الخميس، 18 أغسطس 2011
القزم العلماني على كتف العملاق الإسلامي
هناك مثل شهير عند الألمان يقول : من أطول من العملاق ؟ الجواب : القزم إذا وقف على كتفيه .
وهذا المثل هو أصدق وصف لواقع الأحداث المتوترة في مصر الآن !
العلمانية نبت غريب على البلاد الإسلامية ، والشعوب العربية ، فهي منتج ثقافي ولد في بيئة غربية ، وفي أوضاع ثقافية وحضارية واجتماعية خاصة ، لا ينفك عن تلك البيئة وتلك الظروف ، لذلك دائما ما كان أتباع العلمانية في بلاد الإسلام شرذمة قليلين ، ليس لهم شعبية ولا قيمة إلا بالسير في ركاب الكبار ، فساروا في ركاب الاحتلال الأوروبي أولا ، ثم في ركاب الحكومات المستبدة ثانيا ، فالعلمانيون في كل بلاد الإسلام عبارة عن مجموعة الأقزام ، لم يكن ليرى مكانهم ويسمع صوتهم إلا بالركوب على أكتاف العمالقة ، لذلك فهم يحاولون اليوم الركوب على كتف العملاق الجديد ـ التيارات الإسلامية ـ .
الثورة المصرية وورطة ال CIA
ـ في نظر كثير من المحللين والمراقبين تعتبر الثورة المصرية هي الأهم والأخطر والأكثر تأثيرا على الصعيدين الإقليمي والدولي ، بل نستطيع أن نقول بكل حيادية وأمانة تقييم أن الثورة المصرية بصدد تغير خريطة التوازنات السياسية العالمية ، وان المجتمع الدولي بدوائره العربية والإسلامية والغربية ، يترقب ما تسفر عنه التجربة المصرية بعد الثورة ، هذه الأهمية هي التي جعلت مصر اليوم في بؤرة الاهتمام العالمي .
ـ مصر رغم النكسات العنيفة التي تعرضت لها خلال فترة حكم مبارك الطاغية ، والتي أفقدتها معظم زخمها الإقليمي و الدولي ، وحولتها من قيادة تاريخية ودينية وسياسية وجغرافية ، إلى قزم مذعور حبيس حدوده ، ورهين إملاءات أمريكا وإسرائيل ، مصر رغم هذه النكسات السابقة إلا إنها قد استطاعت أن تستعيد عافيتها بسرعة كبيرة ، بعد أن تخلصت من دائها ونفت خبثها ـ مبارك ونظامه الفاسد .
ـ أمريكا والمعسكر الغربي صدمتهم ما آلت إليه الأمور في مصر ، وما وصلت إليه أحداث التطورات السياسية والميدانية فيها ، فأمريكا والغرب قد ضغطا على نظام مبارك بشدة من أجل الرحيل ظنا منهم أن البديل سيكون علمانيا محضا ، وذلك بعد أن قرأت الأحداث خطئا ، وطاشت تقديرات وحسابات كبار المحللين السياسيين والمخططين الاستراتيجيين في البنتاجون والCIA، وهي الحسابات والتي جزمت باستيلاء العلمانيين والليبراليين على دفة الأمور في مصر ، لذلك كان الضغط العنيف على نظام مبارك من أجل الرحيل بعد أن انتهت مهمته وأصبحت تكلفة بقائه باهظة ، ولكن دوائر صنع القرار في المعسكر الغربي فوجئت بالحجم الكبير للتيارات الإسلامية ، والتأثير القوي لهذه التيارات والثقل الشعبي والسياسي والتنظيمي لهذه التيارات على الرغم من عهود القهر والكبت والتنكيل منذ ثورة 52 حتى سقوط نظام مبارك .
ـ هذا التأثير الكبير بان حجمه على الحقيقة في نتيجة الاستفتاءات على التعديلات الدستورية ، والاكتساح الكبير لمعسكر ( نعم ) المؤيد من قبل الإسلاميين ، في مقابل النسبة الهزيلة لمعسكر ( لا ) والمؤيد من قبل التيارات العلمانية والليبرالية ، ومنذ ظهور هذه النتائج الصادمة والمعسكر الغربي وعلى رأسه أمريكا في حالة ذهول واستنفار من أجل تدارك الأوضاع في مصر ووقف مالآت الأمور في مصر إذا عقدت الانتخابات في وقتها ، والتي كانت لاشك ستقود إلي مجالس نيابية وتشريعية وتنفيذية يغلب عليها التيار الإسلامي ، وهو ما سيؤدي حتما لتغيير كبير في منظومة التوازنات السياسية ، وسيفرض استراتيجيات جديدة في التعامل والتعاطي مع مستجدات الواقع العربي والإقليمي ، ومن ثم كان التحرك والدعم المالي واللوجستي للقوى العلمانية والليبرالية من أجل تصعيد الأوضاع داخل مصر قدر المستطاع لضمان استمرار الحكم العلماني .
القزم العلماني والمدد الأمريكاني
ـ العلمانيون تلقوا مساعدات مادية ومعنوية ضخمة من المعسكر الغربي بشقيه الأمريكي والأوروبي ، كما كشفت عن ذلك مصادر مطلعة وموثوق فيها داخل المخابرات العسكرية والأمن الوطني ، ولا يظن البعض أنه من قبيل تلفيق أمن الدولة البائد ، ولكنها تحريات ومصادر دقيقة ، وقد بلغت قيمة المساعدات الأمريكية لدعم الديمقراطية في مصر كما صرحت بذلك السفيرة الأمريكية في مصر أربعين مليون دولار ، ناهيك عن السفريات المكوكية لأفراد حركة 6أبريل وكفاية وجبهة التغيير وشباب عشرات الائتلافات المريبة التي تم تشكيلها بصورة سريعة وغريبة حتى بلغت 730 ائتلاف حتى الآن ، إلى أمريكا وأوروبا ، ولقاءات دورية مع الخبراء والمتخصصين والساسة الأمريكان ، من أجل تدريبهم على اختراق
المجتمعات ونشر المفاهيم والانقلاب الدستوري أو الميداني إن لزم الأمر ، ومن ثم بدأت حالة من التجاذب والاستقطاب السياسي في الشارع المصري بين المعسكرين الإسلامي و العلماني ، تمثل في محاولات تأجيل الانتخابات ، ثم دعوى الدستور أولا ، ثم الوثيقة الدستورية ، ثم المبادئ الحاكمة أو فوق دستورية ، وغيرها من مفردات وأبجديات الالتفاف على الإرادة الشعبية والردة الدستورية أو ما يعرف بالانقلاب الدستوري ، وهكذا من اجل تحجيم أو تأجيل النصر الإسلامي المتوقع .
ـ وبعد مرور أكثر من ستة أشهر على نجاح الثورة المصرية ، ومرور أربعة أشهر على نتيجة الاستفتاءات ، لم يستطع المعسكر العلماني أن يحقق نجاحات تذكر في وقف النفوذ الإسلامي و اتساع دائرة تأثيره ، وقد بدا أولي ثمار ذلك في انتخابات نقابة الصيادلة التي اكتسحها التيار الإسلامي اكتساحا شاملا ، ومن ثم قررت التيارات العلمانية الوصول لمرحلة الانقلاب الميداني ، وذلك باستخدام بعض المطالب المشروعة مثل القصاص من القتلة ومحاكمة آل مبارك ، وتطهير أجهزة الدولة من بقايا أتباع النظام البائد ، في القيام بالانقلاب على المجلس العسكري وتصعيد الهجوم عليه بلا داعي ، وتوتير الأوضاع داخل مصر ، تصعيد حالة التهديد بقطع الطرق والموانئ وحتى قناة السويس ، والعصيان المدني الواسع لتدخل البلاد دوامة العنف من جديد ، ليس من أجل استلال المزيد من المكاسب والتنازلات من المجلس العسكري ، مثل تأجيل الانتخابات أو إقرار المبادئ فوق الدستورية ، ولكن من أجل التمهيد لأوضاع استثنائية عرفية تصادر معها التجربة الديمقراطية الوليدة التي كانت ستقود حتما لتيار إسلامي حاكم أو مسيطر على السلطات التشريعية والنيابية و التنفيذية .
ـ ولكن كل هذه الخطوات التصعيدية قد ذهبت أدراج الرياح بسبب الموقف الشعبي الرافض لهذا العبث العلماني والليبرالي الذي يقوم به شباب 6 أبريل وحركة كفاية ، خاصة بعد أن انكشفت حقيقة تمويلهم وتدريبهم والدور الخارجي لنشأتهم ، والهجوم الشرس الذي شنه اللواء الرويني على الحركة مدعوما بالوثائق والأدلة المخابراتية ، ولكن بقي موقف المبادئ فوق الدستورية والذي انتبه له الإسلاميون فقرروا أن ينزلوا الميدان ليعبروا بصمت وأدب وحضارة ورقي عن موقفهم الرافض لهذه المبادئ التي تمثل التفافا على اختيار الشعب ، ودفاعا عن الإرادة الشعبية والهوية الحقيقية للشعب المصري الذي اختار الإسلام ويرفض دستورا غيره .
