق في الشرعية الدولية بين الظلم والعدل فالمهم من الأقوى ، ولا فرق في الشرعية الدولية بين الرحمة والقسوة والمهم من الأقوى ، فالشرعية الدولية منعت دخول التطعيمات ولبن الأطفال للعراق إلى أن مات عشرات الألوف منهم ، والشرعية الدولية أجازت ضرب المدنيين في العراق والبنية التحتية غير العسكرية مثل محطات الكهرباء والمصانع والمدارس والمستشفيات ، وهي التي أجازت ضرب مصنع الأدوية الوحيد في السودان لأنها أعلنت تطبيق شرع الله ولو جزئيا في بعض الولايات ، وهي التي أعطت كشمير للهند مع علمهم بغالبيتها المسلمة ، وهي التي تركت الصين تأكل أرض المسلمين في التركمنستان الشرقية ، ولعلكم سمعتم أن عشرات المسلمين قد أعدموا بعد أن أجبروا على شرب الخمرة في وجبتهم الأخيرة وداروا بهم في كل بلاد التركمنستان حتى يكونوا عبرة لغيرهم ؛ لأنهم يدعون للإسلام في تلك البلاد ، والشرعية الدولية وقفت متفرجة على ما يحدث ، بل وقفت تنظر للمسلمين الذين كانوا يقتلون من الصرب في البوسنة والهرسك وكوسوفا ولم تحرك ساكنا ، وبعد تسع سنين يحاكمون رئيس الصرب على ما فعل وكأنه انتصار كبير للعدالة الدولية .
الشرعية الدولية هي اصطلاح اجتمع عليه مجرموا الحرب في العالم لتنفيذ رغبات الدول القوية ، وقل لي لماذا الشكل المتباين بين موقف أمريكا من الكويت عند احتلال العراق لها ، وبين موقفها من اليهود في فلسطين ، فالذين ضربوا في الكويت كانوا مسلمين والذين يقتلون في الكويت كانوا أيضا مسلمين ، وهذا احتلال وهذا احتلال ، ولماذا لم يستطع بوش الأب أن ينام حزنا على مصائب المسلمين في الكويت ؟ ، إلا عندما جمع أهل الأرض جميعا بما فيهم المسلمين لتحرير الكويت ، وهنا تحرك غالب المسلمين لتحريرها ، وأخرج العلماء المصاحف وقرؤوا { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) } الحجرات .
فلماذا ينام بوش الأب وكلنتون وبوش الابن حين يرون ما يحدث في فلسطين وهو أبشع مائة مرة مما حدث في الكويت ، ثم أين شهامة المسلمين الذين تحركوا لتحرير الكويت وأين جيوشهم ، ولماذا لم يخرج المصحف ولماذا سكت العلماء الذين تحركوا لنجدة الكويت ، أليس في المصحف آيات تحض على تحرير فلسطين وقتال اليهود ؟ ، فلماذا فرضت الشرعية الدولية نصف مليون جندي وآلة عسكرية ضخمة جدا من أجل الكويت ، وفرضت في فلسطين طاولة مفاوضات وأربع أو خمس كراس حولها ؟ ، ولماذا أرادت محاكمة رئيس السودان عمر البشير بزعم أنه تسبب في قتل بعض المدنيين السودانيين بطريقة غير مباشرة ولم نر أي دلائل تدل على ذلك ، في حين أن الشرعية الدولية تقف متفرجة وصامتة على ما فعله اليهود من قتل ما يزيد من ألف فلسطيني مسلم وجرح أكثر من خمسة آلاف كان معظمهم أطفالا ونساء وذلك في غزة بداية سنة 2009 ميلادية ؟ ، فأين محاكمة مجرمي الحرب اليهود وكل من شارك في هذه المذبحة وما سبقها من المذابح ؟ ، فالشرعية الدولية لا تعرف حقا أو باطلا فهي لا تعترف إلا بالقوة .
أما شريعة الحق ، أو الشريعة الإسلامية ، أو شريعة الله فهي أمر مختلف تماما ، فهي شرعية تقوم في الأساس على احترام خالق هذا الكون ، وهي تعرف الحق كما عرفه مالك الملك ذو الجلال والإكرام ، وهي تعرف الباطل أيضا كما عرفه مالك الملك ذو الجلال والإكرام ، وهي شرعية تقوم على أساس نشر العدل المطلق والرحمة المطلقة بين الخلق ، فهي شرعية تريد الخير والرحمة للعالمين ، قال تعالى { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) } الأنبياء .
الصراع بين الشرعية الدولية لأهل الباطل والشرعية الإسلامية لأهل الحق هو صراع قديم ، فلقد اصطلح أهل مكة من الأشراف الكافرين على أن يعبدوا أصناما من دون الله ، فهل في هذا الاجتماع صورة للحق ؟ ، واصطلح أهل مكة من الأشراف الكافرين على أن يعذبوا المسلمين ويصادروا أموالهم وديارهم ، وهي عملية تجميد أموال كما نسمع عنها تماما الآن فهل هذا حق ؟ ، واصطلح أهل مكة من الأشراف الكافرين على أن يحاصروا المسلمين في شعب أبي طالب ثلاث سنوات فهل كان هذا الحصار حقا ؟ ، واصطلحوا على قتل النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يهاجروا فهل هذا القتل حقا وقد أخذ الشرعية الدولية ؟ ، واصطلحوا على حصار المسلمين في المدينة وقتالهم في بدر وأحد والأحزاب فهل هذه الأمور حقا شرعيا أم افتراء على الله والمؤمنين ؟ .
المسلمون جابهوا الشرعية الدولية لأنها كانت ظالمة ، وكذلك جابهوها في دول العالم المختلفة والمتمثلة في فارس والروم لأنها أيضا كانت ظالمة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم حق خالص ، ودينه حق خالص ، ورأيه حق خالص ، والقرآن حق خالص ، ومع اعتراف أهل مكة في داخلهم بهذا الحق ، إلا أنهم حاربوه ، ثم دارت الأيام وآمن أهل مكة لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ، ولكنه كان مؤيدا بقوة أي مؤيدا بعشرة آلاف من المؤمنين المجاهدين ، فلقد كان مؤيدا بسيوف ورماح ودروع وهنا آمنوا ، فكثيرا منهم لم يؤمنوا إلا خوفا من هذه السهام والسيوف ، ثم دارات الأيام وحسُن إسلامهم ونصروا الدين بحق وثبتوا على الدين وهكذا ، فلابد للحق من قوة تحميه حتى وإن كان هذا الحق هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذه من سنن الله في خلقه ، لذا لا يجب على المسلمين أن يظنوا أن الشرعية الدولية ستسمح للمسلمين بحقوقهم حتى ببعض حقوقهم ماداموا لا يملكون قوة .
المهم الآن أن يعلم المسلمون أن فلسطين وبكاملها أرض إسلامية ، وتعين على المسلمين تحريرها بكاملها ولن تحرر البلاد إلا بسواعد المسلمين ، ولن يفيدنا استجداء السلام من أمريكا ولا من الأمم المتحدة ولا الاتحاد الأوروبي ولا الصين ، وسبحان الله يمدون أيدهم إلى كل المتواطئين عليهم ولا يرفعون أيدهم إلى ربهم رازقهم ، وإن هذا لشيء عجيب .
وهذا الكلام ليس كلامي أنا فقط بل إن الأزهر قد أصدر فتوى بعدم جواز الصلح مع اليهود ماداموا يملكون أرضا إسلامية وأنه يحرم التفريط في شبر واحد من فلسطين وكانت هذه الفتوى بتاريخ 8 يناير 1956 م ، ولو أنك ذهبت الآن إلى الأزهر فإنك لن تجد رجلا واحدا يفتي بأن يافا أو حيفا مثلا بلد غير إسلامية ، وللعلم فإن الحي الشمالي من يافا اسمه تل أبيب ، فهذه الأرض هي أرض إسلامية وقد عاش فيها الإسلام قرونا متتابعة .
سبق وأن سألتكم لماذا نحرر فلسطين ووضعت لكم اختيارات شتى وقلت لكم أن الاختيار الصحيح هو لأنها أرض إسلامية ، ولكن ما هي عيوب الإجابات الأخرى ؟ .
أترك توضيح عيوب هذه الإجابات في المقالة القادمة إن شاء الله .

