الأربعاء، 12 أكتوبر 2011
فلسطين ليست عربية
تحدثنا
في المقالة السابقة عن خطورة تحرير فلسطين بسبب المسجد الأقصى ، وفي هذه
المقالة سنتحدث إن شاء الله عن الذين يقولون إننا سنحرر فلسطين لأنها عربية
، فدعونا ننظر إلى خطورة هذا المفهوم علينا .
يقولون
إن فلسطين عربية لأنه كان يعيش فيها قبائل كنعان العربية وذلك قبل دخول
اليهود لفلسطين ، ولذلك نحن كعرب سندافع عنها وهم بذلك يردون ملكية البلد
لمن عاش فيها أولا ، وهذا مبدأ غير إسلامي كما أوضحنا من قبل ، لأن البلاد
تصبح إسلامية بمجرد فتح المسلمين لها سواء أكان ساكنوها من قبل هم العرب أو
العجم ، فمصر الآن دولة عربية فهل سكنها العرب أولا ؟ ولذلك فهي عربية ؟
وهل من الممكن أن يقوم النصارى في مصر ويقولوا مصر بلدنا ونحن عشنا فيها
قبل المسلمين ؟ .
نعم
عاش النصارى في مصر قبل المسلمين لكن منذ أن فُتحت بالإسلام أصبحت البلاد
إسلامية ، فالجزائر الآن دولة عربية فهل سَكَنها العرب أولا أم سكنها البدو
أولا وهم ليسوا عربا ؟ ، وهل فتح المسلمون بلاد فارس لأنهم كانت لهم جذور
عربية فى فارس ؟ ، وهل فتحوا بلاد الأندلس لأنه كانت لهم جذور عربية فى
الأندلس ؟ .
إذاً
لا يجب أن يأخذنا اليهود إلى جدالات جانبية لاخراجنا عن المنهج السليم ،
فيأتى اليهود ويُزَوّرون التاريخ ونظل فى جدال طويل ورجوع إلى الحفريات ،
ومما سمعت أن شارون أعلن أنهم وجدوا آثارا فى الجولان تدل على أن اليهود
سكنوا في هذه البلد قبل العرب ، وطبعا هم يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون
هذا من عند الله ، وتعالوا لندخل فى جدل عقيم وطويل وحفريات مزورة وخروج عن
شرع الله سبحانه وتعالى لأننا نُبحر مع اليهود في جدالات خارج المنهج ،
ولو كان الأمر بهذه الطريقة إذاً لنُخرج الأستراليين مثلا من أستراليا ،
فمن المعروف أن أهل أستراليا الحاليين ليسوا هم الأهل الأصليين وكذلك
لنُخرج روسيا من الشيشان ، فالجميع يعترف أن أهل الشيشان سكنوا الشيشان قبل
روسيا بل لنخرج أمريكا من بلادهم ونعطيها للهنود الحمر الذين لا ينكر
الأمريكان أنهم سكنوا البلاد قبلهم .
إذاً
لا داعى أن نمشى وراء اليهود فى هذا المسلك فهم قوم تمرسوا على الجدال
وتمرسوا على تغييب الحق وإنكار الحقيقة ولو كانت مثل ضوء الشمس .
ودعونا نناقش أمرا هاما وهو هل يحرر المسلمون فلسطين لكون كنعان كان يسكن فيها أولا ؟ .
تعالوا لنفكر بهدوء هل نتشرف بالانتماء إلى كنعان ، ومن هي قبائل كنعان ؟ .