مخططات الأقزام
ـ العلمانيون وقعوا في مأزق كبير ، فهم الذين قد اختاروا التحرير ليعبروا عن آرائهم وأفكارهم ويحشدوا الجماهير حولهم ، فإذا بالتحرير يفضحهم ويكشف عوارهم وحجمهم الحقيقي ، وإذا بمليونيتهم بمثابة "الميني مليونية" لا يتجاوز شهودها العشرة أو العشرين ألفا ، وإذ بمليونية الإسلاميين يقدر العدد المتوقع للمشاركين فيها من خمسة إلى سبعة مليون في نكسة وضربة قاصمة لجهود العلمانيين والليبراليين الرامية لفرض القيم والمناهج والدساتير العلمانية على البلاد ، ومن ثم كانت فكرة القزم الواثب على كتف العملاق ، بالاشتراك في جمعة الهوية يوم 29 يوليو ، حتى لا يتركوا الساحة خالية للتيار الإسلامي يستحوذ أكثر مما هو مستحوذ بالفعل على المشهد السياسي ، ومن أجل ركوب المليونية والحيد بأهدافها الحقيقية وهي رفض المبادئ فوق دستورية ، لمطالب أخرى كثيرة معروفة ومجمع عليها ولا حاجة لعقد مليونية أصلا من أجلها لإجماع القوى الشعبية عليها ، فهذا أحد أقطاب ومنظري العلمانية والليبرالية في مصر الآن دكتور عمرو حمزاوي يقول يوم الأربعاء في عموده اليومي بجريدة الشروق معروفة الميول والتمويل : " أستطيع أن أؤكد اليوم أن المشاركة في الجمعة القادمة ستكون مشاركة جماعية تنطلق من مطالب توافقية لا اختلاف عليها، تبدأ من حقوق أسر الشهداء والتوقف عن إحالة مدنيين إلى القضاء العسكري والتحقيق الفوري والعلني في أحداث العنف التي شهدتها مصر خلال الأيام الماضية وتتضمن تحقيق العدالة الاجتماعية وتطهير أجهزة الدولة من أركان نظام الاستبداد السابق ومحاكمة من أفسد الحياة السياسية ومارس القمع والتعذيب وانتهاك حقوق الإنسان. المطالب هذه هي التعبير الصريح والواضح عن الإرادة الشعبية التي تريد بناء دولة الديمقراطية وسيادة القانون والعدالة " وانظر إلى هذا الإغفال الواضح لمطالب الإسلاميين في رفض المبادئ فوق دستورية والتي دعي للمليونية في الأساس من أجلها .
ـ وقد انتبه بعض قادة التيار الإسلامي لمخطط القزم العلماني بركوب كتف العملاق الإسلامي ، فقام بالتأكيد على أهداف المليونية والتحذير من تجاهلها ، فقد أكد الدكتور محمد يسرى الأمين العام للهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح أن ائتلاف القوى الإسلامية الذي دعا لمليونية الجمعة القادمة متمسك بإعلان رفضه لوثيقة المبادئ "الحاكمة" للدستور كمطلب رئيسي للمليونية. وقال في أول تعليق له على المطالب التوافقية التي أعلنتها جبهة الإرادة الشعبية، أحد التجمعات الشبابية السلفية- مع ائتلاف شباب الثورة: الذي دعانا للنزول هو رفض محاولة فرض مبادئ فوق دستورية، ومن يريد أن يتوحد معنا نرحب به "و أكد يسرى رفضه لما وصفه بمحاولات تضييع هوية المليونية والالتفاف عليها وقال: "القوى الإسلامية هي التي دعت إلى هذه المليونية وبالتالي نرفض أي محاولة لتضييع هويتها".
ـ ورغم هذا الانتباه الإسلامي لهذه المخططات العلمانية للوثوب على المليونية ، فثمة دجل إعلامي متعمد في القضية بإظهار أن الإسلاميين قد تخلوا عن مطلب رفض المبادئ فوق الدستورية ، من باب التوافق على المطالب الوطنية ، مع الترويج لحملة مخاوف من صدامات وأعمال شغب ومعارك جانبية ، لتمهيد الأجواء لعمل ما كبير يقع حال إصرار التيارات الإسلامية على تنفيذ مطالبهم ، خاصة بعد التهديد بالاعتصام إذا ما رفضت الاستجابة لمطالبهم المشروعة ، وهو ما سيكون له أثر كبير سيدفع المجلس العسكري للقبول والتأجيل لهذه البدعة الدستورية ، وعندما ستنفد كل حيل العلمانيين والليبراليين وألاعيبهم من أجل وقف التيارات الإسلامية ، وهذا ما سيقود من وجهة نظر الكثيرين لصدام لا يدرى عواقبه ، لذلك كان الحذر واجبا واليقظة حتمية حتى لا تنجر البلاد لمزيد من سفك الدماء .
وأخيرا أقول للقزم العلماني في بلاد مصر: أنكم مهما فعلتم ليعلو شأنهم ، وتروج بضاعتكم فإن الشعوب ترفضكم ، ولو أجلت الانتخابات لعشرات السنين ، لن يكون لكم موطأ قدم إلا بمواطأة الأسودين : الاحتلال الخارجي أو الديكتاتور الداخلي ، ولكن القزم مهما ركب على أكتاب الكبار سيظل أبد الدهر قزم.
وهذا المثل هو أصدق وصف لواقع الأحداث المتوترة في مصر الآن !
العلمانية نبت غريب على البلاد الإسلامية ، والشعوب العربية ، فهي منتج ثقافي ولد في بيئة غربية ، وفي أوضاع ثقافية وحضارية واجتماعية خاصة ، لا ينفك عن تلك البيئة وتلك الظروف ، لذلك دائما ما كان أتباع العلمانية في بلاد الإسلام شرذمة قليلين ، ليس لهم شعبية ولا قيمة إلا بالسير في ركاب الكبار ، فساروا في ركاب الاحتلال الأوروبي أولا ، ثم في ركاب الحكومات المستبدة ثانيا ، فالعلمانيون في كل بلاد الإسلام عبارة عن مجموعة الأقزام ، لم يكن ليرى مكانهم ويسمع صوتهم إلا بالركوب على أكتاف العمالقة ، لذلك فهم يحاولون اليوم الركوب على كتف العملاق الجديد ـ التيارات الإسلامية ـ .
الثورة المصرية وورطة ال CIA
ـ في نظر كثير من المحللين والمراقبين تعتبر الثورة المصرية هي الأهم والأخطر والأكثر تأثيرا على الصعيدين الإقليمي والدولي ، بل نستطيع أن نقول بكل حيادية وأمانة تقييم أن الثورة المصرية بصدد تغير خريطة التوازنات السياسية العالمية ، وان المجتمع الدولي بدوائره العربية والإسلامية والغربية ، يترقب ما تسفر عنه التجربة المصرية بعد الثورة ، هذه الأهمية هي التي جعلت مصر اليوم في بؤرة الاهتمام العالمي .
ـ مصر رغم النكسات العنيفة التي تعرضت لها خلال فترة حكم مبارك الطاغية ، والتي أفقدتها معظم زخمها الإقليمي و الدولي ، وحولتها من قيادة تاريخية ودينية وسياسية وجغرافية ، إلى قزم مذعور حبيس حدوده ، ورهين إملاءات أمريكا وإسرائيل ، مصر رغم هذه النكسات السابقة إلا إنها قد استطاعت أن تستعيد عافيتها بسرعة كبيرة ، بعد أن تخلصت من دائها ونفت خبثها ـ مبارك ونظامه الفاسد .
ـ أمريكا والمعسكر الغربي صدمتهم ما آلت إليه الأمور في مصر ، وما وصلت إليه أحداث التطورات السياسية والميدانية فيها ، فأمريكا والغرب قد ضغطا على نظام مبارك بشدة من أجل الرحيل ظنا منهم أن البديل سيكون علمانيا محضا ، وذلك بعد أن قرأت الأحداث خطئا ، وطاشت تقديرات وحسابات كبار المحللين السياسيين والمخططين الاستراتيجيين في البنتاجون والCIA، وهي الحسابات والتي جزمت باستيلاء العلمانيين والليبراليين على دفة الأمور في مصر ، لذلك كان الضغط العنيف على نظام مبارك من أجل الرحيل بعد أن انتهت مهمته وأصبحت تكلفة بقائه باهظة ، ولكن دوائر صنع القرار في المعسكر الغربي فوجئت بالحجم الكبير للتيارات الإسلامية ، والتأثير القوي لهذه التيارات والثقل الشعبي والسياسي والتنظيمي لهذه التيارات على الرغم من عهود القهر والكبت والتنكيل منذ ثورة 52 حتى سقوط نظام مبارك .
ـ هذا التأثير الكبير بان حجمه على الحقيقة في نتيجة الاستفتاءات على التعديلات الدستورية ، والاكتساح الكبير لمعسكر ( نعم ) المؤيد من قبل الإسلاميين ، في مقابل النسبة الهزيلة لمعسكر ( لا ) والمؤيد من قبل التيارات العلمانية والليبرالية ، ومنذ ظهور هذه النتائج الصادمة والمعسكر الغربي وعلى رأسه أمريكا في حالة ذهول واستنفار من أجل تدارك الأوضاع في مصر ووقف مالآت الأمور في مصر إذا عقدت الانتخابات في وقتها ، والتي كانت لاشك ستقود إلي مجالس نيابية وتشريعية وتنفيذية يغلب عليها التيار الإسلامي ، وهو ما سيؤدي حتما لتغيير كبير في منظومة التوازنات السياسية ، وسيفرض استراتيجيات جديدة في التعامل والتعاطي مع مستجدات الواقع العربي والإقليمي ، ومن ثم كان التحرك والدعم المالي واللوجستي للقوى العلمانية والليبرالية من أجل تصعيد الأوضاع داخل مصر قدر المستطاع لضمان استمرار الحكم العلماني .