 

هذه المقالة تكاد تكون منقولة بالنص من درس للدكتور راغب السرجاني
 

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحرير فلسطين من أجل القدس

توقفنا في المقالة السابقة عند العيوب التي يعتقدها البعض في تحرير فلسطين ، وفي تلك المقالة سنناقش أحد هذه الأسباب المعيوبة ، فمثلا الإجابة التي تقول نحرر فلسطين لأن بها القدس ما العيب فيها ؟ .
 
القدس مدينة مباركة وذات قيمة كبيرة عند المسلمين ، تعقب مباشرة قيمة مكة المكرمة والمدينة المنورة ، وفوق القيمة الدينية فهي ثغر كبير من ثغور الإسلام وأرض جهاد وأهلها في رباط إلى يوم القيامة ، ولكنه من الخطير جدا أن نقول نحن نحرر فلسطين من أجل القدس ، فالعدو سيقول لنا خذ القدس واترك كذا وكذا من الأرض ، لذا فالعدو نفسه سيعلي من قيمة القدس في إعلاناته وسفاراته حتى إذا سمح لك بأخذها فتح لك الطريق لتسلم غيرها بسهولة ، والأمم المتحدة كانت من الذكاء في شرها أنها لما قامت بتقسيم فلسطين سنة 47 كما سيأتي ، فإنها جعلت القدس تحت رعاية دولية وبالتالي رفعت من قيمتها عند المساومة ، فيأتي الفلسطيني المفاوض ليقول لابد أن نأخذ القدس ، فإني سأقيم دولة فلسطينية وعاصمتها القدس ، فلما يوافقونه بعد جدال طويل يكتشف أنه لم يأخذ إلا 22 % فقط من الأرض وفيها القدس وسلم 88% من الأرض خالصة لليهود ، ثم يكتشف كارثة أخرى ، وهي أن 60% من الضفة الغربية فيها مستوطنات يهودية ، يعني لا يملك 10% فقط ومهلهلة تماما ولكن معه القدس .
 
وعلى الرغم من أننا ننادي بأن أرض فلسطين كلها إسلامية ، وقد كان المفاوضون في البداية ينادون بذلك أيضا ، ولكنها المؤامرة ، فهناك من يدبر المؤامرة وهناك من هو مستعد للمشاركة فيها ، ثم بعد ذلك يزداد الضعف فيفاوضون في القدس لتصبح قدسا شرقية وقدسا غربية ، وأذكر عنوانا في أحد الجرائد العربية المشهورة وقد كان ( لا تفريط في القدس الشرقية ) ، ولكن لما الشرقية فقط ؟ ، هل أصبحت الغربية أيضا لليهود ؟ ، وهل يجوز التفريط في بقية فلسطين ؟ .
 
ثم مرحلة أخطر في المساومات وهو ما تم في أوسلوا من مفاوضات سرية ، فلقد اتفق اليهود مع أبي مازن ذلك المفاوض الفلسطيني البارز على إنشاء أحياء جديدة في شرق مدينة القدس ، ويطلقون عليها اسم القدس ويأخذها الفلسطينيون ثم يأخذ اليهود القدس الأصلية ويسمونها أورشليم ، وهذا هو خطر القول بأننا نحرر فلسطين من أجل القدس .
 
فلنقل يا إخوة فلسطين إسلامية ولا تقل القدس إسلامية ، ولنقل فلسطين لنا ولا تقل القدس لنا ، وقل لا تفريط في فلسطين ولا تقل لا تفريط في القدس وهكذا .
 