قبائل
كنعان هذه كانت قبائل وثنية عربية تعيش فى أرض فلسطين منذ قديم الزمن وهم -
أى اليهود - يقولون أن داوود وسليمان عليهما السلام كانا يعيشان فى هذه
البلاد ، ومن قبلهما يعقوب وإسحاق وإبراهيم عليهم جميعا أفضل الصلاة
والتسليم ، والحق أقول أن كنعان كان يعيش قبل هؤلاء الأنبياء فى فلسطين ،
لكن أليس يشرفنى الانتماء إلى هؤلاء الأنبياء المرسلين عن الانتماء إلى
كنعان ؟ ، فبيننا وبين هؤلاء الأنبياء أخوة العقيدة وأخوة الإيمان بالله ،
بينما بيننا وبين كنعان كره فى الله ، فأكرهه لأنه يسجد لصنم من دون الله ،
وهكذا الأساس الذى يبنى عليه المسلم علاقاته ( الحب فى الله والبغض فى الله ) وهذا هو أوسط عرى الإيمان ، قال تعالى { آمَنَ
الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ
آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ
أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ
رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } (285) سورة البقرة .
فنحن
لا نفعل مثلما فعل كاتب مصرى مشهور يكتب عمودا ثابتا فى صحيفة من الصحف
المشهورة ، فزعم أن اليهود من طبعهم الغدر وإنكار الجميل ، حتى أن موسى
عليه السلام - والكلام للمؤلف المشهور - قتل المصري وهرب ولم يراعى حق
المصريين الذين ربوه واطعموه وحملوه فوق رؤوسهم كما يقول بلفظه ، فهذا يعنى
أن الرجل يطعن طعنا مباشراً فى نبى من أنبياء الله لأنه إسرائيلي .
سبحان
الله ، موسى نبى من أولى العزم من الرسل ولا يجب أبدا أن يدفعنا بغضنا
لليهود أن نكره أنبياءهم وهم رسل الله ، وهذا خطأ كبير جدا فى الفهم ، وأقل
ما يوصف به فعل هذا المنُكر أن هذا سوء أدب مع أنبياء الله ، ونسأل الله
أن يكون قد ارتكبه عن جهل وإلا فالعواقب خطيرة .
واسمح
لي بسؤال ...أيهما أشرف لك ؟ أن تنتمي إلى أبى جهل ، ذلك العربى القرشى
الكافر أم إلى بلال الحبشى المؤمن وهو ليس بعربى ؟ ، وأيهما أشرف لك أن
تنتمي إلى أبي لهب العربي القرشي الكافر أم إلى طارق بن زياد البربري
المؤمن وهو ليس بعربي ؟ ، وأيهما أشرف لك أن تنتمي إلى الوليد بن المغيرة
أم إلى صلاح الدين الأيوبي الكردي المؤمن وهو ليس بعربي ؟ ، وطبعا نحن نظن
أن صلاح الدين عربي لأن الفيلم المشهور الذي كان عن صلاح الدين الأيوبي
أظهر ذلك ، وجاء بقول زور على لسان صلاح الدين حيث كان يقول ( نحن العرب فعلنا كذا وكذا
) والأصل أننا نحن مسلمون ، فأيهما الأشرف لك ؟ أن تنتمي إلى أمية بن خلف
العربي أم إلى محمد الفاتح التركي فاتح القسطنطينية المسلم وهو ليس بعربي ؟
.
الآن
قد عرفنا أن الكثير من رموزنا الإسلامية العظيمة ليست بعربية ، فنحن يا
إخوة لا نحرر فلسطين لأنها سُكنت بكنعان الوثني أولا ، بل نحن نحررها لأنها
بالكامل قطر إسلامي فُتح بالإسلام كما ذكرنا .