القزم العلماني والمدد الأمريكاني
ـ العلمانيون تلقوا مساعدات مادية ومعنوية ضخمة من المعسكر الغربي بشقيه الأمريكي والأوروبي ، كما كشفت عن ذلك مصادر مطلعة وموثوق فيها داخل المخابرات العسكرية والأمن الوطني ، ولا يظن البعض أنه من قبيل تلفيق أمن الدولة البائد ، ولكنها تحريات ومصادر دقيقة ، وقد بلغت قيمة المساعدات الأمريكية لدعم الديمقراطية في مصر كما صرحت بذلك السفيرة الأمريكية في مصر أربعين مليون دولار ، ناهيك عن السفريات المكوكية لأفراد حركة 6أبريل وكفاية وجبهة التغيير وشباب عشرات الائتلافات المريبة التي تم تشكيلها بصورة سريعة وغريبة حتى بلغت 730 ائتلاف حتى الآن ، إلى أمريكا وأوروبا ، ولقاءات دورية مع الخبراء والمتخصصين والساسة الأمريكان ، من أجل تدريبهم على اختراق
المجتمعات ونشر المفاهيم والانقلاب الدستوري أو الميداني إن لزم الأمر ، ومن ثم بدأت حالة من التجاذب والاستقطاب السياسي في الشارع المصري بين المعسكرين الإسلامي و العلماني ، تمثل في محاولات تأجيل الانتخابات ، ثم دعوى الدستور أولا ، ثم الوثيقة الدستورية ، ثم المبادئ الحاكمة أو فوق دستورية ، وغيرها من مفردات وأبجديات الالتفاف على الإرادة الشعبية والردة الدستورية أو ما يعرف بالانقلاب الدستوري ، وهكذا من اجل تحجيم أو تأجيل النصر الإسلامي المتوقع .
ـ وبعد مرور أكثر من ستة أشهر على نجاح الثورة المصرية ، ومرور أربعة أشهر على نتيجة الاستفتاءات ، لم يستطع المعسكر العلماني أن يحقق نجاحات تذكر في وقف النفوذ الإسلامي و اتساع دائرة تأثيره ، وقد بدا أولي ثمار ذلك في انتخابات نقابة الصيادلة التي اكتسحها التيار الإسلامي اكتساحا شاملا ، ومن ثم قررت التيارات العلمانية الوصول لمرحلة الانقلاب الميداني ، وذلك باستخدام بعض المطالب المشروعة مثل القصاص من القتلة ومحاكمة آل مبارك ، وتطهير أجهزة الدولة من بقايا أتباع النظام البائد ، في القيام بالانقلاب على المجلس العسكري وتصعيد الهجوم عليه بلا داعي ، وتوتير الأوضاع داخل مصر ، تصعيد حالة التهديد بقطع الطرق والموانئ وحتى قناة السويس ، والعصيان المدني الواسع لتدخل البلاد دوامة العنف من جديد ، ليس من أجل استلال المزيد من المكاسب والتنازلات من المجلس العسكري ، مثل تأجيل الانتخابات أو إقرار المبادئ فوق الدستورية ، ولكن من أجل التمهيد لأوضاع استثنائية عرفية تصادر معها التجربة الديمقراطية الوليدة التي كانت ستقود حتما لتيار إسلامي حاكم أو مسيطر على السلطات التشريعية والنيابية و التنفيذية .
ـ ولكن كل هذه الخطوات التصعيدية قد ذهبت أدراج الرياح بسبب الموقف الشعبي الرافض لهذا العبث العلماني والليبرالي الذي يقوم به شباب 6 أبريل وحركة كفاية ، خاصة بعد أن انكشفت حقيقة تمويلهم وتدريبهم والدور الخارجي لنشأتهم ، والهجوم الشرس الذي شنه اللواء الرويني على الحركة مدعوما بالوثائق والأدلة المخابراتية ، ولكن بقي موقف المبادئ فوق الدستورية والذي انتبه له الإسلاميون فقرروا أن ينزلوا الميدان ليعبروا بصمت وأدب وحضارة ورقي عن موقفهم الرافض لهذه المبادئ التي تمثل التفافا على اختيار الشعب ، ودفاعا عن الإرادة الشعبية والهوية الحقيقية للشعب المصري الذي اختار الإسلام ويرفض دستورا غيره .
مخططات الأقزام
ـ العلمانيون وقعوا في مأزق كبير ، فهم الذين قد اختاروا التحرير ليعبروا عن آرائهم وأفكارهم ويحشدوا الجماهير حولهم ، فإذا بالتحرير يفضحهم ويكشف عوارهم وحجمهم الحقيقي ، وإذا بمليونيتهم بمثابة "الميني مليونية" لا يتجاوز شهودها العشرة أو العشرين ألفا ، وإذ بمليونية الإسلاميين يقدر العدد المتوقع للمشاركين فيها من خمسة إلى سبعة مليون في نكسة وضربة قاصمة لجهود العلمانيين والليبراليين الرامية لفرض القيم والمناهج والدساتير العلمانية على البلاد ، ومن ثم كانت فكرة القزم الواثب على كتف العملاق ، بالاشتراك في جمعة الهوية يوم 29 يوليو ، حتى لا يتركوا الساحة خالية للتيار الإسلامي يستحوذ أكثر مما هو مستحوذ بالفعل على المشهد السياسي ، ومن أجل ركوب المليونية والحيد بأهدافها الحقيقية وهي رفض المبادئ فوق دستورية ، لمطالب أخرى كثيرة معروفة ومجمع عليها ولا حاجة لعقد مليونية أصلا من أجلها لإجماع القوى الشعبية عليها ، فهذا أحد أقطاب ومنظري العلمانية والليبرالية في مصر الآن دكتور عمرو حمزاوي يقول يوم الأربعاء في عموده اليومي بجريدة الشروق معروفة الميول والتمويل : " أستطيع أن أؤكد اليوم أن المشاركة في الجمعة القادمة ستكون مشاركة جماعية تنطلق من مطالب توافقية لا اختلاف عليها، تبدأ من حقوق أسر الشهداء والتوقف عن إحالة مدنيين إلى القضاء العسكري والتحقيق الفوري والعلني في أحداث العنف التي شهدتها مصر خلال الأيام الماضية وتتضمن تحقيق العدالة الاجتماعية وتطهير أجهزة الدولة من أركان نظام الاستبداد السابق ومحاكمة من أفسد الحياة السياسية ومارس القمع والتعذيب وانتهاك حقوق الإنسان. المطالب هذه هي التعبير الصريح والواضح عن الإرادة الشعبية التي تريد بناء دولة الديمقراطية وسيادة القانون والعدالة " وانظر إلى هذا الإغفال الواضح لمطالب الإسلاميين في رفض المبادئ فوق دستورية والتي دعي للمليونية في الأساس من أجلها .
ـ وقد انتبه بعض قادة التيار الإسلامي لمخطط القزم العلماني بركوب كتف العملاق الإسلامي ، فقام بالتأكيد على أهداف المليونية والتحذير من تجاهلها ، فقد أكد الدكتور محمد يسرى الأمين العام للهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح أن ائتلاف القوى الإسلامية الذي دعا لمليونية الجمعة القادمة متمسك بإعلان رفضه لوثيقة المبادئ "الحاكمة" للدستور كمطلب رئيسي للمليونية. وقال في أول تعليق له على المطالب التوافقية التي أعلنتها جبهة الإرادة الشعبية، أحد التجمعات الشبابية السلفية- مع ائتلاف شباب الثورة: الذي دعانا للنزول هو رفض محاولة فرض مبادئ فوق دستورية، ومن يريد أن يتوحد معنا نرحب به "و أكد يسرى رفضه لما وصفه بمحاولات تضييع هوية المليونية والالتفاف عليها وقال: "القوى الإسلامية هي التي دعت إلى هذه المليونية وبالتالي نرفض أي محاولة لتضييع هويتها".
ـ ورغم هذا الانتباه الإسلامي لهذه المخططات العلمانية للوثوب على المليونية ، فثمة دجل إعلامي متعمد في القضية بإظهار أن الإسلاميين قد تخلوا عن مطلب رفض المبادئ فوق الدستورية ، من باب التوافق على المطالب الوطنية ، مع الترويج لحملة مخاوف من صدامات وأعمال شغب ومعارك جانبية ، لتمهيد الأجواء لعمل ما كبير يقع حال إصرار التيارات الإسلامية على تنفيذ مطالبهم ، خاصة بعد التهديد بالاعتصام إذا ما رفضت الاستجابة لمطالبهم المشروعة ، وهو ما سيكون له أثر كبير سيدفع المجلس العسكري للقبول والتأجيل لهذه البدعة الدستورية ، وعندما ستنفد كل حيل العلمانيين والليبراليين وألاعيبهم من أجل وقف التيارات الإسلامية ، وهذا ما سيقود من وجهة نظر الكثيرين لصدام لا يدرى عواقبه ، لذلك كان الحذر واجبا واليقظة حتمية حتى لا تنجر البلاد لمزيد من سفك الدماء .