وأخطر من هذا أن نقول أننا نحرر فلسطين من أجل المسجد الأقصى ، وأرجو ألا تتعجب ودعني أحلل هذا الأمر ، فإنهم سيقولون لا مساس بالمقدسات الإسلامية وهي الأقصى وقبة الصخرة ، ولذلك نعطيك الأقصى وقبة الصخرة ونأخذ فلسطين والقدس ، ثم مرحلة أخرى من المساومات وهي لضمان الأمان أكثر فلنجعل الأقصى تحت حماية دولية وليس حماية المسلمين ، فيفقد المسلمون ملكيتهم للمسجد الأقصى ويمكنهم أن يزوروه كلما أرادوا كما يزورون مسجد قرطبة الذي في أسبانيا اليوم ، ثم مرحلة جديدة وهي إعطاء الأقصى ولكن بدون حائط واحد من جدرانه ويدعون أنه حائط المبكى وبقايا هيكل سليمان عليه السلام ، ثم مرحلة جديدة وهي ملاحظة موت الشارع الإسلامي وساعتها يهدمون الأقصى ويقيمون هيكل سليمان عليه السلام ، ولكن قد تحدث ثورة بسبب ذلك ، فيقولون سنعطي المسلمين قبة الصخرة ولكن قبة الصخرة في الواقع أقل شرفا من الأقصى وليس المسجد الأقصى، ففكروا وقالوا لنقنع المسلمين أن المسجد الأقصى هو قبة الصخرة ، لذلك تجد الدعايا تظهر قبة الصخرة الصفراء المشهورة وكأنها المسجد الأقصى ، وستجد كثيرا من المسلمين الآن يظنون أن المسجد ذي القبة الصفراء هو المسجد الأقصى .
 
صور لمسجد قبة الصخرة

  
 

صور للمسجد الأقصى

إذا عندما نقول نريد فلسطين من أجل الأقصى فإنهم سيساومون على الأقصى الذي تريده ويأخذون بقية البلاد هذا إن أعطوك الأقصى فعلا .
 
واسمح لي أن أسأل سؤالا وهو هل الأقصى كبناء أغلى في القيمة من دماء إخواننا في فلسطين والذين قد يبعدون كثيرا عن الأقصى ؟ ففي رام الله والخليل وغزة ونابلس وغيرها سفكت دماء الفلسطينيين فمن أغلى قيمة هم أم الأقصى ؟ .
 
الإجابة يخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه ابن ماجة عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ وَيَقُولُ [ مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ مَالِهِ وَدَمِهِ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلَّا خَيْرًا ] ، وروى ابن ماجة أيضا عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال [ لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ ] وقد روى هذا الحديث الترمذي والنسائي من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنها .
 
إذا فالمؤمن أعظم حرمة عند الله من الدنيا كلها وبالطبع أعظم حرمة من الكعبة والكعبة بالطبع أعظم حرمة من الأقصى ، فمن الخطأ ألا يتحرك المسلمون لقتل الأبرياء من الفلسطينيين بينما ينتفضون لزيارة شارون إلى الأقصى ، وطبعا رد الفعل لزيارة شارون ممتاز ولكن يجب أن يكون رد الفعل أعنف لقتل واحد من المسلمين في فلسطين ، فما بالك بالآلاف منهم ؟ .
 
ومن الخطأ أن ينتفض المسلمون لحفر نفق تحت الأقصى ولا ينتفضون لقتل ثلاثة آلاف مسلم في مذبحة صبرا وشاتيلا ، ولا يتحركون إلا على استحياء بعد أن فتحت الموضوع إذاعة البي بي سي البريطانية ، وذلك بعد 19 سنة من الحدث وساعتها رفعت بعض القضايا لملاحقة المجرمين والحصول على حقوق المسلمين الذين قتلوا بعد 19 سنة من هذه المذبحة .
 
يا إخوة لو هدم الأقصى فسيتجدد بناءه إن شاء الله ، ولكن لو أريق دم مسلم واحد فمن يعيده إلى أسرته في الدنيا ؟ ، فلابد من ترتيب الأولويات ، فدماء المسلمين أولى من المباني وإن كانت إسلامية مقدسة .
 
وهناك خطر آخر وهو هل يجب أن يتحرك المسلمون فقط للبلاد التي فيها الأقصى أو الكعبة فقط ؟ ، بمعنى هل يجب على المسلم ألا يهتم بقتلى المسلمين في الشيشان مثلا ؟ ألا يجب على المسلم أن يغلي لما حدث للنساء في البوسنة من اغتصاب ؟ ألا يجب أن يتحرك المسلم لذبح أهل كشمير على أيدي عباد البقر ؟ وذلك لأنهم جميعا لا يملكون حرما أو قبلة ؟ .
 
بل يجب على المسلمين تحرير فلسطين سواء كان بها أقصى أو لا ، ويدخل طبعا في ذلك كل بلاد المسلمين المحتلة لأنها أرض إسلامية .
 
الأقصى قد زاد فلسطين تشريفا وتعظيما ، إلا أنه لا ينبغي أبدا أن نحرر فلسطين من أجل الأقصى لما سيترتب على ذلك من مفاسد ، والأقصى قد يزيد من حمية المسلمين لتحرير البلاد ولكنه لا ينشىء هذه الحمية ابتداءا ، فنحن نحرر فلسطين لأنها أرض إسلامية وبها مسلمين ، والله قد خص هذه الأرض ببعض الفضائل مثل أنها مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجب أن نسأل لماذا ذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى القدس وكان من الممكن أن يعرج إلى السماء من مكة ؟ وأن يصلي بالأنبياء من مكة فلماذا الأقصى ؟ .
 
السبب في ذلك أن يتسلم النبي صلى الله عليه وسلم قيادة البشرية من الأنبياء السابقين من مركز القيادة القديم وهو الأقصى ، وأيضا إلقاء حب هذا المكان في قلوب المؤمنين .
 
أيضا قد جعل الله المسجد الأقصى القبلة الأولى للمسلمين ، وظلت كذلك سبعة عشر شهرا في المدينة المنورة ثم حولت القبلة إلى الكعبة فأصبح أولى القبلتين وثالث الحرمين وبذلك يضاف شيء جديد بالإضافة إلى كونه مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم .
 