واعلم
أنه من الخطورة بمكان تكرار أن فلسطين عربية وأن ينسى المسلمون هموم
المسلمين غير العرب حتى وإن كانوا فى بلاد غير محتلة ، فالمسلمون فى
جمهوريات الاتحاد السوفييتى المحررة يحتاجون إلى عون المسلمين من العرب
وغيرهم ، وللعلم فإن إسرائيل هي أول دولة ذهبت وأقامت علاقات وثيقة مع هذه
الدول الإسلامية ، والمسلمون فى غياب عظيم عن هذا الدور الكبير ، فتخيلوا
أن إسرائيل هي أول بلد عملت علاقات مع تركمنستان ، وأوز باكستان ،
وطاجاكستان ، وكل هذه البلاد بها ثروات ضخمة جدا ، وطاقات بشرية كبيرة ،
ولقد أقامت إسرائيل مع هذه الدول علاقات ولم يتحرك لها المسلمون ،
والمسلمون فى بلاد إفريقيا يحتاجون إلى المسلمين فى بلاد العرب ، فالمسلمون
يربطهم جميعا رباط العقيدة لا العنصر أو العرق .
ولاحظ
أن بمناداتنا بعروبة فلسطين فإننا نحذف ببساطة قوة أكثر من مليار مسلم ،
وهذا أمر يؤذي المسلمين غير العرب عندما نتحدث عن العروبة وكأنهم مسلمين من
الدرجة الثانية ، ولاحظ فى بلاد العالم الغربى حيث تعيش جاليات مسلمة من
شتى البقاع فإنك ستجد أموراً عجبا ، فتجد المسلمين مقسمين إلى مجموعات
منفصلة بحسب العنصر ، بل وقد يتنافسون فيما بينهم بل وقد يتصارعون فى هذه
الغربة ، فتجد على سبيل المثال تجمع عربى ، وتجمع باكستاني ، وهكذا بحسب
العرق والعنصر ، ووالله أذكر حديثا تحدثت به مع باكستانى قال " إن فى قلبه ألم شديد لاحساسه أن العرب ينظرون إليهم نظرة دنيا " ، وذلك مع شدة العاطفة الإسلامية فى قلوب الباكستانين وفى قلوب الهنود وفى قلوب الماليزيين ، ويقول "
قد خرج منا وممن حولنا من البلاد غير العربية البخارى ، ومسلم ، والنسائى ،
والترمذى ، وابن ماجة ، والبيهقى ، والغزالى ، والسرخاسى ، والنيسابورى
" ، فكل هؤلاء وغيرهم الكثير خرجوا من هذه البلاد غير العربية إلا أن
العرب ينظرون إليهم نظرة دنيا ، ونحن ببساطة لما نقول نحن عرب ونريد أن
نحرر فلسطين لكونها عربية فنحن نحذف كل هؤلاء من صف المسلمين ومن صف القوة
المواجهة لإسرائيل .
يا
أخى وسع مداركك وانظر ماذا أراد الله لك وتبتغى غيره ، فانظر إلى الأمر من
منظور سياسى وعسكرى وإقتصادى فهل من المصلحة أن تواجه إسرائيل وأنت تبلغ
من العدد 200 مليون ؟ ، أم أن تواجهها وأنت تبلغ مليار مسلم و200 أو 300
مليون ؟ ، طبعا هناك فرق ضخم وكبير جدا ، وتخيل معى بدلا من أن تكون هناك
الجامعة العربية نؤسس كيان آخر اسمه الجامعة الإسلامية كما كان يريد
السلطان عبد الحميد الثانى رحمه الله آخر السلاطين المحترمين فى الخلافة
العثمانية ، وتخيل معى جامعة تكون قراراتها ليست لمجرد التنفيس عن الشعوب
الإسلامية ، ولكن أخذ قرارات واقعية مؤثرة تغير من مسار الشعوب تبعا لمصلحة
شعوب الجامعة الإسلامية التي تجمع بين طياتها طاقة بشرية هائلة ، فيكون
فيها تكنولوجيا ماليزيا وإندونيسيا ، وفيها بترول الخليج والقوقاز ، وفيها
مزارع السودان والعراق ، وفيها مناجم إفريقية ، وفيها نووية باكستان وفيها
يورانيوم كازاخستان ، وفيها قناة السويس وباب المندب ومضيق البسفور فى
تركيا ، فيا أخي إعرف إمكانيات الأمة الإسلامية ودعونا من عُنجهية
العنصرية وعنجهية القومية وعنجهية القبلية .