وأخيرا أقول للقزم العلماني في بلاد مصر: أنكم مهما فعلتم ليعلو شأنهم ، وتروج بضاعتكم فإن الشعوب ترفضكم ، ولو أجلت الانتخابات لعشرات السنين ، لن يكون لكم موطأ قدم إلا بمواطأة الأسودين : الاحتلال الخارجي أو الديكتاتور الداخلي ، ولكن القزم مهما ركب على أكتاب الكبار سيظل أبد الدهر قزم.
الخميس 28 يوليو 2011 م
بقلم: شريف عبد العزيز الزهيري
shabdaziz@hotmail.com
: شريف عبد العزيز الزهيري - موقع مفكرة الإسلام
الفرق بين التقية الشرعية والتقية الشيعية
{لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}...
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فيظنُّ بعض المسلمين أنَّ التقيَّة خاصة بالشِّيعة الإمامية الاثْنَي عشرية، ولا يعلمون أنَّ التقيَّة مِن الأحكام الشرعية الثابتة في كتاب الله تعالى وفي سُنَّة رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم وتعامل بِها السَّلَف رحمهم الله تعالى ولكن السؤال: هل هذه التقيَّة الشرعية هي نفسها التقية الشِّيعية؟
للجواب عن هذا السُّؤال لا بدَّ من بيان الفروق بين التقيَّة الشَّرعية والتقية الشِّيعية؛ حتَّى يتبيَّن ما إذا كان هناك تشابه، وأعني بالتقية الشرعية هنا التي جاءت في كتاب الله تعالى وسُنَّة رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم ووَفْق ضوابط الشَّرع وقواعدِه، أما التقية الشِّيعية فهي كما جاء تفصيلها في كتب القوم التي يعتمدون عليها، ويعملون بِمُقتضاها، وقد قُمت بنقل الأقوال من مصادرها؛ تحرِّيًا للمصداقيَّة.
ولا بدَّ من الإشارة ابتداءً أنَّ الأصل في التقيَّة هو قوله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ } [آل عمران: 28].
قال البغويُّ: "معنى الآية: أنَّ الله تعالى نَهى المؤمنين عن مُوالاة الكفار ومداهنتهم ومُباطنتهم، إلاَّ أنْ يكون الكُفَّار غالبين ظاهرين، أو يكون المؤمن في قوم كُفَّار يخافهم، فيُداريهم باللِّسان وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان؛ دفعًا عن نفسه، من غير أن يستحِلَّ دمًا حرامًا، أو مالاً حرامًا، أو يُظْهِر الكفار على عورة المسلمين، والتقيَّة لا تكون إلا مع خوف القتل وسلامة النيَّة"[1].
والآن مع بيان الفروق بين التقيَّة الشرعية والتقية الشيعية:
الفرق الأول: التقية الشرعية من فروع الدِّين، لا من الأصول:
التقية الشرعية: إنما هي من مسائل الفروع لا الأصول، ولا بأس إذا ترَكها المسلم ولم يأخُذ بها.
أما التقية الشيعية: فهي من أصول الدِّين، ومن لوازم الاعتقاد، بل لا دين ولا إيمان لمن لا تقيَّة له!
قال جعفرٌ الصَّادق -كما يزعمون-: "إنَّ تسعة أعشار الدِّين في التقيَّة، ولا دين لمن لا تقيَّة له"[2].
وينسبون إلى الصَّادق كذلك أنه قال: "التقيَّة ديني ودين آبائي، ولا إيمان لمن لا تقيَّة له"[3].
وعن الصادق أيضًا: "لو قلت: إنَّ تارك التقيَّة كتارك الصلاة، لكنت صادقًا"[4].
قال عليُّ بن موسى الرِّضا -كما يزعمون-: "لا إيمان لمن لا تقيَّة له، وإنَّ أكرمكم عند الله أعمَلُكم بالتقيَّة، فقيل له: يا ابن رسول الله، إلى متى؟ قال: إلى يوم الوقت المعلوم، وهو يوم خروج قائمِنا، فمَن ترك التقيَّة قبل خروج قائمنا فليس منَّا"[5].
الفرق الثانِي: التقية الشرعية إنما تستخدم مع الكفَّار لا مع المؤمنين:
التقية الشرعية: تكون غالبًا مع الكفَّار، كما هو ظاهر قول الله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: 28]، فالآية جاءت في سياق الحديث عن الكفَّار، قال ابن جرير: "التقيَّة التي ذكَرَها الله في هذه الآية إنَّما هي تقيَّة من الكفَّار، لا من غيرهم"[6].
وقال سعيد بن جبيرٍ: "ليس في الإسلام تَقِيَّة، إنما التَّقِيَّة لأهل الحرب"[7].
وقال الرازيُّ: "التقيَّة إنما تكون إذا كان الرجل في قومٍ كفَّار، ويخاف منهم على نفسه وماله، فيُداريهم باللِّسان؛ وذلك بأن لا يُظهر العداوة باللِّسان، بل يجوز أيضًا أن يظهر الكلام الموهم للمحبَّة والموالاة، ولكن بشرط أن يُضْمِر خلافه، وأن يُعرِّض في كلِّ ما يقول، فإنَّ التقيَّة تأثيرها في الظاهر لا في أحوال القلوب"[8].
أما التقية الشِّيعية: فهي مع أهل السُّنة خصوصًا، فقد بوَّب الحر العاملي بابًا في "وسائله" بعنوان: "باب وجوب عشرة العامَّة (أهل السُّنة) بالتقية"[9].
ونسبوا لأبي عبدالله أنه قال: "من صلَّى معهم -يعني أهل السُّنة- في الصفِّ الأول، فكأنَّما صلى مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في الصف الأول"[10].
والسبب في ذلك أنهم يرون أنَّ أهل السنة من جملة الكفَّار؛ لأنهم لم يؤمنوا بالأئمَّة الاثني عشر، قال ابن بابويه: "واعتقادُنا فيمن جحد إمامة أمير المؤمنين والأئمَّةِ من بعده أنه بِمَنْزلة مَن جحد نبوَّة الأنبياء، واعتقادنا فيمن أقرَّ بأمير المؤمنين وأنكر واحدًا من بعده من الأئمة أنه بمنْزِلة مَن آمن بجميع الأنبياء، ثم أنكر نبوَّة محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم-"[11].
ويقول الطوسي: "ودَفْع الإمامة كُفْر، كما أنَّ دفع النبوَّة كفر، لأنَّ الجهل بهما على حدّ واحد"[12].
الفرق الثالث: التقية الشرعية رخصة وليست عزيمة:
التقية الشرعية جاءت رخصةً وتخفيفًا على الأمة في بعض الأحوال الاستثنائيَّة الضرورية، ولا حرج لمن ترك هذه الرُّخصة وأخذ بالعزيمة، بل قال العلماء بأنَّ من أخذ بالعزيمة فتضرَّر، فإنَّ ذلك أفضل.
قال ابن بطَّال: "وأجمعوا على أنَّ من أُكره على الكفر، واختار القتل أنَّه أعظم أجرًا عند الله"[13].
وقال الرازيُّ: "لو أفصح بالإيمان والحقِّ حيث يجوز له التقيَّةُ، كان ذلك أفضل"[14].
قال أصحاب أبي حنيفة: التقيَّة رخصة من الله تعالى وتَرْكُها أفضل، فلو أُكْرِه على الكفر فلم يَفعل حتى قُتل، فهو أفضل ممن أظهر، وكذلك كل أمرٍ فيه إعزاز الدِّين فالإقدام عليه حتَّى يُقتل أفضل من الأخذ بالرُّخصة[15].
وعن الإمام أحمد أيَّام محنته في خَلْق القرآن أنه سُئل: إنْ عُرِضْتَ على السّيف تجيب؟ قال: لا، وقال: "إذا أجاب العالِمُ تقيَّةً، والجاهلُ يجهل، فمتى يتبيَّن الحقُّ؟"[16].
أما التقية الشيعيَّة: فهي عزيمة وواجبة، وليست اختيارًا بحيث يمكن تركُها، ولا فرق في استخدامها بين حالة الإكراه والاضطرار، وبين حالة السَّعة والاختيار.
قال ابن بابويه مِن أئمتهم: "والتقيَّةُ واجبة، لا يجوز رفعها إلى أن يَخْرج القائم، فمن تركها قبل خروجه، فقد خرج عن دين الله -تعالى- وعن دين الإماميَّة، وخالف الله ورسوله والأئمة"[17].
الفرق الرابع: التقية الشرعيَّة تُستخدم في حالة الضَّعف لا القوَّة:
التقية الشرعية: إنَّما يَلْجأ إليها في حالة الضَّعف لا في جَميع الأحوال، قال مُعاذ بن جبل ومجاهدٌ: "كانت التقيَّة في بَدْء الإسلام قبل استِحكام الدِّين وقوَّة المسلمين، وأمَّا اليوم فقد أعزَّ الله الإسلام، فليس ينبغي لأهل الإسلام أن يتَّقوا مِن عدوِّهم"[18].
أما التقية الشيعيَّة: فهي في جميع الأحوال، بلا استثناءٍ ولا تفريق بين حالة الضعف وحالة القوَّة، وينقلون عن الصَّادق أنه قال: "ليس مِنَّا مَن لم يجعلها شِعارَه ودِثَاره مع مَن يَأمنُه؛ ليكون سجيَّته مع من يَحْذرُه"[19].