أخرج الإمام مسلم عن أبي ذر رضى الله عنه قال سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَوَّلِ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ قَالَ [ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ ] قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ [ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى ] قُلْتُ كَمْ بَيْنَهُمَا قَالَ [ أَرْبَعُونَ عَامًا ثُمَّ الْأَرْضُ لَكَ مَسْجِدٌ فَحَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ ] ، فكيف يكون تحت الأقصى هيكل سليمان عليه السلام كما يدعي الكاذبون من اليهود ؟ .
 
وهناك مزية أخرى للمسجد الأقصى وهي أن المسلم قد يسافر من بعيد للصلاة في المسجد الأقصى ، ولا يجوز هذا إلا على المسجد الحرام والمسجد النبوي والأقصى وذلك كما جاء في البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى ] .
 
ومن ميزات المسجد الأقصى أن أجر الصلاة فيه تعدل خمسمائة صلاة في غيره من المساجد ، وأن الله عز وجل يبارك في الأرض التي تحيط بالأقصى وهي أرض فلسطين وأرض الشام بصفة عامة ، قال تعالى { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) } الإسراء ، ويقول { وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71) } الأنبياء ، ويقول صلى الله عليه وسلم [ عَلَيْكُمْ بِالشَّامِ، فَإِنَّهَا صَفْوَةُ بِلادِ اللَّهِ يَسْكُنُهَا خِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، فَمَنْ أَبَى فَلْيَلْحَقْ بِيَمَنِهِ، وَلْيَسْقِ مِنْ غُدُرِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَكَفَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ ] رواه الطبراني .
 
فكل هذه الميزات تزيدك إصرارا وعزيمة إلا أنها لا تكون هي السبب الوحيد لتحرير فلسطين ، بل الأصل أنها أرض إسلامية ، ولعل الله قد جعل الأقصى في فلسطين لأنه يعلم أن هذه الأرض هي أرض جهاد فأراد سبحانه أن يجعل فيها ميزات ليحبها المسلمون ، فهذه الأرض أتى إليها الصليبييون واحتلوها 200 سنة متواصلة وكان من الممكن أن ينسى المسلمون القضية لتقادم الزمان ولكن ما نسوها أبدا ، ثم جاء اليهود من كل بلاد العالم واحتلوا فلسطين وسيظل الصراع مستمرا هكذا ، وقد يخرج اليهود الآن وقد يعود غيرهم ، فإن هذه الأرض ستظل بؤرة صراع ، حتى إنه من علامات الساعة قوله صلى الله عليه وسلم [ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ ] رواه مسلم .
 
إذا نحن لا نريد تحرير فلسطين فقط من أجل الأقصى ولكن كل فلسطين تهمنا لأنها أرضا إسلامية ، ولن نرضى بالمسجد الأقصى ونترك فلسطين ، وأيضا دماء المسلمين أغلى من الأقصى ويجب أن تنقذ قبل الأقصى ، ثم إن البلاد المحتلة التي لا يوجد فيها المسجد الأقصى كالشيشان وكشمير لها أيضا أهمية كبيرة في قلوب المسلمين ويجب تحريرها ، ومع ذلك فإن الأقصى قد زاد فلسطين تشريفا وتعظيما كما ذكرنا . 
 
تبقى أمور أخرى نريد أن نتناقش فيها وهي هل نحرر فلسطين لأنها عربية كما يقول البعض ؟ وهل نحررها لوقف نزيف الدماء ؟ وهل نحررها لحل مشكلة اللاجئين ؟ كل ذلك سنناقشه في المقالة القادمة إن شاء الله .




هذه المقالة تكاد تكون منقولة بالنص من درس للدكتور راغب السرجاني
 

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فلسطين ليست عربية

تحدثنا في المقالة السابقة عن خطورة تحرير فلسطين بسبب المسجد الأقصى ، وفي هذه المقالة سنتحدث إن شاء الله عن الذين يقولون إننا سنحرر فلسطين لأنها عربية ، فدعونا ننظر إلى خطورة هذا المفهوم علينا .

يقولون إن فلسطين عربية لأنه كان يعيش فيها قبائل كنعان العربية وذلك قبل دخول اليهود لفلسطين ، ولذلك نحن كعرب سندافع عنها وهم بذلك يردون ملكية البلد لمن عاش فيها أولا ، وهذا مبدأ غير إسلامي كما أوضحنا من قبل ، لأن البلاد تصبح إسلامية بمجرد فتح المسلمين لها سواء أكان ساكنوها من قبل هم العرب أو العجم ، فمصر الآن دولة عربية فهل سكنها العرب أولا ؟ ولذلك فهي عربية ؟ وهل من الممكن أن يقوم النصارى في مصر ويقولوا مصر بلدنا ونحن عشنا فيها قبل المسلمين ؟ .

نعم عاش النصارى في مصر قبل المسلمين لكن منذ أن فُتحت بالإسلام أصبحت البلاد إسلامية ، فالجزائر الآن دولة عربية فهل سَكَنها العرب أولا أم سكنها البدو أولا وهم ليسوا عربا ؟ ، وهل فتح المسلمون بلاد فارس لأنهم كانت لهم جذور عربية فى فارس ؟ ، وهل فتحوا بلاد الأندلس لأنه كانت لهم جذور عربية فى الأندلس ؟ .

إذاً لا يجب أن يأخذنا اليهود إلى جدالات جانبية لاخراجنا عن المنهج السليم ، فيأتى اليهود ويُزَوّرون التاريخ ونظل فى جدال طويل ورجوع إلى الحفريات ، ومما سمعت أن شارون أعلن أنهم وجدوا آثارا فى الجولان تدل على أن اليهود سكنوا في هذه البلد قبل العرب ، وطبعا هم يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ، وتعالوا لندخل فى جدل عقيم وطويل وحفريات مزورة وخروج عن شرع الله سبحانه وتعالى لأننا نُبحر مع اليهود في جدالات خارج المنهج ، ولو كان الأمر بهذه الطريقة إذاً لنُخرج الأستراليين مثلا من أستراليا ، فمن المعروف أن أهل أستراليا الحاليين ليسوا هم الأهل الأصليين وكذلك لنُخرج روسيا من الشيشان ، فالجميع يعترف أن أهل الشيشان سكنوا الشيشان قبل روسيا بل لنخرج أمريكا من بلادهم ونعطيها للهنود الحمر الذين لا ينكر الأمريكان أنهم سكنوا البلاد قبلهم .