وأخطر
آثار المناداة بعروبة فلسطين هى تغيير الغاية من القتال وفقدان العنصر
الحقيقى للنصر وهو قوة العقيدة الإسلامية ، وانظر إلى السلطة الفلسطينية
العلمانية ، فهى التى لا تربط منهجها بالله ولا برسوله الكريم صلى الله
عليه وسلم ، بل تربطه فقط بالآباء والأجداد وكأن لسان حالهم يقول إنا وجدنا
آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ، فهذه السلطة العلمانية تشعر أن
قوتها قوة ذاتية فى أفرادها وليس فى كونها تعمل لله عز وجل ، بينما السلطة
الإسلامية تشعر أن قوتها مستمدة من الله الخالق وليس من غيره من المخلوقات ،
وإن شعرت السلطة العلمانية بضعف وذل تلجا إلى البشر الأقوياء فى نظرها ممن
يعتزون بآباءهم مثلما تعتز هى بآباءها وقد تحارب من ينادون بإسلامية
المنهج وإسلامية الطريق .
قد
تلجأ السلطة الفلسطينية العلمانية إلى روسيا باعتبارها صديق قديم وتنسى
أنهم لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة وتنسى أن روسيا لما واجهت مشكلة مثل
مشكلة فلسطين مع إخوان الفلسطينين فى شمال الشيشان ، فما كان لها حل إلا
القتل والإبادة ، فكيف ترجو منها تأييداً فى فلسطين ؟ ، وقد تلجأ تلك
السلطة إلى بريطانيا وفرنسا وتنسى أن بريطانيا هى التى زرعت إسرائيل فى
فلسطين بتأييد فرنسى كما سيأتى فى تاريخ فلسطين ، وتنسى أن طائرات بريطانيا
مازالت تقصف إخوانهم فى العراق ، بل وقد تلجأ وفى سفه شديد إلى أمريكا مع
علمهم أنها المؤيد الأول والدائم والمستمر لكل ما تفعله إسرائيل ، فإذا بهم
يرسلون الرسائل إلى رؤساء أمريكا يطلبون منهم أن يوقفوا عنف إسرائيل ..!! ،
سبحان الله ، بل والعجب العجاب قد يلجأوا إلى إسرائيل ذاتها بتنسيقات
أمنية وترتيبات عجيبة يدفع ثمنها الإسلاميون أهل فلسطين ، وهكذا يبحثون عن
عزتهم فى مناهج كثيرة وقوى متعددة ولن ينتصروا ماداموا ينطلقون من مبدأ
عنصرى وهو العروبة .
أيبتغون
عندهم العزة ؟ فإن العزة لله جميعا ، ولو أنهم ذهبوا أحيانا إلى المنهج
الإسلامى فإنه يكون على سبيل الاضطرار لا الرغبة ، فأحيانا يزورون باكستان
أو إيران لعلها تفعل ما لم يفعله أبناء العمومة من العرب وهذا الاضطرار
الغير مقصود لا يغنى عند الله شيئا .
إلى هؤلاء الذين يعتزون بعروبتهم بديلا عن إسلاميتهم أنقل إليكم قولا لعمر بن الخطاب رضى الله عنه وأرضاه وهو قول شهير ( نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة فى غيره أذلنا الله
) ، فإن كنتم تشعرون بذل فاعلموا أنكم قد ابتغيتم العزة فى غير موضعها ،
فنصر المسلمين يا إخوة يُستمد من الله ولكي ينصرنا الله يجب أن ننصره ، قال
تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) } سورة محمد .