الفرق الخامس: التقية الشرعية تكون باللسان لا بالأفعال:
التقية الشرعية: إنما تكون باللِّسان لا بالأفعال، قال ابن عباس رضي الله عنه: "ليس التقيَّة بالعمل؛ إنما التقية باللِّسان"، وكذا قال أبو العالية وأبو الشعثاء والضحَّاك والربيع بن أنس، ويؤيِّد ما قالوه قولُ الله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: 106][20].
وعن ابن عبَّاس في قوله تعالى: { إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: 28]، قال: التُّقاة التكلُّم باللِّسان والقلب مطمئنٌّ بالإيمان، ولا يبسط يدَه فيقتل، ولا إلى إثمٍ، فإنه لا عُذْر له[21].
وقال الحسن في الرَّجُل يُقال له: اسجُد لصنم وإلاَّ قتلناك، قال: إن كان الصنم مُقابل القبلة فليسجد؛ يجعل نيته لله، فإن كان إلى غير القبلة فلا وإن قتَلوه، قال ابن حبيب: وهذا قول حسَن، قال القاضي: وما يمنعه أن يجعل نيَّته لله وإن كان لغير قِبْلة، وفي كتاب الله: { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ } [البقرة: 115]، وفي الشَّرع إباحة التنفُّل للمسافر إلى غير القِبْلة[22].
أما التقية الشِّيعية، فهي باللِّسان وبالأفعال، وبكلِّ ما يمكن فعله، بل حتَّى عباداتهم يدخل فيها مبدأ التقيَّة كما هو معلوم، إلى درجة أنَّ تسعة أعشار دينهم في التقية -كما سبق نَقْلُه-.
الفرق السادس: التقية الشرعية لا يجوز أن تكون سجيَّة للمسلم في جميع أحواله:
التقية الشرعية -كما سبق- إنَّما هي استثناء ورُخصة، ولا يجوز أن تكون ديدنَ المسلم في جميع أحواله؛ يقول د. القفاري: "والتقيَّة في دين الإسلام دين الجهاد والدَّعوة، لا تُمثِّل نهجًا عامًّا في سلوك المسلم، ولا سِمَة من سمات المجتمع الإسلامي، بل هي -غالبًا- حالة فرديَّة مؤقَّتة، مقرونة بالاضطرار، مرتبطةٌ بالعجز عن الهِجْرة، وتزول بزوال حالة الإكراه"[23].
أما التقية الشيعية: فهي مُلازِمة لطبيعة الفرد الشِّيعي، ومستمِرَّة معه، فهو يستخدمها في جميع أحواله؛ ولذلك نجد مِنْ أثرها ظهورَ الكذب وانتشارَه عند أتباع المذهب الإماميِّ الاثني عشري، إلى درجة أنَّ أهل الحديث يَقْبلون رواية أهل البِدَع إجمالاً، ما عدا الشِّيعة الإمامية؛ لكثرة كذبهم.
سُئل مالِكٌ عن الرَّافضة، فقال: "لا تكلِّمْهم ولا تَرْوِ عنهم؛ فإنَّهم يَكْذبون"[24].
ويقول الشافعي: "لَم أرَ أحدًا أشهد بالزُّور من الرافضة"[25].
ويقول يزيد بن هارون: "يُكتَب عن كلِّ صاحب بدعة إذا لم يكن داعية، إلاَّ الرافضة؛ فإنهم يكذبون"[26].
وقال شريكٌ القاضي: "أحمل العلم عن كلِّ مَن لقيت إلاَّ الرافضة؛ فإنَّهم يضعون الحديث ويتَّخِذونه دينًا"، قال ابن تيميَّة تعليقاً: "وشَرِيك هذا هو شريك بن عبدالله القاضي، قاضي الكوفة، مِن أقران الثَّوري وأبي حنيفة، وهو من الشِّيعة الذي يقول بلسانه: أنا من الشِّيعة، وهذه شهادته فيهم"[27].
قال الإمام ابن تيميَّة: "وقد اتَّفق أهل العلم بالنقل والرِّواية والإسناد على أنَّ الرافضة أكذَبُ الطوائف، والكذب فيهم قديم، ولهذا كان أئمَّة الإسلام يَعْلمون امتيازهم بكثرة الكذب"؛ "منهاج السنة النبوية" لابن تيمية 1/ 26.
وقال في موضعٍ آخر: "وأمَّا الرافضة فأَصْل بدعتهم زندقة وإلحاد، وتعمُّد الكذب كثيرٌ فيهم، وهم يقرُّون بذلك؛ حيث يقولون: ديننا التقيَّة، وهو أن يقول أحدهم بلسانه خلافَ ما في قلبه، وهذا هو الكذب والنِّفاق، فهُم في ذلك كما قيل: رمَتْنِي بدائها وانسلت"[28].
الفرق السابع: التقية الشرعية ليست هي الوسيلة لإعزاز الدين:
لا يُفهم من التقية الشرعية أنَّها من أجل إعزاز الدِّين، وإنما إعزاز الدِّين يكون من خلال إظهاره على الملأ، وعدم كتمانه، كما قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [الفتح: 28].
أما التقية الشِّيعية: فهي من أجل إعزاز دينهم؛ فدين الشِّيعة -كم يعتقدون- لا يعزُّ إلا إذا كُتِم، يقول أبو عبدالله -كما يزعمون-: "إنَّكم على دينٍ مَن كتمه أعزَّه الله، ومن أذاعه أذلَّه الله"[29].
تبيَّن مما سبق أنَّ التقية الشرعيَّة تختلف تمامًا عن التقيَّة الشيعية؛ حيث إنَّ التقية الشرعية جاءت استثناءً في أحوال اضطراريَّة معيَّنة؛ كالإكراه، وأيضًا التقيَّة الشرعية إنَّما تُستخدم في معاملة الكفار، وليست مع المؤمنين، كما هو سياق الآية الكريمة في سورة آل عمران، وليست هي من أصول الدِّين بحيث يَكْفر تارِكُها، أو يَخرج من الملَّة.
أما التقية الشيعية، فهي من أصول الدِّين، ولا دين لمن لا تقية له، والتقية الشِّيعية تكون في جميع الأحوال من غير تفريقٍ بين أحوال السَّعة والاختيار، وبين أحوال الإكراه والاضطرار، والتقية عندهم مع أهل السُّنة والجماعة على وجه الخصوص.
والخلاصة أنه لا يجوز مُشابهة ما هو من الشرع بما هو من وَضْع الزَّنادقة، فلا يظهر فرقٌ بين التقية الشيعيَّة وبين الكذب والنفاق، بل التقية الشِّيعية هي عين الكذب والنِّفاق، ولا فرق.
وختامًا أسأل الله العليَّ القدير أن يَعْصمنا من الزَّلل، وأن يثبِّتنا على كتابه وسُنَّة رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.
د. باسم عامر
عضو رابطة علماء الشريعة بمجلس التعاون
________________________________________
[1] انظر: "تفسير البغوي" 2/ 26.
[2] انظر: "أصول الكافي" للكليني 2/ 217، "بحار الأنوار" للمجلسي 75/ 423.
[3] انظر: "أصول الكافي" للكليني، باب التقيَّة، 2/ 217، 219.
[4] انظر: "من لا يحضره الفقيه" لابن بابويه 2/ 80، "بحار الأنوار" للمجلسي 75/ 412، 414.
[5] انظر: "إكمال الدين" لابن بابويه ص 355، و"بحار الأنوار" للمجلسي 75/ 412.
[6] انظر: "تفسير الطبري" 6/ 316.
[7] انظر: "تفسير البغوي" 2/ 26.
[8] انظر: "تفسير الرازي" 4/ 170.
[9] انظر: "وسائل الشيعة" للحر العاملي 11/ 470.
[10] انظر: "بحار الأنوار"، باب التقية، 75/ 421.
[11] انظر: "الاعتقادات" لابن بابويه ص 111.
[12] انظر: "تلخيص الشافي" للطوسي 4/ 131.
[13] انظر: "فتح الباري" 12/ 317.
[14] انظر: "تفسير الرازي" 4/ 170.
[15] انظر: "تفسير البحر المحيط" لأبي حيان 3/ 191.
[16] انظر: "زاد المسير" لابن الجوزي 1/ 372.
[17] انظر في كتابه "الاعتقادات"، ص114، 115.
[18] انظر: "تفسير البغوي" 2/ 26.
[19] انظر: "وسائل الشيعة" 11/ 466، "بحار الأنوار" 75/ 395.
[20] انظر: "تفسير ابن كثير" 2/ 30.
[21] انظر: "الدر المنثور" للسيوطي 2/ 176.
[22] انظر: "المحرَّر الوجيز" لابن عطية 1/ 400.
[23] انظر: "أصول مذهب الشيعة" للقفاري 2/ 981.
[24] انظر: "لسان الميزان" لابن حجر 1/ 10.
[25] انظر: "سنن البيهقي" الكبرى 10/ 208.
[26] انظر: "ميزان الاعتدال في نقد الرجال" للذهبي 1/ 28.
[27] انظر: "لسان الميزان" للذهبي 1/ 10، و"منهاج السُّنة" لابن تيمية 1/ 26.
[28] انظر: "منهاج السنة النبوية" لابن تيمية 1/ 30.
[29] انظر: "أصول الكافي"، 1/ 222.