إذاً لا داعى أن نمشى وراء اليهود فى هذا المسلك فهم قوم تمرسوا على الجدال وتمرسوا على تغييب الحق وإنكار الحقيقة ولو كانت مثل ضوء الشمس .

ودعونا نناقش أمرا هاما وهو هل يحرر المسلمون فلسطين لكون كنعان كان يسكن فيها أولا ؟ .

تعالوا لنفكر بهدوء هل نتشرف بالانتماء إلى كنعان ، ومن هي قبائل كنعان ؟ .

قبائل كنعان هذه كانت قبائل وثنية عربية تعيش فى أرض فلسطين منذ قديم الزمن وهم - أى اليهود - يقولون أن داوود وسليمان عليهما السلام كانا يعيشان فى هذه البلاد ، ومن قبلهما يعقوب وإسحاق وإبراهيم عليهم جميعا أفضل الصلاة والتسليم ، والحق أقول أن كنعان كان يعيش قبل هؤلاء الأنبياء فى فلسطين ، لكن أليس يشرفنى الانتماء إلى هؤلاء الأنبياء المرسلين عن الانتماء إلى كنعان ؟ ، فبيننا وبين هؤلاء الأنبياء أخوة العقيدة وأخوة الإيمان بالله ، بينما بيننا وبين كنعان كره فى الله ، فأكرهه لأنه يسجد لصنم من دون الله ، وهكذا الأساس الذى يبنى عليه المسلم علاقاته ( الحب فى الله والبغض فى الله ) وهذا هو أوسط عرى الإيمان ، قال تعالى { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } (285) سورة البقرة .

فنحن لا نفعل مثلما فعل كاتب مصرى مشهور يكتب عمودا ثابتا فى صحيفة من الصحف المشهورة ، فزعم أن اليهود من طبعهم الغدر وإنكار الجميل ، حتى أن موسى عليه السلام - والكلام للمؤلف المشهور - قتل المصري وهرب ولم يراعى حق المصريين الذين ربوه واطعموه وحملوه فوق رؤوسهم كما يقول بلفظه ، فهذا يعنى أن الرجل يطعن طعنا مباشراً فى نبى من أنبياء الله لأنه إسرائيلي .

سبحان الله ، موسى نبى من أولى العزم من الرسل ولا يجب أبدا أن يدفعنا بغضنا لليهود أن نكره أنبياءهم وهم رسل الله ، وهذا خطأ كبير جدا فى الفهم ، وأقل ما يوصف به فعل هذا المنُكر أن هذا سوء أدب مع أنبياء الله ، ونسأل الله أن يكون قد ارتكبه عن جهل وإلا فالعواقب خطيرة .

واسمح لي بسؤال ...أيهما أشرف لك ؟ أن تنتمي إلى أبى جهل ، ذلك العربى القرشى الكافر أم إلى بلال الحبشى المؤمن وهو ليس بعربى ؟ ، وأيهما أشرف لك أن تنتمي إلى أبي لهب العربي القرشي الكافر أم إلى طارق بن زياد البربري المؤمن وهو ليس بعربي ؟ ، وأيهما أشرف لك أن تنتمي إلى الوليد بن المغيرة أم إلى صلاح الدين الأيوبي الكردي المؤمن وهو ليس بعربي ؟ ، وطبعا نحن نظن أن صلاح الدين عربي لأن الفيلم المشهور الذي كان عن صلاح الدين الأيوبي أظهر ذلك ، وجاء بقول زور على لسان صلاح الدين حيث كان يقول ( نحن العرب فعلنا كذا وكذا ) والأصل أننا نحن مسلمون ، فأيهما الأشرف لك ؟ أن تنتمي إلى أمية بن خلف العربي أم إلى محمد الفاتح التركي فاتح القسطنطينية المسلم وهو ليس بعربي ؟ .

الآن قد عرفنا أن الكثير من رموزنا الإسلامية العظيمة ليست بعربية ، فنحن يا إخوة لا نحرر فلسطين لأنها سُكنت بكنعان الوثني أولا ، بل نحن نحررها لأنها بالكامل قطر إسلامي فُتح بالإسلام كما ذكرنا .

واعلم أنه من الخطورة بمكان تكرار أن فلسطين عربية وأن ينسى المسلمون هموم المسلمين غير العرب حتى وإن كانوا فى بلاد غير محتلة ، فالمسلمون فى جمهوريات الاتحاد السوفييتى المحررة يحتاجون إلى عون المسلمين من العرب وغيرهم ، وللعلم فإن إسرائيل هي أول دولة ذهبت وأقامت علاقات وثيقة مع هذه الدول الإسلامية ، والمسلمون فى غياب عظيم عن هذا الدور الكبير ، فتخيلوا أن إسرائيل هي أول بلد عملت علاقات مع تركمنستان ، وأوز باكستان ، وطاجاكستان ، وكل هذه البلاد بها ثروات ضخمة جدا ، وطاقات بشرية كبيرة ، ولقد أقامت إسرائيل مع هذه الدول علاقات ولم يتحرك لها المسلمون ، والمسلمون فى بلاد إفريقيا يحتاجون إلى المسلمين فى بلاد العرب ، فالمسلمون يربطهم جميعا رباط العقيدة لا العنصر أو العرق .