ولكن
كيف ننصر الله ؟ ننصره بتطبيق شرعه ، وبطاعة أوامره وباجتناب معاصيه
وبالالتزام بطريق نبيه صلى الله عليه وسلم وبالبعد عن العنصرية والفرقة ،
ولقد قرأت خبرا صحيفة أمريكية ، ولقد ظننته خبراً كيديا حتى تيقنت من بعض
الفلسطينين ، فلقد أرسلت تهنئة أمريكية للسلطة فى فلسطين بإنشاء أكبر مصدر
من مصادر الاقتصاد الفلسطينى هناك فيا ترى ما هو أكبر مصدر سيمد الدولة
الفلسطينية الناشئة ؟ المصدر هو أكبر ناد للقمار فى الشرق الأوسط وهو فى
أريحا ، ولما سُئلوا عن ذلك قالوا إن القمار محرم فى إسرائيل ولذلك أنشأناه
فى أريحا ، فهم يريدون من اليهود أن يلعبوا القمار في أريحا ويأخذوا
أموالهم ويصبح النادي المصدر الرئيسى للدخل الفلسطينى ، وهذا منهج علمانى
بعيد تماما عن أسباب النصر الحقيقية للمسلمين .
أتعلمون
أن معظم المطلوبين من قبل إسرائيل بتهمة أنهم يرهبون إسرائيل قد عاشوا
شهوراً وسنوات فى سجون السلطة الفلسطينية فى فلسطين ، وهذا هو الخطر أن
نلغي إسلامية القضية ونجعلها قضية عربية عنصرية فقط ، ولقد شاهدت ملصقاً
يوزع فى المكتبات الإسلامية كُتب عليه " القدس عربية " ، فهذا اختزال لقضية
فلسطين لتكون قضية القدس وأيضا ليست القدس إسلامية بل عربية ، فبهذا ضيعت
الوجهة ، والأشد من هذا أنك عندما تنظر إلى هذا الملصق تجد أنه قد رُسم
عليه قبة الصخرة وليس المسجد الأقصى ، وهذا تمييع تام للقضية وهدر كامل
لأسباب القوة ، فإسرائيل كانت فى منتهى الذكاء حينما ضربت على هذا الوتر
حين قامت ، فأطلقت على نفسها اسما قومياً عنصرياً ( إسرائيل ) وهو يعقوب
عليه السلام ، وهو منهم ومن أمثالهم بريء ، وكأن كل الدولة تقوم على أكتاف
إسرائيل – يعقوب - مع أن معظم اليهود فى إسرائيل ليسوا من أبناء يعقوب عليه
السلام وليسوا من الأسباط ، بل هم من الذين دخلوا فى اليهودية فى أوروبا
الشرقية وأفريقية بعد ذلك .
إن
اليهود ثلاث طوائف ضخمة جدا ، ومنشؤوا دولة اليهود والذين يسيطرون على
أعلى وأهم المناصب فيها حتى الآن هم من طائفة يهودية تسمى " إشكناز " أو "
الإشكنازيم " أو " الإشكنازى " أو " الإشكنازيين " ، وهؤلاء فى اللغة
العبرية تعنى الألماني لأنهم كانوا يعيشون الزمان الطويل يتكلمون لغة
مكونة من خليط من العبرية والألمانية ، وعاشوا فى ألمانيا ، وشرق أوروبا ،
وروسيا ، وهم جميعا من سلالات قبائل الخزر الوثنية الذين كانوا يسكنون فى
تلك المناطق واعتنقوا اليهودية فى القرن العاشر الميلادى ، وهو ما يعنى
حداثة يهوديتهم وأنهم لا يمنتون بصلة عرقية إلى بنى إسرائيل .
ويطلق
على الإشكناز أحيانا اليهود الغربيون ، وهم يمثلون قرابة 80% من يهود
العالم ، ومنهم معظم يهود الولايات المتحدة الأمريكية الذين هاجروا إليها
خلال القرنين التاسع عشر والعشرين ، ومن هؤلاء خرج معظم زعماء حركة
الصهيونية وقادة إسرائيل الآن .