: د. باسم عامر - خاص بموقع طريق الإسلام
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فيظنُّ بعض المسلمين أنَّ التقيَّة خاصة بالشِّيعة الإمامية الاثْنَي عشرية، ولا يعلمون أنَّ التقيَّة مِن الأحكام الشرعية الثابتة في كتاب الله تعالى وفي سُنَّة رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم وتعامل بِها السَّلَف رحمهم الله تعالى ولكن السؤال: هل هذه التقيَّة الشرعية هي نفسها التقية الشِّيعية؟
للجواب عن هذا السُّؤال لا بدَّ من بيان الفروق بين التقيَّة الشَّرعية والتقية الشِّيعية؛ حتَّى يتبيَّن ما إذا كان هناك تشابه، وأعني بالتقية الشرعية هنا التي جاءت في كتاب الله تعالى وسُنَّة رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم ووَفْق ضوابط الشَّرع وقواعدِه، أما التقية الشِّيعية فهي كما جاء تفصيلها في كتب القوم التي يعتمدون عليها، ويعملون بِمُقتضاها، وقد قُمت بنقل الأقوال من مصادرها؛ تحرِّيًا للمصداقيَّة.
ولا بدَّ من الإشارة ابتداءً أنَّ الأصل في التقيَّة هو قوله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ } [آل عمران: 28].
قال البغويُّ: "معنى الآية: أنَّ الله تعالى نَهى المؤمنين عن مُوالاة الكفار ومداهنتهم ومُباطنتهم، إلاَّ أنْ يكون الكُفَّار غالبين ظاهرين، أو يكون المؤمن في قوم كُفَّار يخافهم، فيُداريهم باللِّسان وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان؛ دفعًا عن نفسه، من غير أن يستحِلَّ دمًا حرامًا، أو مالاً حرامًا، أو يُظْهِر الكفار على عورة المسلمين، والتقيَّة لا تكون إلا مع خوف القتل وسلامة النيَّة"[1].
والآن مع بيان الفروق بين التقيَّة الشرعية والتقية الشيعية:
الفرق الأول: التقية الشرعية من فروع الدِّين، لا من الأصول:
التقية الشرعية: إنما هي من مسائل الفروع لا الأصول، ولا بأس إذا ترَكها المسلم ولم يأخُذ بها.
أما التقية الشيعية: فهي من أصول الدِّين، ومن لوازم الاعتقاد، بل لا دين ولا إيمان لمن لا تقيَّة له!
قال جعفرٌ الصَّادق -كما يزعمون-: "إنَّ تسعة أعشار الدِّين في التقيَّة، ولا دين لمن لا تقيَّة له"[2].
وينسبون إلى الصَّادق كذلك أنه قال: "التقيَّة ديني ودين آبائي، ولا إيمان لمن لا تقيَّة له"[3].
وعن الصادق أيضًا: "لو قلت: إنَّ تارك التقيَّة كتارك الصلاة، لكنت صادقًا"[4].
قال عليُّ بن موسى الرِّضا -كما يزعمون-: "لا إيمان لمن لا تقيَّة له، وإنَّ أكرمكم عند الله أعمَلُكم بالتقيَّة، فقيل له: يا ابن رسول الله، إلى متى؟ قال: إلى يوم الوقت المعلوم، وهو يوم خروج قائمِنا، فمَن ترك التقيَّة قبل خروج قائمنا فليس منَّا"[5].
الفرق الثانِي: التقية الشرعية إنما تستخدم مع الكفَّار لا مع المؤمنين:
التقية الشرعية: تكون غالبًا مع الكفَّار، كما هو ظاهر قول الله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: 28]، فالآية جاءت في سياق الحديث عن الكفَّار، قال ابن جرير: "التقيَّة التي ذكَرَها الله في هذه الآية إنَّما هي تقيَّة من الكفَّار، لا من غيرهم"[6].
وقال سعيد بن جبيرٍ: "ليس في الإسلام تَقِيَّة، إنما التَّقِيَّة لأهل الحرب"[7].
وقال الرازيُّ: "التقيَّة إنما تكون إذا كان الرجل في قومٍ كفَّار، ويخاف منهم على نفسه وماله، فيُداريهم باللِّسان؛ وذلك بأن لا يُظهر العداوة باللِّسان، بل يجوز أيضًا أن يظهر الكلام الموهم للمحبَّة والموالاة، ولكن بشرط أن يُضْمِر خلافه، وأن يُعرِّض في كلِّ ما يقول، فإنَّ التقيَّة تأثيرها في الظاهر لا في أحوال القلوب"[8].
أما التقية الشِّيعية: فهي مع أهل السُّنة خصوصًا، فقد بوَّب الحر العاملي بابًا في "وسائله" بعنوان: "باب وجوب عشرة العامَّة (أهل السُّنة) بالتقية"[9].
ونسبوا لأبي عبدالله أنه قال: "من صلَّى معهم -يعني أهل السُّنة- في الصفِّ الأول، فكأنَّما صلى مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في الصف الأول"[10].
والسبب في ذلك أنهم يرون أنَّ أهل السنة من جملة الكفَّار؛ لأنهم لم يؤمنوا بالأئمَّة الاثني عشر، قال ابن بابويه: "واعتقادُنا فيمن جحد إمامة أمير المؤمنين والأئمَّةِ من بعده أنه بِمَنْزلة مَن جحد نبوَّة الأنبياء، واعتقادنا فيمن أقرَّ بأمير المؤمنين وأنكر واحدًا من بعده من الأئمة أنه بمنْزِلة مَن آمن بجميع الأنبياء، ثم أنكر نبوَّة محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم-"[11].
ويقول الطوسي: "ودَفْع الإمامة كُفْر، كما أنَّ دفع النبوَّة كفر، لأنَّ الجهل بهما على حدّ واحد"[12].
الفرق الثالث: التقية الشرعية رخصة وليست عزيمة:
التقية الشرعية جاءت رخصةً وتخفيفًا على الأمة في بعض الأحوال الاستثنائيَّة الضرورية، ولا حرج لمن ترك هذه الرُّخصة وأخذ بالعزيمة، بل قال العلماء بأنَّ من أخذ بالعزيمة فتضرَّر، فإنَّ ذلك أفضل.
قال ابن بطَّال: "وأجمعوا على أنَّ من أُكره على الكفر، واختار القتل أنَّه أعظم أجرًا عند الله"[13].
وقال الرازيُّ: "لو أفصح بالإيمان والحقِّ حيث يجوز له التقيَّةُ، كان ذلك أفضل"[14].
قال أصحاب أبي حنيفة: التقيَّة رخصة من الله تعالى وتَرْكُها أفضل، فلو أُكْرِه على الكفر فلم يَفعل حتى قُتل، فهو أفضل ممن أظهر، وكذلك كل أمرٍ فيه إعزاز الدِّين فالإقدام عليه حتَّى يُقتل أفضل من الأخذ بالرُّخصة[15].
وعن الإمام أحمد أيَّام محنته في خَلْق القرآن أنه سُئل: إنْ عُرِضْتَ على السّيف تجيب؟ قال: لا، وقال: "إذا أجاب العالِمُ تقيَّةً، والجاهلُ يجهل، فمتى يتبيَّن الحقُّ؟"[16].
أما التقية الشيعيَّة: فهي عزيمة وواجبة، وليست اختيارًا بحيث يمكن تركُها، ولا فرق في استخدامها بين حالة الإكراه والاضطرار، وبين حالة السَّعة والاختيار.
قال ابن بابويه مِن أئمتهم: "والتقيَّةُ واجبة، لا يجوز رفعها إلى أن يَخْرج القائم، فمن تركها قبل خروجه، فقد خرج عن دين الله -تعالى- وعن دين الإماميَّة، وخالف الله ورسوله والأئمة"[17].
الفرق الرابع: التقية الشرعيَّة تُستخدم في حالة الضَّعف لا القوَّة:
التقية الشرعية: إنَّما يَلْجأ إليها في حالة الضَّعف لا في جَميع الأحوال، قال مُعاذ بن جبل ومجاهدٌ: "كانت التقيَّة في بَدْء الإسلام قبل استِحكام الدِّين وقوَّة المسلمين، وأمَّا اليوم فقد أعزَّ الله الإسلام، فليس ينبغي لأهل الإسلام أن يتَّقوا مِن عدوِّهم"[18].
أما التقية الشيعيَّة: فهي في جميع الأحوال، بلا استثناءٍ ولا تفريق بين حالة الضعف وحالة القوَّة، وينقلون عن الصَّادق أنه قال: "ليس مِنَّا مَن لم يجعلها شِعارَه ودِثَاره مع مَن يَأمنُه؛ ليكون سجيَّته مع من يَحْذرُه"[19].
الفرق الخامس: التقية الشرعية تكون باللسان لا بالأفعال:
التقية الشرعية: إنما تكون باللِّسان لا بالأفعال، قال ابن عباس رضي الله عنه: "ليس التقيَّة بالعمل؛ إنما التقية باللِّسان"، وكذا قال أبو العالية وأبو الشعثاء والضحَّاك والربيع بن أنس، ويؤيِّد ما قالوه قولُ الله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: 106][20].
وعن ابن عبَّاس في قوله تعالى: { إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: 28]، قال: التُّقاة التكلُّم باللِّسان والقلب مطمئنٌّ بالإيمان، ولا يبسط يدَه فيقتل، ولا إلى إثمٍ، فإنه لا عُذْر له[21].