ولاحظ أن بمناداتنا بعروبة فلسطين فإننا نحذف ببساطة قوة أكثر من مليار مسلم ، وهذا أمر يؤذي المسلمين غير العرب عندما نتحدث عن العروبة وكأنهم مسلمين من الدرجة الثانية ، ولاحظ فى بلاد العالم الغربى حيث تعيش جاليات مسلمة من شتى البقاع فإنك ستجد أموراً عجبا ، فتجد المسلمين مقسمين إلى مجموعات منفصلة بحسب العنصر ، بل وقد يتنافسون فيما بينهم بل وقد يتصارعون فى هذه الغربة ، فتجد على سبيل المثال تجمع عربى ، وتجمع باكستاني ، وهكذا بحسب العرق والعنصر ، ووالله أذكر حديثا تحدثت به مع باكستانى قال " إن فى قلبه ألم شديد لاحساسه أن العرب ينظرون إليهم نظرة دنيا " ، وذلك مع شدة العاطفة الإسلامية فى قلوب الباكستانين وفى قلوب الهنود وفى قلوب الماليزيين ، ويقول " قد خرج منا وممن حولنا من البلاد غير العربية البخارى ، ومسلم ، والنسائى ، والترمذى ، وابن ماجة ، والبيهقى ، والغزالى ، والسرخاسى ، والنيسابورى " ، فكل هؤلاء وغيرهم الكثير خرجوا من هذه البلاد غير العربية إلا أن العرب ينظرون إليهم نظرة دنيا ، ونحن ببساطة لما نقول نحن عرب ونريد أن نحرر فلسطين لكونها عربية فنحن نحذف كل هؤلاء من صف المسلمين ومن صف القوة المواجهة لإسرائيل  .


يا أخى وسع مداركك وانظر ماذا أراد الله لك وتبتغى غيره ، فانظر إلى الأمر من منظور سياسى وعسكرى وإقتصادى فهل من المصلحة أن تواجه إسرائيل وأنت تبلغ من العدد 200 مليون ؟ ، أم أن تواجهها وأنت تبلغ مليار مسلم و200 أو 300 مليون ؟ ، طبعا هناك فرق ضخم وكبير جدا ، وتخيل معى بدلا من أن تكون هناك الجامعة العربية نؤسس كيان آخر اسمه الجامعة الإسلامية كما كان يريد السلطان عبد الحميد الثانى رحمه الله آخر السلاطين المحترمين فى الخلافة العثمانية ، وتخيل معى جامعة تكون قراراتها ليست لمجرد التنفيس عن الشعوب الإسلامية ، ولكن أخذ قرارات واقعية مؤثرة تغير من مسار الشعوب تبعا لمصلحة شعوب الجامعة الإسلامية التي تجمع بين طياتها طاقة بشرية هائلة ، فيكون فيها تكنولوجيا ماليزيا وإندونيسيا ، وفيها بترول الخليج والقوقاز ، وفيها مزارع السودان والعراق ، وفيها مناجم إفريقية ، وفيها نووية باكستان وفيها يورانيوم كازاخستان ، وفيها قناة السويس وباب المندب ومضيق البسفور فى تركيا ، فيا أخي إعرف إمكانيات الأمة الإسلامية ودعونا من عُنجهية العنصرية وعنجهية القومية وعنجهية القبلية .

وأخطر آثار المناداة بعروبة فلسطين هى تغيير الغاية من القتال وفقدان العنصر الحقيقى للنصر وهو قوة العقيدة الإسلامية ، وانظر إلى السلطة الفلسطينية العلمانية ، فهى التى لا تربط منهجها بالله ولا برسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ، بل تربطه فقط بالآباء والأجداد وكأن لسان حالهم يقول إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ، فهذه السلطة العلمانية تشعر أن قوتها قوة ذاتية فى أفرادها وليس فى كونها تعمل لله عز وجل ، بينما السلطة الإسلامية تشعر أن قوتها مستمدة من الله الخالق وليس من غيره من المخلوقات ، وإن شعرت السلطة العلمانية بضعف وذل تلجا إلى البشر الأقوياء فى نظرها ممن يعتزون بآباءهم مثلما تعتز هى بآباءها وقد تحارب من ينادون بإسلامية المنهج وإسلامية الطريق .

قد تلجأ السلطة الفلسطينية العلمانية إلى روسيا باعتبارها صديق قديم وتنسى أنهم لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة وتنسى أن روسيا لما واجهت مشكلة مثل مشكلة فلسطين مع إخوان الفلسطينين فى شمال الشيشان ، فما كان لها حل إلا القتل والإبادة ، فكيف ترجو منها تأييداً فى فلسطين ؟ ، وقد تلجأ تلك السلطة إلى بريطانيا وفرنسا وتنسى أن بريطانيا هى التى زرعت إسرائيل فى فلسطين بتأييد فرنسى كما سيأتى فى تاريخ فلسطين ، وتنسى أن طائرات بريطانيا مازالت تقصف إخوانهم فى العراق ، بل وقد تلجأ وفى سفه شديد إلى أمريكا مع علمهم أنها المؤيد الأول والدائم والمستمر لكل ما تفعله إسرائيل ، فإذا بهم يرسلون الرسائل إلى رؤساء أمريكا يطلبون منهم أن يوقفوا عنف إسرائيل ..!! ، سبحان الله ، بل والعجب العجاب قد يلجأوا إلى إسرائيل ذاتها بتنسيقات أمنية وترتيبات عجيبة يدفع ثمنها الإسلاميون أهل فلسطين ، وهكذا يبحثون عن عزتهم فى مناهج كثيرة وقوى متعددة ولن ينتصروا ماداموا ينطلقون من مبدأ عنصرى وهو العروبة . 

أيبتغون عندهم العزة ؟ فإن العزة لله جميعا ، ولو أنهم ذهبوا أحيانا إلى المنهج الإسلامى فإنه يكون على سبيل الاضطرار لا الرغبة ، فأحيانا يزورون باكستان أو إيران لعلها تفعل ما لم يفعله أبناء العمومة من العرب وهذا الاضطرار الغير مقصود لا يغنى عند الله شيئا .