أما
الطائفة الثانية من اليهود فهم اليهود الشرقيين ويطلق عليهم اسم "
السفرديم " أو " السفارد " وهم اليهود الذين عاشوا فترات طويلة فى بلاد
المسلمين سواء فى الأندلس أو فى شمال إفريقيا أو فى مصر أو في تركيا أو
إيران ، وهؤلاء يتكلمون إما العربية وإما لغة أخرى تعرف باسم الادينو وهي
خليط بين العبرية والإسبانية ، ولذلك أطلق عليهم اسم السفرديين ، وسفردى
بمعنى أسبانى ، وهؤلاء معظمهم من أبناء اليهود الذين شتتهم الرومان من
فلسطين .
أما الطائفة الثالثة فهى يهود الفلاشاه وهي مشهورة وهم اليهود الذين يعيشون فى إفريقية وبالذات فى إثيوبيا .
إذاً
، فمعظم يهود العالم ليسوا من أبناء إسرائيل كما أن ليس كل أبناء إسرائيل
ظلوا على يهوديتهم ، فكثيرا من أبناء إسرائيل دخلوا النصرانية على مدار
عشرين قرنا سابقة ، وكثيرا أيضا دخلوا الإسلام على مدار الأربعة عشر قرنا
السابقة ، وهؤلاء النصارى والمسلمين وإن كانوا من أبناء إسرائيل إلّا أن
اليهود لا يدينون لهم بأى ولاء بل على العكس ، فإنهم يكنون إليهم كل
الكراهية والبغض .
ترى
ما الشيء الذي يمكن أن يجمع شتات اليهود من كل أنحاء العالم ؟ ، وما الشيء
الذي يحكم كل العنصريات المختلفة مثل العنصرية الروسية ، والأوروبية ،
والإفريقية ، والعتصرية التي من بنى إسرائيل ؟ ، إن هذا الشيء هو الديانة
اليهودية وليس العنصرية الإسرائيلية ، وهذا يعنى أن كلمة إسرائيل لا تمثل
حقيقة الدولة ، والتسمية الصحيحة المناسبة لها هى " دولة اليهود " ، وهذه
كانت التسمية التى طُرحت فى أروقة الأمم المتحدة قبل قيام إسرائيل Jewish state أو دولة اليهود .
ومع
ذلك لما قامت إسرائيل فى سنة 1948 سمت نفسها إسرائيل أتدرون لماذا ؟ ،
لأنها لو أطلقت على نفسها الدولة اليهودية ، لكان بالتبعية أن يُطلق على من
حولها الدولة الإسلامية وهذا شىء بالغ الخطورة على إسرائيل ، لأنها لا
تريد استثارة النوازع الدينية عند المسلمين ، ويصبح الإسلام فى مقابلة
اليهودية ويفقه المسلمون المعركة كما فقهها رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فهم يعلمون مواطن القوة فى جيش المسلمين ، والمسلمون لا يعلمون مواطن
القوة في جيشهم ، فاليهود يريدون أن يفهم المسلمون أن المعركة حرب بين
عنصرين ، بين أبناء إسرائيل وبين أبناء يَعْرُب العربى ، فتصبح إسرائيل في
مقابلة العرب ويصبح الصراع اسمه الصراع العربى الإسرائيلى وليس الصراع
الإسلامى اليهودى ، وشتان .
إن
اليهود قد قرأوا تاريخ المسلمين جيدا وعلموا أن لحظات الإنتفاضة الحقيقية
والنصر المبين للمسلمين لا تكون إلا تحت راية الإسلام ، أما غيرها من
الرايات فلا يتحقق تحتها أى نصر ، فقال اليهود فليحاربنا المسلمون تحت أى
راية فسوف ننتصر عليهم ، فليحاربونا تحت راية العروبة , أو الاشتراكية , أو
الرأس مالية ، أو الفلسطينية ، أو الفرعونية ، أو الفينيقية ، فالمهم ألا
تكون الراية راية الإسلام ، وانظر إلى كلام بن جوريون - أول رئيس
لإسرائيل إذ يقول ( نحن لا نخشى الاستراتيجيات
ولا الثوريات ولا الديموقراطيات فى المنطقة ، نحن فقط نخشى الإسلام ، هذا
المارد الذي نام طويلا وبدأ يتململ من جديد ) ، وشيمون بيريز فى مؤتمر إنتخابى كان يقول ( لا يمكن أبد أن يتحقق السلام فى المنطقة مادام الإسلام شاهراً سيفه ، ولن نطمن على مستقبلنا فى المنطقة حتى يغمد الإسلام سيفه ) ، وإن شاء الله سيخيب ظنه .