وقال الحسن في الرَّجُل يُقال له: اسجُد لصنم وإلاَّ قتلناك، قال: إن كان الصنم مُقابل القبلة فليسجد؛ يجعل نيته لله، فإن كان إلى غير القبلة فلا وإن قتَلوه، قال ابن حبيب: وهذا قول حسَن، قال القاضي: وما يمنعه أن يجعل نيَّته لله وإن كان لغير قِبْلة، وفي كتاب الله: { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ } [البقرة: 115]، وفي الشَّرع إباحة التنفُّل للمسافر إلى غير القِبْلة[22].
أما التقية الشِّيعية، فهي باللِّسان وبالأفعال، وبكلِّ ما يمكن فعله، بل حتَّى عباداتهم يدخل فيها مبدأ التقيَّة كما هو معلوم، إلى درجة أنَّ تسعة أعشار دينهم في التقية -كما سبق نَقْلُه-.
الفرق السادس: التقية الشرعية لا يجوز أن تكون سجيَّة للمسلم في جميع أحواله:
التقية الشرعية -كما سبق- إنَّما هي استثناء ورُخصة، ولا يجوز أن تكون ديدنَ المسلم في جميع أحواله؛ يقول د. القفاري: "والتقيَّة في دين الإسلام دين الجهاد والدَّعوة، لا تُمثِّل نهجًا عامًّا في سلوك المسلم، ولا سِمَة من سمات المجتمع الإسلامي، بل هي -غالبًا- حالة فرديَّة مؤقَّتة، مقرونة بالاضطرار، مرتبطةٌ بالعجز عن الهِجْرة، وتزول بزوال حالة الإكراه"[23].
أما التقية الشيعية: فهي مُلازِمة لطبيعة الفرد الشِّيعي، ومستمِرَّة معه، فهو يستخدمها في جميع أحواله؛ ولذلك نجد مِنْ أثرها ظهورَ الكذب وانتشارَه عند أتباع المذهب الإماميِّ الاثني عشري، إلى درجة أنَّ أهل الحديث يَقْبلون رواية أهل البِدَع إجمالاً، ما عدا الشِّيعة الإمامية؛ لكثرة كذبهم.
سُئل مالِكٌ عن الرَّافضة، فقال: "لا تكلِّمْهم ولا تَرْوِ عنهم؛ فإنَّهم يَكْذبون"[24].
ويقول الشافعي: "لَم أرَ أحدًا أشهد بالزُّور من الرافضة"[25].
ويقول يزيد بن هارون: "يُكتَب عن كلِّ صاحب بدعة إذا لم يكن داعية، إلاَّ الرافضة؛ فإنهم يكذبون"[26].
وقال شريكٌ القاضي: "أحمل العلم عن كلِّ مَن لقيت إلاَّ الرافضة؛ فإنَّهم يضعون الحديث ويتَّخِذونه دينًا"، قال ابن تيميَّة تعليقاً: "وشَرِيك هذا هو شريك بن عبدالله القاضي، قاضي الكوفة، مِن أقران الثَّوري وأبي حنيفة، وهو من الشِّيعة الذي يقول بلسانه: أنا من الشِّيعة، وهذه شهادته فيهم"[27].
قال الإمام ابن تيميَّة: "وقد اتَّفق أهل العلم بالنقل والرِّواية والإسناد على أنَّ الرافضة أكذَبُ الطوائف، والكذب فيهم قديم، ولهذا كان أئمَّة الإسلام يَعْلمون امتيازهم بكثرة الكذب"؛ "منهاج السنة النبوية" لابن تيمية 1/ 26.
وقال في موضعٍ آخر: "وأمَّا الرافضة فأَصْل بدعتهم زندقة وإلحاد، وتعمُّد الكذب كثيرٌ فيهم، وهم يقرُّون بذلك؛ حيث يقولون: ديننا التقيَّة، وهو أن يقول أحدهم بلسانه خلافَ ما في قلبه، وهذا هو الكذب والنِّفاق، فهُم في ذلك كما قيل: رمَتْنِي بدائها وانسلت"[28].
الفرق السابع: التقية الشرعية ليست هي الوسيلة لإعزاز الدين:
لا يُفهم من التقية الشرعية أنَّها من أجل إعزاز الدِّين، وإنما إعزاز الدِّين يكون من خلال إظهاره على الملأ، وعدم كتمانه، كما قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [الفتح: 28].
أما التقية الشِّيعية: فهي من أجل إعزاز دينهم؛ فدين الشِّيعة -كم يعتقدون- لا يعزُّ إلا إذا كُتِم، يقول أبو عبدالله -كما يزعمون-: "إنَّكم على دينٍ مَن كتمه أعزَّه الله، ومن أذاعه أذلَّه الله"[29].
تبيَّن مما سبق أنَّ التقية الشرعيَّة تختلف تمامًا عن التقيَّة الشيعية؛ حيث إنَّ التقية الشرعية جاءت استثناءً في أحوال اضطراريَّة معيَّنة؛ كالإكراه، وأيضًا التقيَّة الشرعية إنَّما تُستخدم في معاملة الكفار، وليست مع المؤمنين، كما هو سياق الآية الكريمة في سورة آل عمران، وليست هي من أصول الدِّين بحيث يَكْفر تارِكُها، أو يَخرج من الملَّة.
أما التقية الشيعية، فهي من أصول الدِّين، ولا دين لمن لا تقية له، والتقية الشِّيعية تكون في جميع الأحوال من غير تفريقٍ بين أحوال السَّعة والاختيار، وبين أحوال الإكراه والاضطرار، والتقية عندهم مع أهل السُّنة والجماعة على وجه الخصوص.
والخلاصة أنه لا يجوز مُشابهة ما هو من الشرع بما هو من وَضْع الزَّنادقة، فلا يظهر فرقٌ بين التقية الشيعيَّة وبين الكذب والنفاق، بل التقية الشِّيعية هي عين الكذب والنِّفاق، ولا فرق.
وختامًا أسأل الله العليَّ القدير أن يَعْصمنا من الزَّلل، وأن يثبِّتنا على كتابه وسُنَّة رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.
د. باسم عامر
عضو رابطة علماء الشريعة بمجلس التعاون
________________________________________
[1] انظر: "تفسير البغوي" 2/ 26.
[2] انظر: "أصول الكافي" للكليني 2/ 217، "بحار الأنوار" للمجلسي 75/ 423.
[3] انظر: "أصول الكافي" للكليني، باب التقيَّة، 2/ 217، 219.
[4] انظر: "من لا يحضره الفقيه" لابن بابويه 2/ 80، "بحار الأنوار" للمجلسي 75/ 412، 414.
[5] انظر: "إكمال الدين" لابن بابويه ص 355، و"بحار الأنوار" للمجلسي 75/ 412.
[6] انظر: "تفسير الطبري" 6/ 316.
[7] انظر: "تفسير البغوي" 2/ 26.
[8] انظر: "تفسير الرازي" 4/ 170.
[9] انظر: "وسائل الشيعة" للحر العاملي 11/ 470.
[10] انظر: "بحار الأنوار"، باب التقية، 75/ 421.
[11] انظر: "الاعتقادات" لابن بابويه ص 111.
[12] انظر: "تلخيص الشافي" للطوسي 4/ 131.
[13] انظر: "فتح الباري" 12/ 317.
[14] انظر: "تفسير الرازي" 4/ 170.
[15] انظر: "تفسير البحر المحيط" لأبي حيان 3/ 191.
[16] انظر: "زاد المسير" لابن الجوزي 1/ 372.
[17] انظر في كتابه "الاعتقادات"، ص114، 115.
[18] انظر: "تفسير البغوي" 2/ 26.
[19] انظر: "وسائل الشيعة" 11/ 466، "بحار الأنوار" 75/ 395.
[20] انظر: "تفسير ابن كثير" 2/ 30.
[21] انظر: "الدر المنثور" للسيوطي 2/ 176.
[22] انظر: "المحرَّر الوجيز" لابن عطية 1/ 400.
[23] انظر: "أصول مذهب الشيعة" للقفاري 2/ 981.
[24] انظر: "لسان الميزان" لابن حجر 1/ 10.
[25] انظر: "سنن البيهقي" الكبرى 10/ 208.
[26] انظر: "ميزان الاعتدال في نقد الرجال" للذهبي 1/ 28.
[27] انظر: "لسان الميزان" للذهبي 1/ 10، و"منهاج السُّنة" لابن تيمية 1/ 26.
[28] انظر: "منهاج السنة النبوية" لابن تيمية 1/ 30.
[29] انظر: "أصول الكافي"، 1/ 222.
: د. باسم عامر - خاص بموقع طريق الإسلام
العلمانيون والتحالف مع الخرافة !!!
في عام 1787 بنى الكسندروفيتش بوتمكين (عشيق كاترين الثانية إمبراطورة روسيا) عددا من القرى النموذجية المزيفة من أجل جولة الإمبراطورة في أوكرانيا والقرم. ثم تحول مصطلح "قرية بوتمكين" ليعني في دلالته أية واجهة مشرقة (ومزيفة) تخفي خلفها كآبة الجوهر الحقيقي.
و حقيقة قد وقع العلمانيون في نفس الخطأ حين رسموا لأنفسهم حجما إعلاميا زائفا، وهم يتصورون أن ذلك يصب في مصلحتهم. وفي واقع الأمر أنهم قد أضروا بأنفسهم من حيث لا يشعرون.