إلى هؤلاء الذين يعتزون بعروبتهم بديلا عن إسلاميتهم أنقل إليكم قولا لعمر بن الخطاب رضى الله عنه وأرضاه وهو قول شهير ( نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة فى غيره أذلنا الله ) ، فإن كنتم تشعرون بذل فاعلموا أنكم قد ابتغيتم العزة فى غير موضعها ، فنصر المسلمين يا إخوة يُستمد من الله ولكي ينصرنا الله يجب أن ننصره ، قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) } سورة محمد .

ولكن كيف ننصر الله ؟ ننصره بتطبيق شرعه ، وبطاعة أوامره وباجتناب معاصيه وبالالتزام بطريق نبيه صلى الله عليه وسلم وبالبعد عن العنصرية والفرقة ، ولقد قرأت خبرا صحيفة أمريكية ، ولقد ظننته خبراً كيديا حتى تيقنت من بعض الفلسطينين ، فلقد أرسلت تهنئة أمريكية للسلطة فى فلسطين بإنشاء أكبر مصدر من مصادر الاقتصاد الفلسطينى هناك فيا ترى ما هو أكبر مصدر سيمد الدولة الفلسطينية الناشئة ؟ المصدر هو أكبر ناد للقمار فى الشرق الأوسط وهو فى أريحا ، ولما سُئلوا عن ذلك قالوا إن القمار محرم فى إسرائيل ولذلك أنشأناه فى أريحا ، فهم يريدون من اليهود أن يلعبوا القمار في أريحا ويأخذوا أموالهم ويصبح النادي المصدر الرئيسى للدخل الفلسطينى ، وهذا منهج علمانى بعيد تماما عن أسباب النصر الحقيقية للمسلمين .

أتعلمون أن معظم المطلوبين من قبل إسرائيل بتهمة أنهم يرهبون إسرائيل قد عاشوا شهوراً وسنوات فى سجون السلطة الفلسطينية فى فلسطين ، وهذا هو الخطر أن نلغي إسلامية القضية ونجعلها قضية عربية عنصرية فقط ، ولقد شاهدت ملصقاً يوزع فى المكتبات الإسلامية كُتب عليه " القدس عربية " ، فهذا اختزال لقضية فلسطين لتكون قضية القدس وأيضا ليست القدس إسلامية بل عربية ، فبهذا ضيعت الوجهة ، والأشد من هذا أنك عندما تنظر إلى هذا الملصق تجد أنه قد رُسم عليه قبة الصخرة وليس المسجد الأقصى ، وهذا تمييع تام للقضية وهدر كامل لأسباب القوة ، فإسرائيل كانت فى منتهى الذكاء حينما ضربت على هذا الوتر حين قامت ، فأطلقت على نفسها اسما قومياً عنصرياً ( إسرائيل ) وهو يعقوب عليه السلام ، وهو منهم ومن أمثالهم بريء ، وكأن كل الدولة تقوم على أكتاف إسرائيل – يعقوب - مع أن معظم اليهود فى إسرائيل ليسوا من أبناء يعقوب عليه السلام وليسوا من الأسباط ، بل هم من الذين دخلوا فى اليهودية فى أوروبا الشرقية وأفريقية بعد ذلك .

إن اليهود ثلاث طوائف ضخمة جدا ، ومنشؤوا دولة اليهود والذين يسيطرون على أعلى وأهم المناصب فيها حتى الآن هم من طائفة يهودية تسمى " إشكناز " أو " الإشكنازيم " أو " الإشكنازى " أو " الإشكنازيين " ، وهؤلاء فى اللغة العبرية تعنى الألماني لأنهم كانوا يعيشون الزمان الطويل يتكلمون لغة مكونة من خليط من العبرية والألمانية ، وعاشوا فى ألمانيا ، وشرق أوروبا ، وروسيا ، وهم جميعا من سلالات قبائل الخزر الوثنية الذين كانوا يسكنون فى تلك المناطق واعتنقوا اليهودية فى القرن العاشر الميلادى ، وهو ما يعنى حداثة يهوديتهم وأنهم لا يمنتون بصلة عرقية إلى بنى إسرائيل .

ويطلق على الإشكناز أحيانا اليهود الغربيون ، وهم يمثلون قرابة 80% من يهود العالم ، ومنهم معظم يهود الولايات المتحدة الأمريكية الذين هاجروا إليها خلال القرنين التاسع عشر والعشرين ، ومن هؤلاء خرج معظم زعماء حركة الصهيونية وقادة إسرائيل الآن .

أما الطائفة الثانية من اليهود فهم اليهود الشرقيين ويطلق عليهم اسم " السفرديم " أو " السفارد " وهم اليهود الذين عاشوا فترات طويلة فى بلاد المسلمين سواء فى الأندلس أو فى شمال إفريقيا أو فى مصر أو في تركيا أو إيران ، وهؤلاء يتكلمون إما العربية وإما لغة أخرى تعرف باسم الادينو وهي خليط بين العبرية والإسبانية ، ولذلك أطلق عليهم اسم السفرديين ، وسفردى بمعنى أسبانى ، وهؤلاء معظمهم من أبناء اليهود الذين شتتهم الرومان من فلسطين .

أما الطائفة الثالثة فهى يهود الفلاشاه وهي مشهورة وهم اليهود الذين يعيشون فى إفريقية وبالذات فى إثيوبيا .

إذاً ، فمعظم يهود العالم ليسوا من أبناء إسرائيل كما أن ليس كل أبناء إسرائيل ظلوا على يهوديتهم ، فكثيرا من أبناء إسرائيل دخلوا النصرانية على مدار عشرين قرنا سابقة ، وكثيرا أيضا دخلوا الإسلام على مدار الأربعة عشر قرنا السابقة ، وهؤلاء النصارى والمسلمين وإن كانوا من أبناء إسرائيل إلّا أن اليهود لا يدينون لهم بأى ولاء بل على العكس ، فإنهم يكنون إليهم كل الكراهية والبغض .