إذاً ، فالقتال تحت راية العروبة بدلا عن راية الإسلام شيء خطير جدا للأسباب التالية :
أولا : لأنه لا يهم من عاش فيها أولا والمهم متى فتحت .
ثانيا : لأننا لا يشرفنا الانتماء إلى كنعان العربى الوثني .
ثالثا : لأننا قد ننسى البلاد الإسلامية المحتلة وهى غير عربية .
رابعا : لأننا سنفقد الوحدة مع مليار مسلم غير عربى .
خامسا : وهو الأخطر على الإطلاق ، أننا سنفقد عنصر القوة الرئيسي ، وهو قوة العقيدة الإسلامية وتأييد رب العالمين .
ولعل سائل يسأل ويقول كون فلسطين عربية ألا يحدث أي تأثير ؟ .
أقول
هناك فرق ولكن ليس بسبب العنصر والأرض ولكن بسبب اللغة اللغة العربية ،
إنما العربية اللسان ، فمن تحدث العربية فهو عربى ولو كان أبواه من العجم ،
ومن لم يتحدثها فهو ليس بعربى ولو كان أبواه قريشيين ، وهذا هو المحك
الرئيسي ، فيجب أن نحث أولادنا وأنفسنا على تعلم اللغة العربية والإعتزاز
بها لأنها لغة القرآن ومشرفة على غيرها من اللغات ، وهى لغة أهل الجنة ،
أما الإعتزاز بالعنصر فهذا مرفوض تماما ، وطبعا الذى يتكلم اللغة العربية
يستطيع أن يقرأ القرآن ، ويفهم القرآن ، ويستنبط من القرآن ، وكذلك مع حديث
الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكذلك مع كتب الفقه والتفسير والعقيدة وغيرها
من الكتب ، وشتان بين اللغة الأصلية وبين التراجم .
هي
مهمة عظيمة عليها المسلمون العرب ، فعليهم أن يفقهوا الدين ويصلوا به إلى
غير العرب ، ويعلموهم اللغه العربية حتى يستمتعوا بالقرآن والحديث بأنفسهم ،
وهو أيضا واجب هام جدا لغير العرب أن يتعلموا العربية ويتخذوها بديلا عن
لغتهم ويربطوا أنفسهم بالكيان الإسلامى الكبير المجتمع على قرآن الله
سبحانه وتعالى وعلى حديث رسوله الكريم ، فبهذه اللغة يفهمون دستور حياتهم
ويفهمون سبيل حياتهم وأهل فلسطين جميعا يتكلمون العربية ويقرأون القرآن
ويفهمون الحديث ، وهذا يزيدهم شرفا إلى شرفهم وعزا إلى عزتهم لدينهم ولغتهم
وليس لعنصرهم وأصلهم .
كان هذا الاختيار الرابع وقد فندناه ، فنحن لا نحرر فلسطين لكونها عربية بل لكونها إسلامية .
هذه المقالة تكاد تكون منقولة بالنص من درس للدكتور راغب السرجاني
مركز تحميل الصور الاسلامية
تحدي بين مدرس يهودي وطالب مسلم
su-34
أركان الإسلام
a7dathalnihaya
a7dathalnihaya on livestream.com. Broadcast Live Free
0 التعليقات:
إرسال تعليق