فقد تسببت الحملة الإعلامية التي شنها العلمانيون في:
· كسب التيار الإسلامي لتعاطف جموع الشعب المصري المتدين معه. فلو أنك قمت باستبيان بعد الثورة بأيام على شعبية الإسلاميين ثم قمت به في الوقت الحالي لأدركت الفارق الذي أعنيه.
· بالضد تتميز الأشياء: فلولا الليل، ما عرف فضل النهار، ولولا القبيح، ما عرف فضل الحسن، ولولا الظلمة ما عرفت منفعة النور، ولولا الباطل ما اتضح الحق اتضاحا ظاهرا. فنظرة على دعاة الزواج المدني و غياب المرجعية الإسلامية، و رد فعل الجماهير إزاء ذلك، بالإضافة إلى تدني شعبية الإعلاميين الذين تبنوا محاولات إسقاط الإسلاميين تجعلك تدرك ما أعني تماما.
· علو الهمة في تحديد الأهداف: لولا تلك الحملة الشرسة و استشعار الخطر على هوية مصر من جانب الإسلاميين، لما وجدت تلك الروح الجميلة التي ظهرت بين الإسلاميين بمختلف أطيافهم. و تقديم الأهداف الرئيسية على بعض الاختلافات المنهجية و الحركية، وهو ما صب في النهاية في مصلحة هوية مصر الإسلامية. وفعلا أتمنى أن تستمر تلك الروح بين الجميع.
· حشد لم يسبق له مثيل: لا أظن أن الحشد الكبير في جمعة 29 يوليو كان بسبب دعوة الإسلاميين فقط، بل أن المحرك الرئيسي له حقيقة هو الاستفزاز الذي قامت به بعض الحركات لجموع الجماهير.
· تصديق الكذبة: لو كنت في موقع العلمانيين لقمت بالضغط على الإخوان للترشح على المقاعد البرلمانية بالكامل وليس العكس. فهم قد تصوروا أنفسهم في حجم أكبر بكثير من حجمهم الطبيعي، وظنوا أنهم قد ضمنوا ال50% الباقية من المقاعد الأخرى. في حين أن ذلك فتح الباب أمام قوى إسلامية أخرى ستشكل جماعات ضغط من أجل تطبيق الشريعة، كما أوجد نوعا من الارتياح بتقسيم التورتة بين القوى الإسلامية.
· تأجيل الانتخابات: من المضحك أن يظن البعض أن تأجيل الانتخابات يصب في مصلحة أحد غير القوى الإسلامية. بل على العكس يزدادون قوة كل يوم. فالساحة السياسية أصلا كانت و لازالت مفتوحة أمام الجميع ما عدا الإسلاميين حيث كان عليهم العديد من القيود، ومن الطبيعي أن يؤدي رفع القيود إلى إعطائهم مزيدا من الزخم. ولك أن تقارن مثلا الشعبية التي يكتسبها حازم صلاح أبو اسماعيل كل يوم بحجم الأرضية التي يخسرها البرادعي كل يوم لتدرك حقيقة ما أقول.
· شكرا أيها الأعداء: لا أستطيع أن أنكر أبدا أن النقد المستمر والوضع تحت المجهر أدى إلى أن تتدارك القوى الإسلامية لكثير من أخطائها الإعلامية و التنظيمية.
و أخيرا تأتي قاصمة الظهر حين تحالف العلمانيون مع الخرافة، فمن المضحك جدا أن تقوم قوى تدعي الحداثة و التقدم بالتحالف مع الطرق الصوفية و بقايا الخرافة في المجتمع المصري من أجل مواجهة المد الإسلامي، فلك أن تتخيل وزيرا مثلا من ذلك التحالف يقوم بحضور الموالد و مشاهدة من يقوم بتطويح نفسه من أجل ربح بضعة أصوات!!! إنه مشهد يثير الشفقة أكثر من الضحك على هذا الهزل العجيب
إن ما يقومون به من خلال هذا التحالف سيكون سبة للعلمانية قد تشكل المسمار الأخير في نعشها على أرض مصر الحبيبة.
وختاما لم يعد هناك مجالا للإنكار أن المستقبل في مصر للإسلام السياسي بعد أن أعلن الشعب أنه لم يعد وجبة خفيفة يسهل تناولها. و ما علينا في المرحلة القادمة أن نفكر في كيفية وضع برامج نهضوية تتعامل مع الواقع و تحاول النهوض بهذه الأمة لبناء دولة العلم و الإيمان، وحقيقة يقدم الشيخ حازم أبو اسماعيل برنامجا رائعا في هذا المجال. و نرجو أن يتبعه غيره من خلال طرح قضايا تمس الحياة اليومية للشعب المصري و كيفية النهوض بها.
محمد نصر
7 - رمضان - عام 1432 هـ
7 - أغسطس - 2011 م
: خاص بموقع طريق الإسلام
ألا يوجد طريقة لإيجاد حلول دائمة لمجاعات الصومال التي لا تتوقف؟؟
تكلمت في الأسبوع الماضي مع أحد العاملين في منظمة الإغاثة الإسلامية (Islamic Relief) فأخبرني أنهم يتحدثون منذ زمن عن أزمة متوقعة في الصومال ويحاولون جمع الأموال لحفر الآبار، ولكن بدون جدوى حتى تحرك الإعلام مؤخرا مشكورا. وأخبرني أنهم لا يملكون موارد مادية كافية للدعاية والإعلان فأغلب من يتبرعون يحددون المصارف التي يريدونها وليس منها الدعاية والإعلان بطبيعة الحال.
ولكن لكل مشكلة حل، إن كان هناك تقصير من جانب منظمات الإغاثة في الجانب الإعلامي و مخاطبة الإعلام، فأرى أن الإعلام يجب عليه أن يخطو هذه الخطوة ويتقرب بها كل إعلامي صادق إلى الله.
فلو تم إجراء اللقاءات بشكل دوري (نصف سنوي) مع مسئولي منظمات الإغاثة، و تم وضع برنامج متكامل مثلا من أجل حفر الآبار في الصومال، وبناء سدود الأمطار وهي غير مكلفة كسدود الأنهار مثلا. لو تم وضع خطة مثل هذه وتم تقديمها من خلال العديد من البرامج الإعلامية، وتم حث أحد رجال الأعمال على رعاية الحملة الإعلامية. أظن أن من الممكن أن نبدأ حملة قوية لجمع التبرعات واستخدامها في تنفيذ مشاريع الآبار والسدود ونضع حدا لمجاعة ذلك الشعب المسلم.
الحبيب صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن بغياً -زانية من زواني بني إسرائيل- دخلت الجنة في كلب سقته، والحديث في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: «بينما بغي من بغايا بني إسرائيل تمشي، فمرت على بئر ماء فشربت، وبينما هي كذلك مر بها كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فعادت إلى بئر الماء؛ فملأت موقها، -أي: خفها- ماءً، فسقت الكلب فغفر الله لها» كلب عطشان، وهي امرأة زانية، لكنها رحمته فغفر الله لها.
هذا في امرأة بغي أنقذت كلبا من العطش، فكيف بشعب الصومال الذي دائما ما نسمع أنه يعاني من المجاعات، فهل من رجال إعلامنا الكرام من يطمع في مغفرة ذنوبه والجنة؟؟؟
ولكن لكل مشكلة حل، إن كان هناك تقصير من جانب منظمات الإغاثة في الجانب الإعلامي و مخاطبة الإعلام، فأرى أن الإعلام يجب عليه أن يخطو هذه الخطوة ويتقرب بها كل إعلامي صادق إلى الله.
فلو تم إجراء اللقاءات بشكل دوري (نصف سنوي) مع مسئولي منظمات الإغاثة، و تم وضع برنامج متكامل مثلا من أجل حفر الآبار في الصومال، وبناء سدود الأمطار وهي غير مكلفة كسدود الأنهار مثلا. لو تم وضع خطة مثل هذه وتم تقديمها من خلال العديد من البرامج الإعلامية، وتم حث أحد رجال الأعمال على رعاية الحملة الإعلامية. أظن أن من الممكن أن نبدأ حملة قوية لجمع التبرعات واستخدامها في تنفيذ مشاريع الآبار والسدود ونضع حدا لمجاعة ذلك الشعب المسلم.
الحبيب صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن بغياً -زانية من زواني بني إسرائيل- دخلت الجنة في كلب سقته، والحديث في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: «بينما بغي من بغايا بني إسرائيل تمشي، فمرت على بئر ماء فشربت، وبينما هي كذلك مر بها كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فعادت إلى بئر الماء؛ فملأت موقها، -أي: خفها- ماءً، فسقت الكلب فغفر الله لها» كلب عطشان، وهي امرأة زانية، لكنها رحمته فغفر الله لها.
هذا في امرأة بغي أنقذت كلبا من العطش، فكيف بشعب الصومال الذي دائما ما نسمع أنه يعاني من المجاعات، فهل من رجال إعلامنا الكرام من يطمع في مغفرة ذنوبه والجنة؟؟؟
مركز تحميل الصور الاسلامية
تحدي بين مدرس يهودي وطالب مسلم
su-34
أركان الإسلام
a7dathalnihaya
a7dathalnihaya on livestream.com. Broadcast Live Free