ترى ما الشيء الذي يمكن أن يجمع شتات اليهود من كل أنحاء العالم ؟ ، وما الشيء الذي يحكم كل العنصريات المختلفة مثل العنصرية الروسية ، والأوروبية ، والإفريقية ، والعتصرية التي من بنى إسرائيل ؟ ، إن هذا الشيء هو الديانة اليهودية وليس العنصرية الإسرائيلية  ، وهذا يعنى أن كلمة إسرائيل لا تمثل حقيقة الدولة ، والتسمية الصحيحة المناسبة لها هى " دولة اليهود " ، وهذه كانت التسمية التى طُرحت فى أروقة الأمم المتحدة قبل قيام إسرائيل Jewish state أو دولة اليهود .

ومع ذلك لما قامت إسرائيل فى سنة 1948 سمت نفسها إسرائيل أتدرون لماذا ؟ ، لأنها لو أطلقت على نفسها الدولة اليهودية ، لكان بالتبعية أن يُطلق على من حولها الدولة الإسلامية وهذا شىء بالغ الخطورة على إسرائيل ، لأنها لا تريد استثارة النوازع الدينية عند المسلمين ، ويصبح الإسلام فى مقابلة اليهودية ويفقه المسلمون المعركة كما فقهها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهم يعلمون مواطن القوة فى جيش المسلمين ، والمسلمون لا يعلمون مواطن القوة في جيشهم ، فاليهود يريدون أن يفهم المسلمون أن المعركة حرب بين عنصرين ، بين أبناء إسرائيل وبين أبناء يَعْرُب العربى ، فتصبح إسرائيل في مقابلة العرب ويصبح الصراع اسمه الصراع العربى الإسرائيلى وليس الصراع الإسلامى اليهودى ، وشتان .

إن اليهود قد قرأوا تاريخ المسلمين جيدا وعلموا أن لحظات الإنتفاضة الحقيقية والنصر المبين للمسلمين لا تكون إلا تحت راية الإسلام ، أما غيرها من الرايات فلا يتحقق تحتها أى نصر ، فقال اليهود فليحاربنا المسلمون تحت أى راية فسوف ننتصر عليهم ، فليحاربونا تحت راية العروبة , أو الاشتراكية , أو الرأس مالية ، أو الفلسطينية ، أو الفرعونية ، أو الفينيقية ، فالمهم ألا تكون الراية راية الإسلام ، وانظر إلى كلام بن جوريون - أول رئيس لإسرائيل إذ يقول ( نحن لا نخشى الاستراتيجيات ولا الثوريات ولا الديموقراطيات فى المنطقة ، نحن فقط نخشى الإسلام ، هذا المارد الذي نام طويلا وبدأ يتململ من جديد ) ، وشيمون بيريز فى مؤتمر إنتخابى كان يقول ( لا يمكن أبد أن يتحقق السلام فى المنطقة مادام الإسلام شاهراً سيفه ، ولن نطمن على مستقبلنا فى المنطقة حتى يغمد الإسلام سيفه ) ، وإن شاء الله سيخيب ظنه .

إذاً ، فالقتال تحت راية العروبة بدلا عن راية الإسلام شيء خطير جدا للأسباب التالية :

أولا : لأنه لا يهم من عاش فيها أولا والمهم متى فتحت .
ثانيا : لأننا لا يشرفنا الانتماء إلى كنعان العربى الوثني .
ثالثا : لأننا قد ننسى البلاد الإسلامية المحتلة وهى غير عربية .
رابعا : لأننا سنفقد الوحدة مع مليار مسلم غير عربى .
خامسا : وهو الأخطر على الإطلاق ، أننا سنفقد عنصر القوة الرئيسي ، وهو قوة العقيدة الإسلامية وتأييد رب العالمين .

ولعل سائل يسأل ويقول كون فلسطين عربية ألا يحدث أي تأثير ؟ .

أقول هناك فرق ولكن ليس بسبب العنصر والأرض ولكن بسبب اللغة اللغة العربية ، إنما العربية اللسان ، فمن تحدث العربية فهو عربى ولو كان أبواه من العجم ، ومن لم يتحدثها فهو ليس بعربى ولو كان أبواه قريشيين ، وهذا هو المحك الرئيسي ، فيجب أن نحث أولادنا وأنفسنا على تعلم اللغة العربية والإعتزاز بها لأنها لغة القرآن ومشرفة على غيرها من اللغات ، وهى لغة أهل الجنة ، أما الإعتزاز بالعنصر فهذا مرفوض تماما ، وطبعا الذى يتكلم اللغة العربية يستطيع أن يقرأ القرآن ، ويفهم القرآن ، ويستنبط من القرآن ، وكذلك مع حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكذلك مع كتب الفقه والتفسير والعقيدة وغيرها من الكتب ، وشتان بين اللغة الأصلية وبين التراجم .

هي مهمة عظيمة عليها المسلمون العرب ، فعليهم أن يفقهوا الدين ويصلوا به إلى غير العرب ، ويعلموهم اللغه العربية حتى يستمتعوا بالقرآن والحديث بأنفسهم ، وهو أيضا واجب هام جدا لغير العرب أن يتعلموا العربية ويتخذوها بديلا عن لغتهم ويربطوا أنفسهم بالكيان الإسلامى الكبير المجتمع على قرآن الله سبحانه وتعالى وعلى حديث رسوله الكريم ، فبهذه اللغة يفهمون دستور حياتهم ويفهمون سبيل حياتهم وأهل فلسطين جميعا يتكلمون العربية ويقرأون القرآن ويفهمون الحديث ، وهذا يزيدهم شرفا إلى شرفهم وعزا إلى عزتهم لدينهم ولغتهم وليس لعنصرهم وأصلهم .

كان هذا الاختيار الرابع وقد فندناه ، فنحن لا نحرر فلسطين لكونها عربية بل لكونها إسلامية .


هذه المقالة تكاد تكون منقولة بالنص من درس للدكتور راغب السرجاني

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مركز تحميل الصور الاسلامية

تحدي بين مدرس يهودي وطالب مسلم

su-34

أركان الإسلام

a7dathalnihaya